تتصاعد الأصوات الإسرائيلية والأميركية التي تنتقد العملية البرية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وسط تأكيدات عدم إمكانية تحقيق أهداف العملية المعلنة بالقضاء على حركة حماس وإطلاق سراح الأسرى.
وفي هذا السياق، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق عومر بارليف، إنّ "الافتراضات التي تحكم العملية البرية، كما تكرّست لدى صناع القرار في تل أبيب خاطئة"، وتحديداً الاعتقاد بأنه بوسع جيش الاحتلال أن يواصل هذه العملية لعدة أشهر.
وفي تحليل نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، لفت بارليف إلى أنّ القيادة الإسرائيلية تخطئ إذا اعتقدت أنه سيكون بوسعها ضمان الإفراج عن الأسرى من الجنود والمستوطنين الذين أسرتهم كتائب القسام، في نهاية العملية البرية.
وأَضاف بارليف، الذي تولّى خلال خدمته العسكرية قيادة وحدة "سييرت متكال" أشهر الوحدات الخاصة التابعة لجيش الاحتلال، أنه سيكون من الصعب جداً على إسرائيل أن تحقق الهدفين الرئيسيين المعلنين للحرب على غزة، وهما: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى الذين أُسروا في عملية "طوفان الأقصى".
وبحسب بارليف، فإنّ تحرير الأسرى لدى حماس سيتحقق فقط نتاج مفاوضات مكثفة تُجرى في أعقاب انتهاء الحرب على غزة، وليس قبل ذلك.
وقال إنّ محاولة إسرائيل توظيف العملية البرية وما تتضمنه من إلحاق دمار وتخريب للتأثير بمعنويات قيادات حماس لن تنجح، مشيراً إلى أن هذا ما أكدته الحروب السابقة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة.
وحذّر من أنّ الدعم العسكري والدبلوماسي غير المسبوق الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل غير مضمون، وليس من المؤكد أن يتواصل دون شروط.
الحرب "لن تكون الأخيرة"
من ناحيته، قال السفير الأميركي السابق في تل أبيب دان كرستير، إن إسرائيل تخالف النصائح التي قدمتها للولايات المتحدة عندما احتلت العراق عام 2003.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، ذكّر كرستير، الذي كان يعمل سفيراً في أثناء الحرب على العراق، أنّ إسرائيل نصحت الولايات المتحدة بعدم البقاء في العراق لفترة طويلة بعد انتهاء عملياتها العسكرية، مشيراً إلى أنّ هذا ما يجب أن تفعله إسرائيل في قطاع غزة حالياً.
واستهجن كرستير بشكل خاص الدعوات التي صدرت عن وزراء ونواب وساسة إسرائيليين بضرورة استغلال الحرب لاحتلال قطاع غزة وإعادة تدشين المشروع الاستيطاني هناك.
وشدد على أنّ إسرائيل مطالبة في أعقاب الحرب بالتخلّي عن إجراءات الحصار التي كانت تفرضها على قطاع غزة منذ 2006، عندما فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية، محذراً من أنّ إسرائيل لن تنعم بالهدوء بعد الحرب على غزة ما لم تعمل على حلّ الصراع مع الشعب الفلسطيني، مشدداً على أنه إذا لم تتوصل القيادة والرأي العام في إسرائيل إلى هذه القناعة، فإنّ الحرب الحالية "لن تكون الأخيرة".
"تهاوي الشرعية الدولية"
أما الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بن دورون يميني، فقد رأى أنّ كل الدلائل تشير إلى أن قدرة إسرائيل على مواصلة الحرب على غزة وتحقيق أهدافها قد تراجعت بفعل تهاوي الشرعية الدولية التي باتت تحظى بها هذه الحرب نتاج ما تنقله وسائل الإعلام العالمية عن عدد القتلى والجرحى الكبير في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، اليوم الخميس، أشار إلى أنّ إسرائيل فشلت في الحروب التي شنتها على غزة سابقاً بفعل ردّ فعل المجتمع الدولي على ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون. واعتبر أنّ الحرب قد نجحت حتى الآن "في تعاظم مستوى الشعور بالعداء إزاء اليهود في حميع أرجاء العالم".
وفي السياق، قال المعلّق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، إنّ الصور الواردة من غزة قلصت إلى حد كبير من حجم التعاطف العالمي مع إسرائيل، ما سيؤثر بحجم الشرعية الدولية التي تحظى بها تل أبيب لمواصلة عمليتها البرية.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، اليوم الخميس، لفت هارئيل إلى أنّ الولايات المتحدة شرعت بإرسال رسائل لإسرائيل مفادها بأنه يجب مراعاة حياة المدنيين، كما عبّر عن ذلك وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من خلال كشفه عن فحوى الاتصالات التي أجراها مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت.
وتوقع هارئيل أن ينقل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي سيصل إلى تل أبيب اليوم موقف الرئيس جو بايدن إزاء سير العملية البرية في قطاع غزة.