انتخابات زعامة المسيحي الديمقراطي: صراع لوراثة ميركل

11 يناير 2021
ثلاثة مرشحين يتنافسون على زعامة الحزب (Getty)
+ الخط -

بعد تأجيل لعدة أشهر، سينعقد يومي 15 و16 من يناير/كانون الثاني الحالي مؤتمر الحزب المسيحي الديمقراطي لانتخاب زعيم جديد للحزب خلفا للزعيمة المستقيلة منذ قرابة العام تقريبا، أنغريت كرامب كارنبور.

المختلف هذه المرة أن الاجتماع سيحصل رقميا بسبب كورونا، وسيتنافس على المنصب ثلاثة من المرشحين الرجال المخضرمين في الحزب، بغياب للعنصر النسائي، وجميعهم ينحدرون من إحدى أكبر الولايات الست عشرة، وهي ولاية شمال الراين فستفاليا، ولها عدد وازن من مجموع المندوبين البالغ عددهم 1001 شخص، والذين سيتختارون الزعيم المستقبلي للحزب الأكثر شعبية في البلاد، إذ يعتبر الزعيم الجديد مرشحا محتملا لمنصب المستشار.

وتشير استطلاعات الرأي إلى تقارب واضح بين المتنافسين الثلاثة، إذ يحل رئيس كتلة الحزب الأسبق فريدريش ميرز (65 عاما) أولا بنسبة 29%، فيما يتساوى كل من رئيس وزراء ولاية شمال الراين فستفاليا أرمين لاشيت (59 عاما)، الذي تربطه علاقة جيدة مع المستشارة ميركل ويعتبره البعض المرشح المثالي للمنصب، مع المرشح الثالث، وزير البيئة السابق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية نوبرت روتغن ( 55 عاما)، بنسبة 25%، وفق "إيه آر دي دويتشلاند تراند".

وحاليا، يسعى كل من لاشيت وروتغن، ضمن حملات ترويجية، للحصول على أصوات أعلى من القوى الأكثر ليبرالية داخل حزبهم، وهما يتنافسان على مقاربتهما لبعض الملفات، وسط الآراء التي تعتبر أن رئيس الحكومة لاشيت تعثر في إدارة أزمة كورونا في ولايته، بعد أن اعتقد أنه يمكن إزالة القيود الأخرى المفروضة على الحقوق الأساسية. أما روتغن فيجاهر بأهمية تقديم موضوعات حماية المناخ والأمن الداخلي. وفي السياق، أشارت "إكسبرس أونلاين" إلى أن لاشيت يحظى بتأييد النساء داخل صفوف المندوبين، وهن من كرسن فوز كارنبور عام 2018، ويشكلن حوالى ثلث الأصوات. مع العلم أنه من المتوقع ألا يحصل أي من المرشحين الثلاثة على أغلبية مطلقة من الاقتراع الأول وأن تكون هناك جولة ثانية من التصويت.

اما بخصوص ميرز، المرشح المثير للجدل، والمنتمي إلى المعسكر المهزوم الذي أقسم على الانتقام بعد خسارته عام 2018 الزعامة أمام المرشحة كارنبور -المفضلة حينها من المستشارة ميركل- فسيكون مرة أخرى عام 2020 أمام مواجهة مع المتعاطفين مع سياسة ميركل ومؤيدي المرشح لاشيت. ويحاول ميرز في تصريحاته إعطاء انطباع بأنه لن يقف في طريق تحالف مع حزب الخضر، معروف بابتعاده عن طروحات الحزب البيئي، ويصف نفسه بأنه يمثل الخط الوسطي في أكبر الأحزاب الألمانية.

وتفيد التعليقات بأنه، وقبل أيام من موعد المؤتمر، لا يزال من الصعب ترجيح كفة مرشح على آخر، لأنه في الوقت الحالي، ومع حالة الإغلاق لمكافحة وباء كورونا في البلاد، ليست هنالك اجتماعات مسبقة للمندوبين أو لقاءات عبر الفيديو لاسشتراف موقفهم الانتخابي. وبالرغم من أن النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات، فإن التكهنات تصب في خانة أن يجمع خصم ميرز (مرجح أن ينال الأخير أعلى الأصوات في الجولة الأولى) أصوات صاحب المركز الثالث في الجولة الثانية، وعليه من المتوقع أن يفوز بزعامة الحزب إما لاشيت أو روتغن.

ورغم الحديث عن الصورة الوردية لمسار المنافسة، فهناك خشية من أن تتحول المواجهة الانتخابية إلى محنة داخل الحزب، خاصة وأن القرار صعب على المندوبين. كل ذلك وسط تساؤلات عن من لديه فرصة أفضل لخلافة ميركل في المستشارية بعد الانتخابات البرلمانية العامة المقررة خريف العام 2021. وفي هذا الإطار، قالت زعيمة الحزب كارنبور، أخيرا، لوكالة الأنباء الألمانية، إن تماسك الحزب يمثل أولولية قصوى بعد المؤتمر الرقمي، مبرزة بأن المرشحين الثلاثة أكدوا أنهم سيقبلون أي نتيجة تصدر عن المندوبين.

وعن الوضع الانتخابي الحساس داخل المسيحي الديمقراطي، اعتبر الباحث في شؤون الأحزاب، أوسكار نيدرماير، في حديث مع صحيفة "تاغس شبيغل"، أن "هذه المخاوف مبررة ، وهناك ثلاثة عوامل تتحكم بالتصويت؛ العامل الأول هو الالتزام الطويل الأجل، إذ يربط هؤلاء المندوبين بحزبهم عامل عاطفي ويصوتون للمسيحي الديمقراطي مهما حصل؛ العامل الثاني هو تقييم أركان الحزب، وهنا تلعب المصداقية والتعاطف والخبرة والمهارات القيادية دورها، أما العامل الثالث فهو ما يسميه الباحثون السياسيون "التوجه نحو قضية بعينها"، وهذا يعني أن بعض المصوتين يبنون قراراتهم عند التصويت على الموضوعات المهمة بالنسبة لهم شخصيا، ولمن يعتقدون أنه يتمتع بكفاءة أكبر في الحزب.

دلالات