انتخابات البرلمان الأردني بقانون جديد

21 اغسطس 2024
من انتخابات البرلمان الأردني، 10 نوفمبر 2020 (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

تجرى انتخابات البرلمان الأردني المقبلة في 10 سبتمبر/ أيلول المقبل بموجب قانون انتخاب جديد خصّص فيه 30% (41 مقعداً) للتنافس الحزبي من بين 138 مقعداً. وبحسب القانون، ستتدرج زيادة المقاعد الحزبية وصولاً إلى نسبة 65% خلال السنوات العشر المقبلة. وأعاد قانون الانتخاب رسم الدوائر الانتخابية ضمن دائرتين: محليّة وعامّة، يُخصص لهما 138 مقعداً، منها 97 للدوائر المحلية، موزعة على 18 دائرة انتخابية، و41 مقعداً للقائمة العامة مخصصة للأحزاب والتحالفات الحزبية.

تجربة حزبية في انتخابات البرلمان الأردني

وتفتقد معظم الأحزاب الأردنية إلى أرضية سياسيّة وشعبيّة صلبة. وبلغة الأرقام، وبحسب وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، حديثه الخريشة، في تصريحات صحافية أخيراً، بلغ عدد المنتمين إلى أحزاب في الأردن 95 ألفاً في 38 حزباً يشكلون 1.8% من الذين يحق لهم الانتخاب في البلاد. التجربة الحزبية أمام تحدّ جديد، فبعد تهميش القوى الحزبية طيلة العقود الماضية، والمخاوف الأمنية التي عشّشت في عقول الأردنيين، تجد الأحزاب نفسها أمام تحدّي قيادة العمل البرلماني، في وقت يعاني فيه مجلس النواب ذاته من فقدان ثقة المواطنين، بحسب استطلاعات رأي مختلفة أجريت أخيراً.

سيخصّص 41 مقعداً للتنافس الحزبي في هذه الانتخابات من بين 138 مقعداً، على أن تزيد النسبة خلال السنوات العشر المقبلة

وقال المتحدث باسم الهيئة المستقلة للانتخاب، محمد خير الرواشدة، لـ"العربي الجديد"، إن عدد القوائم الحزبية والتحالفات الحزبية التي تقدمت بطلبات الترشح لاستحقاق انتخابات البرلمان الأردني في الدائرة العامة بلغت 25 قائمة، ولم تتغير أرقام القوائم الأولية للمرشحين عن القوائم الحزبية المرشحة عن مقاعد الدائرة العامة، واستقرت الأرقام على 686 مرشحاً، بعد صدور قرارات محكمة الاستئناف برد الطعون المقدمة. أما بالنسبة للقوائم الانتخابية المحلية، فقد بلغ عددها 174 قائمة، ضمّت 954 مرشحاً ومرشحة، موزعين على 18 دائرة انتخابية في المملكة.

وحول المخالفات التي تشهدها حملات انتخابات البرلمان الأردني والاستعدادات للانتخابات، قال الرواشدة: نتعامل في الهيئة مع أرقام متحركة بالنسبة إلى مخالفات الدعاية الانتخابية، وهي مخالفات غير جسيمة، وبمجرد علم الفِرق المختصة، تتحرك كوادر الهيئة لإزالة أي مخالفة، سواء كانت على مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإخبارية، أو تعليق اليافطات في الأماكن غير المخصصة لنشر الدعايات الانتخابية، وهذه المخالفات يمكن حصرها منذ بدء مرحلة الدعاية الانتخابية بنحو 600 مخالفة.

أما المخالفات الجسيمة المتعلقة بمحاولات التأثير على إرادة الناخبين بالمال وشراء الأصوات، فلفت الرواشدة إلى أن هناك عمليات تحقق تقوم بها لجنة الشكاوى في مركز الهيئة، وفي حال التوصل إلى بينات وإثباتات تتعلق بشبهات شراء الأصوات تُحال فوراً للادعاء العام صاحب الولاية بالتحقيق والإحالة للمحاكم المختصة أو يقرر حفظ الملف. وقد بلغ عدد القضايا الخاضعة للتحقق لدى لجنة الشكاوى 22 قضية، في حين تمّ حفظ 4 قضايا، وجرت إحالة قضيتين للادعاء العام، كما بلغ عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم 4 قضايا.

وحول ملامح انتخابات البرلمان الأردني المقبلة، قال المدير التنفيذي لبرنامج مركز الحياة "راصد" لمراقبة الانتخابات، عمرو النوايسة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن 71% من الذين ترشحوا للانتخابات البرلمانية اليوم هم من الحزبيين، منهم 688 حزبياً على القوائم العامة، و469 مرشحاً حزبياً من أصل 954 مرشحاً على مستوى الدوائر المحلية وبنسبة بلغت 49% من مجموع المرشحين والمرشحات. وأوضح النوايسة أن القانون وضع نسبة 30% للأحزاب مباشرة للقوائم العامة، متوقعاً أن تفرز نتائج الانتخابات على القوائم المحلية 20 إلى 25% من الحزبيين وهذا يعني أن نصف أعضاء البرلمان سيكونون من الحزبيين، ما سينعكس بعد ذلك على فكرة التكتل الحزبي في البرلمان المقبل، والحزبية والبرامجية داخل مجلس النواب.

