تحاول سلطات الانقلاب العسكري في السودان كسر شوكة العصيان المدني والإضراب العام المعلنين في البلاد رفضاً للانقلاب، ودعماً لعودة الحكومة المدنية.
وذكر بيان صادر عن تجمع العاملين في قطاع النفط، مساء أمس الاثنين، أنّ القوات الأمنية والعسكرية الوطنية "تحاول إسكات غضب الشارع وكسر عزيمة الثوار، لإنهاء حالة العصيان المدني الشامل التى أعلنتها كافة القطاعات الخاصة والعامة في السودان"، موضحاً أنّ القوات الأمنية استهدفت كفاءات وقيادات قطاع النفط باعتقال المدير العام المكلف للشركة السودانية للبترول "سودابت" المهندس فضل عبد الله أبو شوك، وموظفين آخرين من موظفي الشركة، كما داهمت القوات الأمنية منزل المدير العام أيمن أبو الجوخ، الذي ما زال حراً بسبب عدم وجوده في المنزل وقت المداهمة.
واستنكر البيان "بأقصى العبارات والغضب تلك التصرفات الهوجاء، التي تذكر بممارسات وأساليب نظام الرئيس المعزول عمر البشير وحزبه المحلول البائد"، وطالب "بالإطلاق الفوري للمعتقلين جميعاً من غير شرط أو قيد"، وتعهد العاملون في قطاع النفط "بالوقوف في خندق واحد مع كافة التجمعات والقطاعات المدنية والمهنية السودانية واللجان التسييرية ولجان المقاومة الموحدة، ولا خوف ولا تراجع عن طريق وآمال شهداء الثورة في الحرية والسلام والعدالة ودولة المدنيين".
من جهة أخرى، ذكر بيان من لجنة المعلمين السودانيين أنّ مدير عام التربية والتعليم في ولاية الخرطوم رفض التعامل مع سلطة الانقلاب، ما حدا بوالي الولاية الانقلابي إلى إصدار قرار قضى بإعفاء محمد إبراهيم، مدير عام التربية والتعليم بولاية الخرطوم، وتعيين أحد فلول النظام القديم في مكانه، وأشارت اللجنة إلى أن "تلك الخطوة تبين الوجه الحقيقي للانقلابيين، وحقيقة ارتماء المكون العسكري في أحضان جماعة النظام المباد".
وأكدت لجنة المعلمين السودانيين رفضها لما يحدث، ومقاومته بكل السبل السلمية المجربة، ووعدت باستمرار العصيان المدني والإضراب السياسي، وفق البيان.
أما على صعيد الأطباء، فقد نشرت لجنة الأطباء المركزية منشوراً على صفحتها في "فيسبوك"، ذكّرت فيه قاعدة الكوادر الطبية بآليات مقاومة الانقلاب العسكري، وطالبتهم بالانسحاب الكامل من مستشفيات القوات النظامية في العاصمة والأقاليم بما يشمل كل مستشفيات السلاح الطبي، وكل مستشفيات الشرطة، وكل مستشفيات جهاز الأمن بشكله القديم والجديد، والإضراب عن الحالات الباردة في مستشفيات وزارة الصحة، مع الالتزام المهني والأخلاقي بتغطية أقسام الطوارئ والإصابات في كل الأقسام، وأقسام غسيل الكلى، وأقسام العناية المكثفة وعناية القلب، وجميع حالات الأطفال.
وأعلن تجمع المصرفيين السودانيين عن استئناف العمل بالبنوك لعدة أيام، حتى يتمكن الموظفون من صرف رواتبهم الشهرية.
العسكر قد يعلنون اسم رئيس وزراء جديد في السودان حال تعذر المفاوضات مع حمدوك
سياسياً، دخلت الوساطات بين المكون العسكري والمكون المدني أشواطها الأخيرة للإعلان عن فشلها أو نجاحها. وطبقاً لمصادر"العربي الجديد"، فإنّ قادة الانقلاب يفكرون بجدية في الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد خلال نهاية اليوم، أو صباح الغد، حال تعذر المفاوضات بينهم وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وأمس الاثنين، جدد حمدوك، لدى لقائه سفراء الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة، تمسكه بشرعية حكومته والمؤسسات الانتقالية، وأكد أنّ إطلاق سراح الوزراء، ومزاولة مجلس الوزراء بكامل عضويته أعماله، هما مدخل لحل الأزمة.
قادة الانقلاب يفكرون بجدية في الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد خلال نهاية اليوم أو صباح الغد حال تعذر المفاوضات بينهم وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك
وتعهد رئيس الوزراء بأنه لن يكون طرفاً في أي ترتيبات وفقاً للقرارات الانقلابية الصادرة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشترطاً إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ذلك التاريخ، وإلغاء كل القرارات غير الدستورية الصادرة عن قائد الجيش، طبقاً لما أوردته صفحة وزارة الثقافة والإعلام في "فيسبوك".
فيلتمان يطالب البرهان باتخاذ خطوات لاستعادة الحكومة في السودان
على صعيد المواقف الدولية، جدد مبعوث الولايات المتحدة الخاص لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، اليوم الثلاثاء، دعوة واشنطن لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لإعادة الحكومة وإطلاق سراح جميع المدنيين المحتجزين في إطار الانقلاب العسكري.
وقال جيفري فيلتمان، للصحافيين وفق ما نقلته "رويترز"، إنّ كلا الجانبين المدني والعسكري أظهرا ضبطا للنفس في الاحتجاجات يوم السبت الماضي، "مما كان مؤشراً على أنّ الجانبين يدركان أنهما بحاجة إلى العمل معاً لإيجاد طريقة للعودة إلى مرحلة انتقالية تشمل كلاً من العسكريين والمدنيين".