انتقاد أميركي في مجلس الأمن لحظر أونروا: لا بديل عنها بشأن المساعدات

29 أكتوبر 2024
المندوبة الأميركية في مجلس الأمن بنيويورك، 28 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

توماس غرينفيلد: واشنطن ترفض أي جهود إسرائيلية لتجويع الفلسطينيين

وينسلاند: لا نشهد كابوساً إنسانياً مروعاً فحسب بل كارثة في غزة

قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، اليوم الثلاثاء، إنه لا بديل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، عندما يتعلق الأمر بتقديم المساعدات المنقذة للحياة في غزة، مشددة على أن الولايات المتحدة ترفض أي "جهود إسرائيلية لتجويع الفلسطينيين في جباليا أو في أي مكان آخر بقطاع غزّة".

جاءت تصريحات المندوبة الأميركية بعدما صادق الكنيست الإسرائيلي، مساء أمس، على مشروع قانون يحظر عمل الوكالة الأممية داخل الأراضي المحتلة، ويمنع "أونروا" من تشغيل أي مكتب تمثيليّ، وتقديم خدماتها وممارسة أنشطتها، في أعقاب إحاطة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك خلال اجتماعه الشهري حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولم تفوت مندوبة الولايات المتحدة الفرصة للادعاء بأن حركة حماس "تتحمل المسؤولية عن الأزمة الإنسانية" التي تعصف بغزة وتجويع الفلسطينيين، مؤكدة في الوقت ذاته أنه على إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية والتعامل مع الأزمة الإنسانية الكارثية في القطاع. وعبرت ليندا توماس غرينفيلد عن قلق بلادها إزاء تشريعات الكنيست الإسرائيلي المتعلقة بمنع عمل "أونروا". وأعادت ترديد الرواية الإسرائيلية حول اشتراك عدد من العاملين في الوكالة الأممية بعملية "طوفان الأقصى"، رغم أن صحة الادعاءات الإسرائيلية لم تثبت بعد إجراء تحقيقات مستقلة. وتحدثت الدبلوماسية عما أسمته "اليوم التالي" في قطاع غزّة. وقالت "إن ما حدث مع قتل قيادة حماس والبنية التحتية الإرهابية لها، قد يسمح للأطراف بإعادة الخوض والانخراط والتوصل لاتفاقية ووقف إطلاق النار مع تحرير الرهائن (المحتجزين الإسرائيليين).

من جهته، حذر وينسلاند من تصعيد خطير آخر تواجهه المنطقة بعد دخول الحرب في غزة عامها الثاني، مشيراً إلى أن التصعيد يشمل كذلك الضفة الغربية والقدس المحتلة. وأضاف "إننا لا نشهد كابوساً إنسانياً مروعاً فحسب، بل كارثة إنسانية حقيقية". وتحدث وينسلاند عن ضرورة أن يكون هناك تحول جذري "لتحسين العمليات الإنسانية في غزة"، داعياً إلى ضرورة "إنشاء بيئة آمنة مواتية، وتلبية المتطلبات التشغيلية بما في ذلك التمويل، وضمان تيسير السلطات الإسرائيلية الوصول، بما يسمح بحرية حركة المواد الغذائية ومواد المأوى لفصل الشتاء والأدوية والوقود والقدرة على إصلاح البنية الأساسية المنقذة للحياة. ولا بد من معالجة حالة الفوضى المتزايدة".

ولفت مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط إلى بدء الجولة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في وسط وجنوب غزة، موضحاً أنها لم تصل إلى الشمال. وحث السلطات الإسرائيلية على السماح للطواقم الأممية بالوصول إلى شمال غزة والقيام بالتطعيم. وأشار إلى زيادة العنف والقتل ضد الفلسطينيين كذلك في الضفة الغربية والقدس. وقال إن "موسم قطف الزيتون يشكل أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني. ولكن عنف المستوطنين إلى جانب القيود التي يفرضونها مع القوات الإسرائيلية على الوصول إلى الأراضي يعرضه لخطر جسيم".

تحذير من انهيار عمليات أونروا

ودان وينسلاند بشدة "جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب"، داعياً إسرائيل إلى "حماية السكان الفلسطينيين ومحاسبة مرتكبي جميع أعمال العنف" وحث قوات الأمن على "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس". كما تطرق لإقرار الكنيست الإسرائيلي "قانونين بشأن أونروا يحظران على المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الاتصال بها أو ممثليها، ويحظران عملياتها". وأضاف "تهدد هذه التطورات بانهيار عمليات أونروا في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة وتقوض بشدة العمليات الإنسانية في غزة، والتي تعتمد على أونروا. ومن المقرر أن تدخل هذه القوانين حيز التنفيذ في غضون تسعين يوماً".

