فلسطين: انتقادات حادة لخلافة سلام الزواوي منصب والدها كسفيرة لدى إيران.. فساد أم استحقاق؟
أثار تعيين السفيرة سلام الزواوي قبل أيام، سفيرة لفلسطين لدى إيران خلفاً لوالدها صلاح الزواوي، الذي تولى منصبه على مدار أربعة عقود، انتقادات حادة للسلطة الفلسطينية واتهامات بالفساد، وذلك بتعيين أبناء المسؤولين والقيادات في الوظائف العليا، وهي اتهامات باتت علنية ولا تكلف السلطة نفسها عناء الرد عليها، فيما أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن الزواوي الأب صديق شخصي للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفوجئ الرأي العام الفلسطيني بوجود سفير فلسطيني في إيران طوال أربعة عقود، لا يظهر له أي نشاط دبلوماسي أو تصريح صحافي، وكانت المفاجأة مضاعفة بسهولة تولي ابنته منصبه، وكأن الأمر مفروغ منه.
والزواوي غير المعروف إعلامياً في الشارع الفلسطيني صديق شخصي للرئيس محمود عباس، حيث تشاركا مقاعد الدراسة في قرية صفد قبل النكبة الفلسطينية عام 1948، وبقيت علاقتهما قوية حتى اليوم، حسب ما أكدت المصادر لـ"العربي الجديد".
وتعتبر فترة تولي الزواوي منصب سفير فلسطين في إيران منذ عام 1981 وحتى 2022، أطول مدة يقضيها سفير في العالم، أي منذ بدايات الجمهورية الإيرانية الحديثة.
وهاجرت عائلة الزواوي بفعل نكبة فلسطين عام 1948 إلى سورية، حيث أكمل دراسته وعمل أستاذاً في مخيم حمص للاجئين، ليتغير مساره المهني لاحقاً ويصبح عام 1968 سفير منظمة التحرير الفلسطينية لدى الجزائر، وعام 1975 سفيراً لدى البرازيل، ولاحقاً لدى كينيا، قبل أن يصبح سفيراً في إيران منذ عام 1981 وحتى قبل بضعة أيام.
وحسب المصادر، كان الزواوي قد عيّن ابنته سلام السفيرة الحالية في وظيفة إدارية في السفارة قبل سنوات، لتكون خليفته اليوم.
حساسية العلاقة
وحول عدم وجود أي نشاط دبلوماسي أو إعلامي للزواوي الذي فاجأ الفلسطينيين بأن هناك سفيراً فلسطينياً لدى إيران، قال دبلوماسي فلسطيني لـ"العربي الجديد"، فضل عدم ذكر اسمه: "أعتقد أن الأمر يعود لحساسية علاقتنا مع إيران، فالأخيرة تؤيدنا في المحافل الدولية، لكن على الصعيد الداخلي تقوم بدعم الفصائل الفلسطينية المقاومة مثل (حماس) و(الجهاد الإسلامي) وغيرها، لإضعاف حركة "فتح"، وهنا تكمن حساسية العلاقة مع إيران".
ويعتبر السلك الدبلوماسي الفلسطيني أكثر جهة تتلقى الانتقادات والاتهامات بالفساد والمحاباة بالتوظيف، ويعتبر مقصداً لأبناء المسؤولين والقيادات والمحسوبين عليهم، نظراً لما يوفره العمل في السلك الدبلوماسي من امتيازات من بدل سفر وبدل معيشة ومواصلات، وابتعاث ومهمات ودفع إيجار للمنزل وتوفير سيارة ودفع رسوم مدارس لأولاد السفراء وغيرها من الامتيازات.
يعتبر السلك الدبلوماسي الفلسطيني أكثر جهة تتلقى الانتقادات والاتهامات بالفساد والمحاباة بالتوظيف
ورغم أن قانون السلك الدبلوماسي رقم (13) لسنة 2005 اشترط وفقاً لأحكام المادة الـ (11) بأن التعيين يجب أن يكون وفقاً "لمسابقة عامة تجريها وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية لاختيار موظفي السلك ويتم الاختيار من قبل لجنة متخصصة يتم تشكيلها لهذا الغرض"، إلا أن عدداً كبيراً من المعينين لم يخضعوا لهذه المسابقة، ولا يوجد التزام بنشر وجود شاغر حتى يتقدم له من يريد حسب الأصول.
