تنطلق اليوم الثلاثاء المرافعات في محاكمة المتهمين باغتيال المحامي والسياسي اليساري شكري بلعيد في المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس، بعد 11 عاما من مقتله أمام منزله رميا بالرصاص في السادس من فبراير/ شباط 2013.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2014، أعلن مسلحون في تنظيم "داعش" الإرهابي، في شريط فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤوليتهم عن عملية اغتيال المعارضين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، الذي قتل بدوره بالرصاص في يوليو/ تموز 2013.
ويواجه نحو 40 متهماً، بحسب تصريحات قضائية، تهم "القتل العمد، والتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية، والانضمام إلى مجموعات لها علاقة بتنظيم إرهابي، وجمع تبرعات لتمويل أشخاص لهم علاقة بأنشطة إرهابية، وتوفير أسلحة ومتفجرات لصالح تنظيم له علاقة بجرائم إرهابية".
وأدت عملية اغتيال بلعيد، ومن بعده البراهمي في العام نفسه 2013، إلى أزمة سياسية في البلاد غيرت مسار الحكم وانتهت بتغيير الحكومة الائتلافية المكونة من "ترويكا" أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل، وتعويضها بحكومة من المستقلين وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في 2014.
ويتهم حزب بلعيد "الوطنيون الديمقراطيون الموحد" وهيئة الدفاع عنه حركة النهضة بالوقوف وراء اغتيال بلعيد، وهو الأمر الذي نفته النهضة مرارا، معتبرة أنها أكثر الأطراف تضررا من جريمة الاغتيال بتخليها عن السلطة والحكم في 2013، ومؤكدة أن "هذه الاتهامات توظيف سياسي للقضية دون براهين، وإثارة للفتنة بهدف إطاحة مسار الانتقال الديمقراطي".
وأعلنت الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين في بيان، قبل يومين، أن جلسة المرافعة في اغتيال المحامي شكري بلعيد ستنطلق الثلاثاء 6 فبراير/ شباط تزامناً مع الذكرى الحادية عشرة لاغتياله.
ويرجح أن تكون المرافعات اليوم طويلة جدا بالنظر لعدد المحامين المشاركين الذين تقدموا بالتوكيلات وطلبوا الترافع في هذه القضية.
واعتبر المحلل السياسي وأستاذ التاريخ بالجامعة التونسية محمد ضيف الله، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قضية اغتيال شكري بلعيد غيّرت مجرى التاريخ بعد الثورة، إذ يتم استذكارها واستعادتها سنوياً وبشكل دوري".
وأضاف: "عقدت هيئة الدفاع ندوات صحافية دورية، ولكن بعد 25 يوليو/ تموز 2021، وبعد قرار ختم البحث الذي أصدره قاضي التحقيق صمتت تقريبا هيئة الدفاع ولم تعد هناك مستجدات لتقديمها .. في هذه الحالة لم يكن هناك من راهنية عكس ما كانت عليه قبل 25 يوليو".
وتابع أن "الاغتيالات غيّرت مسار التاريخ وأثّرت في محطات كبرى مثل الحرب العالمية، وعادة ما تكون لتحريف الأنظار عن القضايا الرئيسية نحو قضية أخرى لإلهاء الرأي العام، وبالفعل كان اغتيال بلعيد من القضايا الكبرى التي طرحت في السنوات الأولى من الثورة، وحتى عندما لم تؤد إلى نتائج حاسمة وقع اغتيال ثان بعدها لمحمد البراهمي وبينهما بعض الأشهر.. هذه الاغتيالات تحدث عادة في فترات حرجة أو هشة، وغالبا لا يعرف من قام بالاغتيالات، وتبقى الجهات مجهولة وتمثل لغزا".
واستطرد قائلا: "في تونس تم اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد ولم يتم التأكد من اغتياله من قبل المخابرات الفرنسية إلا بعد نحو 60 عاما من اغتياله واتهمت (اليد الحمراء)، وهي شيء من وحي الخيال وعصابة غير موجودة حقيقة، وعند اغتياله فُتحت فرضيات اتهام الشيوعيين بسبب خلافهم معه منذ تأسيس اتحاد الشغل وحتى اتهام أصدقائه في الحركة الوطنية".
وأشار ضيف الله إلى أن "عديد الاغتيالات بقيت مجهولة، على غرار مقتل المنصف باي في منفاه، بينما هناك قضايا أخرى يتم تضخيمها وتوظيفها، فمن خطط لاغتيال بلعيد تمكن من الإجهاز على الثورة حتى تم الإعلان عن 25 يوليو/ تموز 2021"، بحسب رأيه.