وقال المسؤول الأممي "تم تحديد حقوق اللاجئين الفلسطينيين في قرار للجمعية العامة يسبق إنشاء أونروا. ويجب تجنب الخطوات الأحادية الجانب، مثل هذا التشريع، التي لا تسعى إلى تقويض العمل الذي أوكلته الأمم المتحدة فحسب، بل وتهدد أيضاً بإعاقة التوصل إلى حل سياسي للصراع على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي".

منصور: الفلسطينيون يلامون على تعرضهم للقتل

إلى ذلك، أشار المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إلى عدد من التصريحات لمسؤولين أمميين، من بينهم المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، وقوله إن "سياسات إسرائيل في شمال غزة قد تؤدي لإفراغ المنطقة من كل الفلسطينيين، ونحن نواجه ما قد يرتقي إلى جرائم فظيعة وقد تشكل جرائم ضد الإنسانية". وتحدث المندوب الفلسطيني كذلك عن الجهود المبذولة في الأمم المتحدة والتعاطف والخطوات التي اتخذتها الكثير من الدول، مشدداً في الوقت ذاته على أن "إسرائيل، على الرغم من ذلك، ما زالت مستمرة بارتكاب الجرائم والإفلات من العقاب".

وأضاف "الفلسطينيون محاصرون ويتعرضون للقتل ويلامون على تعرضهم للقتل. تريد إسرائيل إعادة تعريف القانون الدولي واستخدام التجويع سلاح حرب والاختطاف والتعذيب والتهجير القسري وغيرها وأن تقنعنا بأنها لا تقوم بذلك". وتساءل "إلى متى سيستمر المجتمع الدولي بالسماح لإسرائيل بالاستمرار بما تقوم به؟". وقال "إن الشعب الفلسطيني لم ولن يستسلم". ولفت إلى الأوامر الاحترازية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية واعتبارها وجود خطر حقيقي بالإبادة الجماعية، وقال "إن ذلك الخطر الذي كان موجوداً أصبح واقعاً".

وبيّن منصور "إن لم تتحركوا الآن فمتى؟ عندما تختفي كل الأرواح ولا يبقى شخص لكي ننقذه؟"، مشيراً إلى أن إسرائيل تدرك أن عليها "إما تفكيك أسس القانون الدولي أو الحصول على استثناء في ما يخص نهجها... ليس بالصدفة أن تستهدف الأمم المتحدة والصحافيين والعاملين في المجال الإنساني... هي تدرك أن عليها تحييد كل من يساعدهم أو يُحمّلها المسؤولية". كما تطرق إلى إعلان إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، شخصية غير مرغوب بها وشن الهجمات على قوات حفظ السلام في لبنان (يونيفيل) وسن القانون الذي يمنع عمل أونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ووضع كل ما تقوم به إسرائيل في سياق حربها "على الشعب الفلسطيني ووجوده على أرضه". ولفت منصور إلى استشهاد أكثر من 42 ألف فلسطيني (العدد تجاوز 43 ألفاً) وجرج مئات الآلاف والتهجير والاغتصاب وتحدث عن معاناة الفلسطينيين.

من جهته تحدث الممثل الدائم للجزائر، عمار بن جامع، عن استمرار العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وامتداده إلى لبنان وسورية وغيرها من الدول. وأضاف "الإطار الذي بناه أسلافنا بعد الحرب العالمية الثانية يتهاوى أمام أعيننا غير قادر على الوقوف بوجه محتل إسرائيلي يتمتع بإفلات كامل من العقاب". وحذر من الوضع في شمال غزة ووصفه بأنه "يتخطى الكارثي". وأشار إلى استشهاد 60 فلسطينياً ليلة أمس فقط، من ضمنهم 25 طفلاً.

وتوقف بن جامع عند تدمير أغلب المباني في غزة ووضع ذلك في إطار هدف إسرائيل تهجير الفلسطينيين من ديارهم. وأشار إلى شعور الكثير من الفلسطينيين، خاصة في شمال غزة، بأن العالم تخلى عنهم. وتطرق بدوره إلى منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية، وقال إنه تم منع أكثر من 250 ألف شاحنة من دخول غزة، مشيراً في الآن نفسه إلى تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين وكأنهم "أقل من البشر". وتوقف الدبلوماسي الجزائري عند قصف إسرائيل مواقع تابعة لـ"أونروا" واستهدافها العاملين في المجال الإنساني، مشدداً على إدانة الجزائر قرار الكنيسيت بحظر عملها.

أما مندوب روسيا في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، فتحدث عن عمل وكالة أونروا وجهودها الإنسانية وتوفير المساعدات ليس في فلسطين فقط، بل خارجها كذلك. وحذر من الآثار السلبية لذلك القرار على الفلسطينيين خصوصاً، وعلى عمل الأمم المتحدة عموماً حول العالم وعمل المنظمات الإنسانية. وشدد على أنه لا يمكن الاستغناء عن "أونروا" أو عملها، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي ملزم بحمايتها وحماية العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة عموماً. وأكد أن إسرائيل قبلت بحق العودة وتعويض اللاجئين الفلسطينيين عندما قبلت قرار التقسيم.