انتهاكات السجون العراقية تعيد المطالبة بإقرار قانون العفو العام

07 فبراير 2024
أقر البرلمان العراقي قانون العفو العام في نهاية أغسطس 2016 بعد خلافات سياسية (فرانس برس)
+ الخط -

جددت قوى سياسية عراقية، اليوم الأربعاء، مطالبتها بإقرار قانون العفو العام، الذي يثار بشأنه جدل سياسي، محذرة من استمرار "الانتهاكات الخطيرة" التي تسجل في السجون العراقية، مؤكدة ضرورة إخراج القانون من دائرة السجال السياسي.

ويعد سجن الناصرية المركزي، المعروف أيضا باسم "سجن الحوت"، من أكثر السجون التي تسجل فيها انتهاكات ووفيات غير طبيعية، وكانت مصادر أمنية من داخل السجن أكدت، في الـ20 من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لـ"العربي الجديد"، تنفيذ أحكام إعدام بحق مدانين دون إعلان ذلك خلال الشهرين الماضيين، في خطوة تشي بوجود نهج جديد في التعامل مع ملف المحكومين بالإعدام، دون إحداث أي ضجة شعبية أو إعلامية.

وأدين أغلب المحكومين بالإعدام خلال فترتي حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية (2006 - 2014)، وفترة الحرب على تنظيم "داعش" (2014-2017).

ويُعتبر ملف السجناء العراقيين، خصوصاً المحكومين بالإعدام، والذين يتجاوز عددهم 17 ألف شخص، من أبرز القضايا التي شكّلت جدلاً سياسياً وشعبياً وإعلامياً واسعاً في البلاد خلال السنوات الماضية، إذ أدين معظمهم وفقاً لمعلومات "المخبر السري"، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية.

ووعدت القوى العربية السُّنية جمهورها، خلال الانتخابات الأخيرة، بالمضي في إقرار قانون العفو العام، الذي يتضمن توفير ظروف قانونية لإعادة محاكمة السجناء، لضمان العدالة القضائية.

"وصمة عار"

واليوم الأربعاء، رأى رئيس كتلة تحالف "العزم" بمحافظة ديالى، النائب رعد الدهلكي، أن "ما تناقلته مؤسسات إعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي من صور للمعتقل محمد تركي محمد الزوبعي لفترة تجاوزت الـ 16 عاماً، الذي توفي بسبب الإهمال الطبي وعدم توفير العلاج له بعد إصابته بالتدرن الرئوي والفشل الكلوي.. دون أدنى مراعاة لمعايير الإنسانية واحترام حقوق الإنسان، في موقف معيب، يمثل وصمة عار لكل مفاهيم حقوق الإنسان في العراق".

وشدد أن "ما جرى ويجري داخل السجون نضعه أمام أنظار رئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ووزير العدل، وجميع القوى السياسية والدينية في العراق الجديد، لتوضيح ما يجري"، متسائلا "هل هذا هو العراق الديمقراطي الذي يحترم الإنسان؟".

وأضاف أن "المعتقل مهما كانت جريمته ينبغي التعامل معه بإنسانية وفقاً للقانون، لكن ما نراه من فظائع تجري خلف القضبان يجعلنا أمام موقف إنساني وأخلاقي في إنهاء هذه الفوضى، والتحرك الفوري للتحقيق في كل ما يجري داخل السجون".

ودعا إلى "تشريع قانون العفو العام وإخراج جميع المعتقلين بالتهم الكيدية والمخبر السري، وإبعاد هذا الملف الإنساني عن المزايدات السياسية أو الأحقاد الطائفية التي أضاعت البلاد والعباد، مع التشديد على توفير الوضع الملائم داخل السجون من ناحية الطعام أو العلاج، ومحاسبة جميع المقصرين في التعامل مع هذا الملف".

من جهته، أكد عضو في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، أن "شبهات كثيرة تدور حول حالات الوفاة في سجن الحوت"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أن "هناك تكتماً من إدارة السجن الذي يفقد معايير حقوق الإنسان، وهو ما يتطلب فتح تحقيق حكومي وإشراك لجنة حقوق الإنسان فيه".

وأضاف، أن "هناك صعوبات تواجهها لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في محاولاتها زيارة السجن"، مشدداً على "متابعة الملف بموازاة السعي لإقرار قانون العفو العام".

عفوٌ "أفرغ من محتواه"

وأثار قانون العفو العام الذي نص اتفاق تشكيل حكومة محمد شياع السوداني على إقراره، سجالاً سياسياً طويلاً، بعدما حاول تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد عرقلته خلال الفترة الماضية.

وأقر البرلمان العراقي قانون العفو العام في نهاية أغسطس/آب 2016، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه "أفرغ من محتواه"، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم.

وكان التعديل الأول للقانون، في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعد طلب تقدمت به قوى سياسية تنضوي حالياً ضمن "الإطار التنسيقي".

وتضمنت أبرز التعديلات شمول الأشخاص المعتقلين من الذين تُجرى تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، إضافة إلى شموله مَن يتم تسديد ما في ذمتهم من أموال للمصلحة العامة عن جرائم الفساد.

المساهمون