انقسام داخل "الإطار التنسيقي" بشأن قانون الوجود الأميركي في العراق

15 فبراير 2024
يحتاج تشريع القانون إلى تصويت النصف زائداً واحداً في البرلمان (Getty)
+ الخط -

يتواصل الجدل في العراق بشأن تشريع قانون "إنهاء الوجود الأميركي" بالبلاد، منذ فشل جلسة البرلمان الاستثنائية، السبت الماضي، التي تغّيب عنها نحو ثلثي عدد النواب، فيما يلتزم نواب "الإطار التنسيقي" الصمت إزاء تمرير القانون عبر الأغلبية، وهو ما يرجّح فرضية الانقسام داخل الإطار، وعدم القبول بالقانون. 

ووسط تعهدات بتشريع القانون في الفترة القريبة المقبلة، أثار سياسيون عراقيون تساؤلات عن سبب عدم لجوء قوى "الإطار التنسيقي" إلى مبدأ "الأغلبية العددية" في البرلمان لتمرير القانون، معتبرين ذلك مؤشراً واضحاً على عدم رغبتهم في إمضاء القانون، ومحاولة قادة التحالف عدم الاصطدام أكثر مع واشنطن.

وتتبنى قوى "الإطار التنسيقي" المطالبة بتشريع القانون، وكان نحو 100 نائب منها قد وقّعوا الأسبوع الفائت على طلب عقد جلسة السبت، قالوا إنها من أجل تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق وتفعيل قرار البرلمان السابق حول ذلك، إلا أن الجلسة لم يحضرها إلا نحو 76 نائباً فقط، إذ تغيّب نحو 60 نائباً من "الإطار" تحديداً، فضلاً عن مقاطعة القوى والكردية والسُّنية، وقد أحال النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، الطلب على اللجنتين القانونية والأمن البرلمانيتين لمراجعته.

ومنذ فشل الجلسة وما سببته من إحراج للقوى المطالبة بتشريع القانون، تتصاعد حدة الجدل والاتهامات بشأنها، خصوصاً أن قوى "الإطار التنسيقي" تحاول التنصل من مسؤولية ذلك، متهمة في حملة إعلامية متواصلة القوى الكردية والسنية بالسعي لإفشال مساعيها. 

انقسام داخل "الإطار التنسيقي" في العراق

ورغم ذلك، يبدو موقف "الإطار التنسيقي" محرجاً، خصوصاً أنه وحده قد تبنى المشروع، وقد تحدث عدد من نوابه قُبيل عقد الجلسة بأنهم يمتلكون الأغلبية العددية في البرلمان التي تؤهلهم لتشريع القانون، وأنهم لا يحتاجون القوى الأخرى لتشريعه، غير أنهم التزموا الصمت إزاء موضوع "الأغلبية"، وهو ما يرجح فرضية الانقسام داخل الإطار، وعدم القبول بالقانون.

وأمس الأربعاء، أكد النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، محسن المندلاوي، لرئيس السلطة القضائية الإيراني، غلام حسين ايجئي، والسفير الإيراني لدى العراق محمد آل صادق، أن الأسابيع المقبلة ستشهد تشريع قانون إنهاء الوجود الأميركي في العراق.

وبحسب بيان، فإن المندلاوي الذي يقوم حالياً بمهام رئيس البرلمان، شدد على أن "الاعتداءات الأميركية المتكررة على المواقع والشخصيات العراقية مخالفة للقانون الدولي، ومن شأنها تعكير العلاقات بين البلدين (بغداد وواشنطن)، وأن الفترة المقبلة ستشهد تشريع قانون لإنهاء الوجود بالكامل، وأن العراق بلد قوي لا يحتاج إلى قوات أجنبية لحمايته".

كذلك بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الملف، وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أن "اللقاء ناقش ملف وجود التحالف الدولي على الأرض العراقية، ونتائج اللقاءات التي عُقدت بين الجانبين في هذا الشأن، حيث تم تأكيد دعم إجراءات الحكومة في إنهاء وجود التحالف والانتقال إلى العلاقة الثنائية مع الدول الأعضاء فيه".

من جهته، أكد نائب في تحالف "الإطار التنسيقي"، أن "فصائل المقاومة وجزءاً من الإطار التنسيقي، يضغطان باتجاه تمرير القانون في البرلمان، عبر اعتماد مبدأ الأغلبية العددية، من دون الحاجة إلى دعم القوى الأخرى من خارج الإطار التنسيقي"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الطرح لم يظهر للعلن، وتتم مناقشته من قبل قيادات محدودة في الإطار حصراً، خوفاً من الإحراج".

وأوضح أن "الجماعة الضاغطة أصبحت على يقين بوجود جزء مهم من التحالف (الإطار التنسيقي) لا يريدون الدخول بمواجهة أو اصطدام سياسي مع واشنطن عبر تبني التصويت لصالح إخراج القوات الأميركية، وأن أي محاولة للدفع باتجاه التصويت باعتماد الأغلبية، ستكون لها تداعيات سلبية على وحدة الإطار التنسيقي، وعلى إظهار انقسامه تجاه قضية تعدّها بعض أطراف الإطار من القضايا المصيرية".

ويحتاج تشريع القانون إلى تصويت النصف زائداً واحداً، أي إن 165 نائباً من أصل 329 إن صوتوا فإنه يجري تشريعه، في وقت يمتلك فيه "الإطار التنسيقي" 168 نائباً، وهو ما يجعله محققاً للأغلبية العددية، من دون الحاجة لأي قوى أخرى.

تصريحات مرتبكة

تصريحات بعض قوى في "الإطار" بدت مرتبكة بشأن الملف، وتحاول أن تخرج الملف من دائرة البرلمان إلى ساحة الحكومة دفعاً للحرج. في هذا الإطار، قال عضو ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، جاسم محمد جعفر، إن تحالفه مع "إخراج القوات البرية والقوات المقاتلة من العراق، لكننا نحترم قرار الحكومة عندما ترى أن بقاءهم لفترة معينة ضروري لسبب حسم المعركة مع داعش".

وقال جعفر، في تصريح صحافي، إن "إخراج القوات الأميركية وقوات التحالف من العراق شأن حكومي بحت، لأنه حسب الاتفاقية هو خروج القوات بعد أحداث "داعش"، وعادت هذه القوات بطلب من الحكومة، وإن إخراجهم يجب أن يكون من طريق الحكومة"، مشدداً على أنه "ليس من الصحيح أن ندخل البرلمان أو ندخل الجماهير في هذه القضية، لأنها تؤثر في العلاقة بين المكونات، كما حدث في جلسة البرلمان رأينا أن الكرد والسُّنة لا يؤيدون القانون".

وأشار إلى أن "كل هذه المسائل تتعلق بالحكومة، ونحن نحترم قرارها، ولكن نحن مع خروج هذه القوات بأسرع فرصة ممكنة".

وسبق أن اعتمدت الكتلة الكبرى في البرلمان العراقي على الأغلبية العددية في تشريع عدد من القوانين، ومنها التصويت على قانون يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأميركية من العراق عام 2022، بعد اغتيال واشنطن زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني قرب مطار بغداد، كذلك جرى تمرير قانون الاقتراض، والتصويت على فقرة الدوائر المتعددة ضمن قانون الانتخابات الجديد، وغيرها من القوانين.

المساهمون