تظاهر الآلاف من السوريين في ساحة الكرامة بمدينة السويداء، جنوبي البلاد، الجمعة، في اليوم الـ134 لانطلاق الانتفاضة الشعبية المطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد والتغيير السياسي في البلاد التي مزقتها الحرب.
وأكد المتظاهرون على ثبات موقفهم المطالب بالخلاص من النظام والوصول لدولة المواطنة في سورية الموحدة.
وقال الناشط السياسي صفوان أبو حمرة، في حديث لـ"العربي الجديد": "لن يستطيع المشوشون والمزيفون أن يحرفوا مسار ثورتنا عن غايتها ومقصدها في الوصول إلى سورية موحدة خالية من الطغاة والاحتلالات، فامتداد السويداء سوري ولن نقبل بغير ذلك، وعمقها عربي ولا نزاود في ذلك أيضاً".
وأضاف أبو حمرة: "سيلٌ من التضليل الإعلامي تدفق يوم الجمعة الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإعلامية ذات الأجندات المشبوهة، ادعى أن أحرار الساحة كانوا يطالبون بالإدارة الذاتية، رغم أن عدد المطالبين بذلك لا يتجاوز واحد بالمئة من الموجودين في الساحة".
وقال: "لسان حال كل أحرار السويداء يؤكد على أننا سوريون ولن نقبل إلا أن نكون سوريين، وما تحاول بعض الجهات تمريره من مشاريع لا تخدم إلا النظام لن يمر أبداً".
ولم يثنِ الطقس البارد منذ بداية ديسمبر/كانون الأول جماهير السويداء عن الخروج إلى الساحات في كل جمعة لاستكمال انتفاضتهم حتى تحقيق مطالبها، وفق ما رصد "العربي الجديد".
السويداء إلى أين؟
ومنذ انطلاقة الاحتجاجات، برزت تساؤلات حوال مآلات هذه الانتفاضة الشعبية وما إذا كانت قادرة على إحداث التغيير الذي لم تستطع الثورة السورية في 2011 الوصول إليه، بعد تعرضها لقمع وحشي على يد النظام.
وعن هذا، تقول الناشطة الحقوقية سلام عباس (اسم مستعار): "ما تشهده الساحة الإقليمية من يأسٍ عربي في تقدم العلاقات مع نظام الأسد، وانسحابٍ سياسي من خطوات التطبيع معه، إضافة لمجريات الأحداث في شمال شرق سورية والتطورات على الصعيد العسكري من الجانب التركي، لا يوحي إلا بتغيير قادم ستشهده البلاد خلال أشهر"، مضيفة أن هذا التغيير قد يحتمل أمرين "إذا ما قابلنا كل ذلك بما سرب عن اجتماعات بين قيادات الدول الغربية وقيادات روسية وإيرانية. الأول هو الضغط لتطبيق القرارات الأممية وعلى رأسها 2254، دون الأخذ بمبدأ الخطوة مقابل خطوة، أما الاحتمال الثاني فهو مرفوض، ويقوم على تفعيل كانتونات تعتمد على التقسيم العرقي والإثني والمناطقي"، وقالت: "هذا الأمر تحاربه غالبية القوى السياسية والاجتماعية في السويداء التي اختارت مساراً وطنياً سورياً ترفض التخلي عنه".
خط وطني موازٍ
من جهته، قال الناشط المدني فادي الشعار إن "خطوات بدأت للتواصل مع مكونات وطنية مناهضة للنظام المستبد بعيدة عن العسكرة والفصائلية في كافة أرجاء البلاد ومن مختلف المناطق، بهدف تشكيل مجلسٍ وطني سوري يكون الجزء الأهم من الحل في المرحلة القادمة".
وأضاف: "لا يمكن الخلاص إلا من خلال تكتل سوري مناهض لكل قوى الأمر الواقع دون استثناء، فجميع القوى تستمد مصالحها وبقاءها من دوام الحال على ما هو عليه"، مشيراً إلى أن "العديد من المؤثرين من شخصيات وقوى مدنية وسياسية على امتداد سورية بدأوا في أخذ الأمر بجدية، ويرون أن الحل لا يخرج إلا باتحاد الجميع".
وحول ماهية هذه الجهات، قال الشعار إن الوقت ليس ملائماً بعد للكشف عن أسماء هذه الشخصيات والقوى، "لكن القادم سيكون مبشراً بانبثاق مشروعٍ وطني شامل لا أعتقد أنه سيتم الخلاص في سورية إلا بوجوده".
وتشير هذه التحركات إلى وعي سياسي اتسم به حراك السويداء، غايته التغيير من منطلق سلمي يعود بسورية إلى حاضنتها التاريخية، دون القبول بأي حل لا يكون السوريون طرفاً رئيسياً ومركزياً فيه، وفق ما بدا في التظاهرات، وذلك خلافاً لما ظهر خلال سنوات الثورة من انقسامات بددت آمال السوريين في الوصول لحريتهم المنشودة.