بعد إلغاء المؤتمرات الإقليمية بسبب أزمة كورونا، انطلقت الحملة الداخلية للمرشحين الثلاثة لزعامة حزب المستشارة أنجيلا ميركل، "المسيحي الديمقراطي" عبر الفيديو، وذلك لخلافة الزعيمة الحالية أنغريت كرامب كارنباور التي أعلنت استقالتها في شهر فبراير/ شباط الماضي، ولا يزال الحزب العريق من دون رئيس جديد منتخب، وقبل أقل من عام على الانتخابات البرلمانية العامة المقررة خريف عام 2021.
ففي نهاية الأسبوع الماضي، دعا اتحاد الشباب في الحزب، المرشحين الثلاثة: رئيس وزراء ولاية شمال الراين فستفاليا ارمين لاشيت، والرئيس الأسبق لكتلة "المسيحي الديمقراطي" فريدريش ميرز، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ نوربرت روتغن لمناظرة في برلين، لإطلاع الرفاق في الحزب على طروحاتهم المستقبلية لحزبهم، كما وتوجهاتهم ومقاربتهم للعديد من الملفات والتحديات.
وجمع اللقاء المرشحين الثلاثة للمرة الأولى على مسرح في استوديو ضمّ 11 كاميرا، من دون حضور أعضاء اتحاد شباب الحزب شخصياً، إنما رقمياً عبر شاشة الفيديو. ومن المفترض أن يكون اللقاء بمثابة إشارة حاسمة بشأن من سيرأس أكبر حزب في ألمانيا مستقبلاً، ومن سيقوده إلى الانتخابات العامة، وسط منافسة سيتبارز فيها "الاتحاد المسيحي" مع "الاشتراكي الديمقراطي" و"الخضر" أولاً، وحيث سيكون لمندوبي اتحاد الشباب في الحزب مدة أسبوعين للتصويت للشخصية المناسبة لتولي قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، وحيث من المحتمل أن يكون المرشح لمنصب المستشار.
ووفق ما قال رئيس اتحاد شباب الحزب تيلمان كوبان لشبكة "آيه أر دي"، فإن نتيجة هذا الاستطلاع ستكون حاسمة بالنسبة إليه لمن سينتخب في مؤتمر الحزب في مدينة شتوتغارت بداية شهر ديسمبر/كانون الأول، وستحدد مزاج المندوبين البالغ عددهم 100، على الرغم من أن الانتخابات سرية، فالمرشح الذي يستطيع إقناع المندوبين الشباب، ستكون له الأفضلية على غيره من ناحية عدد الأصوات التي يدلي بها 1001 مندوب في المؤتمر الحزبي العام، بينهم من هو متعاطف، فيما هناك متذمرون وكثير من المترددين.
وفي هذا السياق، يعزو كوبان سبب التردد لدى هؤلاء، إلى عدم اتخاذ المرشحين الثلاثة أي موقف واضح في ما يتعلق بالعديد من المطالب المحددة لاتحاد الشباب، مثل التنازل عن حصة البلديات في الاتفاقية الرقمية للمدارس، أو ربط المدن الكبرى في أوروبا بقطارات سريعة، أو رفع حدّ الساعات للوظائف الصغيرة.
وفي السياق، أبرز لاشيت، الذي يحكم أكبر الولايات الفيدرالية، أنه الرجل المناسب لمنصب المستشار، وهو الوسيط المتوازن، وله القدرة على التعامل مع جميع التيارات السياسية بشكل جيد، قبل أن يشدد على أهمية تماسك المجتمع والحفاظ على الحريات، وتعزيز الاقتصاد، وحماية المناخ، وتوسع العمل في مجالات الطاقة المتجددة، فيما اعتبر ميرز أنه يؤيد التجديد، بعد أن أصبحت الدولة هرمة للغاية، واعداً الشباب بأنه لن يكون هناك المزيد من القرارات على حساب الأجيال القادمة.
وشدد ميرز على أهمية الخروج من أزمة كورونا لتبعاتها السلبية من الناحية الاقتصادية والمالية، ومساندة الشركات الناشئة والتطوير في مجال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.
بدوره، رأى المرشح روتغن، الذي لطالما اعتُبر دخيلاً على المنافسة، أن الإدارة في ألمانيا بطيئة للغاية، وتعوق الابتكار، وأن هناك حاجة إلى ثقافة مختلفة في ألمانيا، فالألمان لديهم عقلية أمان واضحة للغاية، ونحن متأخرون من عشرة إلى عشرين سنة مقارنة ببلدان مثل إستونيا في مجال الرقمنة، ولذلك سيتعين على "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" أن يغيّر إن أراد الحفاظ على حضوره كحزب الشعب. وأشار إلى أن هناك أزمة في الفيدرالية التعليمية، وهذا ما اعترض عليه لاشيت، موضحاً في كلامه أن الاعتقاد بأن التعليم سيكون أفضل إذا ما سيطرت الحكومة الفيدرالية على كل شيء، أمر خاطئ.
وعن كيفية التعامل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى الشباب في شرق البلاد، أفاد لاشيت بأنّ من المهم اعتماد مسار واضح من دون استياء، وبالتالي تطبيق القانون. وقال: "للمضطهدين حق اللجوء"، في ردّ على السياسة المعتمدة من قبل اليمين بتجييش الرأي العام ضد اللاجئين والسياسة المتبعة من قبل الأحزاب التقليدية.
بدوره، اعتبر روتغن أنه يجب "معارضة خطاب الكراهية بحزم"، فيما رأى ميرز أن حزباً بحجم "المسيحي الديمقراطي" لا يجب أن يقيس نفسه على الأحزاب الأخرى، وبدلاً من ذلك، يجبر الأحزاب الأخرى على اتخاذ تدابير ضده، ويجب ألا نخاف من التناقض، وأنه لا يمكننا إرضاء الجميع، وعلينا اتخاذ مواقف واضحة، وفق تعبيره.
وفي تقييم لمسار النقاش والأمسية التي خاضها المرشحون الثلاثة، اعتبرت "زود دويشته تسايتونغ" أنه لا يوجد رابح، ولكن ليس هناك من خاسر، وأن الاختلافات في الرأي كانت طفيفة.
تجدر الإشارة إلى أن "المسيحي الديمقراطي"، بفعل تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في مدينة شتوتغارت، وفي إجراء احترازي، يخطط لنقل المؤتمر إلى مدينة أخرى قد تكون لايبزيغ.