بؤس خطابات حفتر

06 يوليو 2023
حفتر في بنغازي، ديسمبر 2022 (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يتوقف اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن تصدير الخطابات البائسة، ففي كل مرة يظهر ليتسوّل العودة للمشهد، تارة بالدعوة إلى المصالحة الوطنية، وأخرى بالحديث عن قيم الديمقراطية وتداول السلطة السلمي وضرورة إجراء الانتخابات كونها الحل الوحيد لأزمة البلاد.

يتجاهل حفتر أن حروبه هي التي كانت سبباً في حاجة البلاد للمصالحة، ويتناسى أنه من وأد العديد من المبادرات الجادة التي كان فيها الليبيون على شفا اتفاقات كانت ستصل بالبلاد إلى انتخابات منذ سنوات.

آخر تلك الخطابات البائسة، دعا فيها حفتر إلى تشكيل لجنة تشرف على توزيع عائدات النفط بشكل عادل على أنحاء البلاد، ليتسنّى لليبي التمتع بخيراته في بلاده، وهدّد في ذات الوقت، في تناقض فاضح، بوقف تدفق النفط إن لم يتم تشكيل تلك اللجنة، وهو ما سيُضاعف معاناة المواطن.

لم تعد خطابات حفتر تلقى أصداء واهتماماً إلا في سياق التندّر والاندهاش من تناقضاته ومحاولاته استجداء عاطفة المواطن. فلم ينته خطابه الأخير حتى تدفق سيل من التعليقات عبر صفحات النشطاء، اقتطف خلالها الكثير منهم مقاطع من حديثه عن حرص جيشه المزعوم على مقدرات البلاد.

كما حضرت الأرقام التي سرد ليبيون من خلالها حالة الفقر التي يعيشها الليبي رفقة صور حفتر، والتي ظهر فيها إثر انتهاء خطابه وهو يتسلم هدايا باهظة الثمن من أنصاره، من بينها بندقية مطليّة بالذهب.

وذكّر متابعون لخطابه، في ثنايا تعليقاتهم، بتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة عام 2018 وهي تكشف وثائق ومستندات عن اقتحام نجله صدام لفرع البنك المركزي في بنغازي، واستيلائه على أموال قُدّرت بنحو 639 مليون دينار ليبي (132 مليون دولار اليوم) و159 مليون يورو و1.9 مليون دولار، وحالة الثراء الفاحش التي تعيشها أسرته، في الوقت الذي تواجه فيه بنغازي، والتي تقع تحت سيطرته، تردياً خدمياً ومعيشياً للأجزاء المتبقية منها. أما ما دمرته حروبه فلا يزال ركاماً حتى الآن.

ومثل هذه المتابعات المنتقدة والمتزايدة لخطاباته، تكشف عن حقيقة انكسار حفتر، وأنه انكسار مستمر ولم يتوقف عند هزيمته جنوب طرابلس، بل انكسار في كلّ المستويات، فمن ذا الذي بات اليوم يمكنه الاقتناع بأن من ترك وراءه عشرات المقابر الجماعية من المدنيين في ترهونة (جنوب شرق العاصمة طرابلس، شهدت مجازر جماعية بحق المدنيين بين 2016 و2020)، وأسرهم لا تزال إلى اليوم تبكيهم، يمكنه أن يتحدث عن حق المواطن في العيش الكريم والحرص على حصوله على نصيبه من ثروات البلاد؟