انفلات أمني في بنغازي... صراع بين حفتر وأنصار القذافي

27 يناير 2021
صراع متنامٍ بين حفتر وأنصار القذافي (محمود تركيا/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد أسابيع من كتمان قيادة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر خبر بروز تيّار مسلّح معارض في بنغازي، ممثل في أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، أقرّت، أخيراً، مديرية الأمن في بنغازي بوجود صراع "يشتد" في المدينة، وبأن "المؤامرات لا ترحم أحداً"، مؤكدة أن "حالات العبث تتزايد وتتفاقم بشوارع المدينة". 
وطالب رئيس قسم الشرطة في مديرية أمن بنغازي المقدم جمال العمامي، خلال مداخلة في وقت متأخر ليل أمس الثلاثاء على قناة تابعة لحفتر؛ أهالي المدينة بمساعدة أفراد أجهزة الأمن لـ"رفع من مستوى الاستقرار والأمن في بنغازي". 
وأشار في السياق إلى أن حملة كبيرة نفذها أفراد مديرته لإزالة "الفاميه" عن زجاج السيارات، خلال العشرة أيام الماضية، لـ"الحد من ظاهرة الاختطاف والقتل"، التي اتّهم أيادي مجهولة بتنفيذها "لكي يثبتوا للعالم أن لا مؤسسات ولا شرطة ولا جيش في مدينة بنغازي، وأن الإرهاب هو السائد فيها". 
وجاء إقرار المسؤول الأمني بعد تزايد موجة الانفلات الأمني، متزامنةً مع حملات مداهمة للمنازل واعتقالات الواسعة، وسط عودة ظاهرة الجثث المرمية على الطرقات، التي تبادلت تنفيذها مليشيات حفتر ومليشيات أخرى من أنصار نظام القذافي. 

 

وازداد الوضع الأمني سوءاً في بنغازي، لا سيما بعد إفشال حفتر ومليشياته محاولة الانقلاب، التي أعد لها عدد من رموز النظام السابق في بنغازي، خلال الشهر الماضي، واعتقل على إثرها مدير مكتب حفتر الخاص، خيري التميمي، بالإضافة إلى اثنين من أبرز القيادات وهما كنان مصطفى الفيتوري، وهيبلو ناصر القذافي.
ووفق مصدر أمني رفيع من بنغازي، فإن محاولة الانقلاب جاءت بعد رفض حفتر مطالب عدد من رموز النظام السابق، والقاضية بفتح مكاتب سياسية في بنغازي ومناطق شرق البلاد، ليتصاعد الموقف بشكل حاد في المدينة مع بدء حفتر ومليشياته ملاحقة خيوط الانقلاب. 
ويذكر أنه على إثر انكسار حملة حفتر العسكرية على طرابلس وانسحاب مليشياته، انسحبت معها مليشيات أخرى من أنصار العقيد الراحل معمر القذافي، بينها مليشيات الكانيات، التي كانت تتخذ من ترهونة (جنوب شرق العاصمة)، مقراً لها.

 

وتتألف مليشيات الكانيات من مزيج من مسلحين تابعين لكتائب القذافي، أبرزها اللواء 32 معزز، وتحالفت مع حفتر أثناء حربه على طرابلس. 
إلى ذلك، رفض المتحدث الرسمي باسم المكتب الإعلام بوزارة الداخلية، في الحكومة الموازية (شرقاً)، طارق الخراز، التعليق على اعتراف العمامي بوجود "صراع" في مدينة بنغازي، لكنه قال، لـ"العربي الجديد"، إن قرار إزالة "الفاميه" عن زجاج السيارات، يأتي تنفيذاً لقانون المرور.
وعلّل الخراز حملة مليشيات حفتر الجارية بالمدينة، بأنها "استمراراً لتنفيذ عملية فرض القانون"، التي أطلقها اللواء المتقاعد منذ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. 
في حين، أكد مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، أن "عملية فرض القانون كانت غطاءً لحملة أمنية استبقت حراك أنصار القذافي، بعد ورود معلومات لحفتر عن عملية الانقلاب".
بينما يؤكّد الناشط السياسي من بنغازي عقيلة الأطرش، لـ"العربي الجديد"، أن اعتراف العمامي بوجود صراع ما هو إلا إقرار واضح بالمساعي المستمر من جانب أنصار القذافي لإثبات وجودهم والبقاء في مقراتهم في بنغازي.

 

وبحسب معلوماته، فإن أنصار النظام السابق، طالبوا حفتر بتقاسم السيطرة على بنغازي، وضرورة اعترافه بحقوقهم السياسية، على أن ينشطوا في أحياء بوعطني وسيدي منصور والقوارشة، وهي الأحياء التي تشتد فيها حملة حفتر الأمنية. 
وأخيراً، برزت تصريحات عدائية من جانب مليشيات حفتر ضد مليشيات أنصار النظام السابق في بنغازي، والتي كان آخرها تهديد القيادي بقوات الصاعقة التابعة لحفتر، الشريف المرغني، مسلحي مليشيات الكانيات بـ"التنكيل" بأسرهم الفارة معهم إلى بنغازي.

وعلى صعيد متصل بالتطورات في بنغازي، يرى الأطرش أن تراجع سيطرة حفتر على بنغازي شجّع المواطنين على الاحتجاج على سوء الأوضاع، والمطالبة بحقوقهم وممتلكاتهم التي نهبتها مليشيات حفتر. 
وكانت وسائل إعلام ليبية قد تناقلت، أخيراً، صوراً عن وقفة احتجاجية نظمها مواطنون في حي الهواري بالمدينة، للمطالبة برجوعهم إلى مساكنهم، التي يبدو أن مليشيات تابعة لحفتر اتخذت منها مقرات لها. 

وفي الآونة الأخيرة، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة تظهر جثث رجال أعمال وشخصيات عسكرية وجدت على قارعة الطرقات بعد أيام من اختطافها.
ويؤكد المصدر الأمني من بنغازي، لـ"العربي الجديد"، أن عمليات الخطف والقتل تلك نفذتها مليشيات الطرفين، كاشفاً في المقابل عن خطة جديدة يعد لها حفتر لتقويض قوة المليشيات المعارضة له تزامناً مع حملة إعلامية تروّج لها وسائل إعلامه، عن عودة التنظيمات الإرهابية للمدينة. 
ويلخّص الناشط السياسي من بنغازي عقيلة الأطرش الوضع في بنغازي بأنه مزيج بين الصدام المتنامي بين حفتر وأنصار النظام السابق، إثر محاولة الجانب الأخير استغلال ضعف حفتر للتموضع في المشهد، من جهة. ومن جهة ثانية، الاحتقان الشعبي والقبلي من عنف مليشيات حفتر طيلة السنوات الماضية.
والسبت الماضي، انتقد الشيخ أسامة بوحلاق إحدى زعامات قبيلة العواقير، ظاهرة السيارات المظللة، وطالب بضرورة وضع حد لها، متسائلاً عن هوية الملثمين الذين يقودون تلك السيارات. 
وخلال مقطع مصور، وصف بوحلاق المدينة بـ"المخنوقة"، وأمهل الأجهزة الأمنية "فترة"، لم يحددها، قبل أن "ينزل شباب المدينة للشوارع" لوقف ظاهرة الجثث الملقاة على الطرقات، وفق قوله.