أما الأمر الآخر الذي لفتت مؤسسة "أمان" النظر له في دراسة لها نشرتها قبل أيام على موقعها الإلكتروني، فهو عدم التزام نشر ومراجعة القرارات الصادرة بالشأن الدبلوماسي والمتعلقة بالتعيين والنقل في الجريدة الرسمية "الوقائع".
وحسب دراسة مؤسسة "أمان"، تبين أن 40% من قرارات تعيين السفراء نُشرَت في صحيفة "الوقائع" حسب الأصول، بينما لم يُنشَر 60% من القرارات.
وحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن لجنة قد شكلها الرئيس محمود عباس بعد انعقاد المجلس الثوري في يونيو/ حزيران الماضي، للنظر في قرارات تعيين السلك الدبلوماسي، وتضم رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطيني ماجد فرج، ورئيس الوزراء الفلسطيني وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، ووزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي.
وكان الرئيس محمود عباس قد أوضح في كلمته الافتتاحية في بداية جلسة المجلس الثوري المذكورة أعلاه أن هناك 30 إلى 35 منصباً شاغراً في السلك الدبلوماسي سيجري إِشغالها، الأمر الذي اعتبره بعض أعضاء المجلس الثوري إشارة لهم بأنه سيكون لهم حصة من هذه الشواغر.
ويعتبر تعيين الكثير من السفراء من أبناء المسؤولين المحيطين بالرئيس أو أبناء قيادات الصف الأول أو المحسوبين عليهم وعلى قادة الأمن من المسلمات ولم يعد مستغرباً.
استحقاق وظيفي؟
ورفض أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفلسطينية التعقيب على ما سبق، مكتفياً بالقول إن هناك عدداً ممن عُيِّنوا في الآونة الأخيرة بمنصب سفير، مثل ابنة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" رولا جمال المحيسن، التي عُيِّنَت سفيرة في السويد، وهو بمثابة استحقاق وظيفي بعد عملها في الوزارة عشرين عاماً.
لكن واقع الحال يؤكد أن التعيينات في وزارة الخارجية الفلسطينية من الأساس عليها علامات تساؤل، وأن هناك موظفين أمضوا أكثر من عشرين عاماً ولم يُرقَّوا إلى منصب سفير مثل المحسين.
ويضاف إلى ما سبق من تجاوزات في السلك الدبلوماسي في معايير التوظيف والترقيات ونشر القرارات، رصد "الائتلاف الأهلي من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" في معطيات له، حول التزام السلك الدبلوماسي الفلسطيني بالمدد القانونية، أن الحـد الأقصى للعمـل الدبلوماسي في دولـة واحـدة أربع سنوات، ويجوز التمديد لسنة واحدة فقـط في الدولة ذاتها.
وأوضح "أمان" أن هناك 111 سفيراً فلسطينياً يمثلون السلطة الفلسطينية في العالم، كان بينهم 41% التزموا المدة القانونية، وأن 59% تجاوزوا المدة القانونية المسموح بها للبقاء في مناصبهم.
ووفق معطيات لـ"أمان"، فإن 42 سفيراً فلسطينياً بقوا في مناصبهم أقل من 4 سنوات، وأن 36 سفيراً بقوا في مناصبهم بين (5-10 سنوات)، وأن 7 سفراء بقوا في مناصبهم أكثر من 10 سنوات، وأن 6 سفراء بقوا في مناصبهم أكثر من 14 سنة، وأن سفيراً بقي في منصبه أكثر من 20 سنة.
وأشار "أمان" إلى أن السفير الفلسطيني لدى أستراليا بقي في منصبه 16 عاماً، وكذلك السفير الفلسطيني لدى صربيا بقي في منصبه 16 عاماً، والسفير الفلسطيني لدى الأردن بقي في منصبه 15 عاماً، والسفير الفلسطيني لدى قطر بقي في منصبه 15 عاماً، أما السفير الفلسطيني لدى البرازيل، فبقي في منصبه 13 عاماً.
ويذكر أن وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، يتولى الوزارة منذ عام 2009 وحتى الآن، بشكل متواصل.