عمرو النوايسة: نصف أعضاء البرلمان سيكونون من الحزبيين

ورأى أن الأحزاب من الممكن أن تحافظ على أعضائها بعد ظهور النتائج، خصوصاً أنهم ترشحوا على قوائمها الانتخابية، وأن القوانين تعطي فرصة أكبر للأحزاب مستقبلاً، حيث ستصل نسبة النواب الحزبيين على القوائم العامة في البرلمان الأردني إلى حوالي 65% بعد 10 سنوات، وهذا حافز لاستمرار الأعضاء في أحزابهم. واستدرك النوايسة بالقول إن الأحزاب "ستواجه تحديات بعد ظهور نتائج انتخابات البرلمان الأردني المقبلة، لكنها ستكون أقل من التحديات التي واجهتها منذ إصدار القانون وحتى إجراء الانتخابات، خصوصاً أن العمل البرلماني يتطلب عقلاً جمعياً برامجياً يعمل من خلال الأحزاب". وعن الأحاديث المتداولة بين الأردنيين، عن الرشوة الانتخابية، أشار النوايسة إلى أنها موجودة بلا شك، لكن المهم كيف تجابهها، لافتاً إلى أن الهيئة المستقلة للانتخاب تعمل على مواجهة الرشوة الانتخابية ووضعت أسساً وتعليمات لمواجهة هذه التحديات، وحولت إلى القضاء العديد من القضايا المرتبطة بالرشوة الانتخابية بعضها صدرت فيها أحكام قضائية.

بين الفرصة والمشاركة الشكلية

بدوره، قال الكاتب الصحافي محمد سويدان، لـ"العربي الجديد"، إن الجميع يتمنّى أن تكون انتخابات البرلمان الأردني المقبلة فرصة للأحزاب لتحقق شيئاً مهماً وإنجازات على الأرض، فهذه الانتخابات ترتكز على القوائم الحزبية، وما يحدث جميل في ظاهره، فالقوائم الحزبية منخرطة بهذه العملية". لكن المشكلة، برأيه، "هي في الأساس أن أغلب هذه الأحزاب تشكلت من أجل غاية المشاركة في الانتخابات، والعديد ممن يقودون هذه الأحزاب وجوه غير حزبية بالأصل، رجال أعمال وشخصيات عامة"، لم تخض سابقا تجارب حزبية عميقة، والكثير منهم فقط غايتهم الدخول عبر بوابة الأحزاب إلى البرلمان. واعتبر سويدان أن جزءاً كبيراً من برامج هذه الأحزاب غير حقيقي، ووضع فقط لاستهلاك الناخبين، متوقعاً أن يكون التغيير "شكلي في البرلمان المقبل، فالوجوه ستتكرر لكن تحت مسميات حزبية، فأغلبية الأردنيين يتمنون حكومة حزبية برلمانية ناضجة، وليس مشاركة شكلية للأحزاب".

محمد سويدان: جزء كبير من برامج الأحزاب غير حقيقي، ووضع فقط لاستهلاك الناخبين

وبحسب سويدان، فإن الكثير من المقربين من هذه الأحزاب أشاروا إلى أن المساهمات المادية دفعت بالعديد من الأشخاص لمقدمة القوائم الحزبية وجرى تحويل قضايا إلى المحاكم، ووجود رجال أعمال في مقدمة بعض القوائم أسبابه واضحة، متسائلاً: أي مخرجات برلمانية حزبية ننتظر إذا صح الحديث عن أثر الأموال في تشكيل القوائم؟ وأضاف: "لا ننكر وجود أحزاب ذات برامج حقيقية، لكن فرصتها غير كبيرة، بسبب إمكانياتها المادية"، متوقعاً أن يكون البرلمان المقبل "مشابهاً للمجالس السابقة وأن يقوم بذات الأدوار الضعيفة فالشخصيات تحت قبة البرلمان ستتكرر تحت مظلة الأحزاب".

ولفت سويدان إلى أن بعض الأحزاب لم تُبنَ على أرضية صلبة برامجياً، ولهذا شهدت العديد من الانسحابات خلال الفترة الماضية بسبب ترتيب الأسماء في قوائم الترشح للبرلمان، مرجحاً حصول المزيد من الانسحابات والانقسامات بعد إعلان نتائج انتخابات البرلمان الأردني ممن لم يحالفهم النجاح، هم ومؤيدوهم، خصوصاً أن بعض من انضموا إلى الأحزاب يبحثون عن تحقيق مصالحهم، وفي أي وقت لا يحققون المكتسبات المتوقعة، سيغادرون أحزابهم.

يشار إلى أن قانون الانتخاب الجديد في الأردن أعطى كل ناخب صوتين، وفقاً لنظام انتخابي مختلط يعتمد النظام النسبي المغلق للقوائم الحزبية، والنظام النسبي المفتوح للقوائم المحلية، بحيث لا يمكن للناخب على القوائم العامة تغيير ترتيب المرشحين الذي يجري اعتماده من الحزب، بينما يتمكّن الناخب في الدوائر المحلية من الاقتراع للأفراد المفضلين المرشحين. وحدّد القانون نسبة حسم (عتبة) يجب على القوائم الحصول عليها للتنافس على المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية، وهي 7% من مجموع المقترعين في الدائرة المحلية، و2.5% من عدد المقترعين في الدائرة العامة الحزبية. وبحسب الهيئة المستقلة للانتخاب، فإن إجمالي عدد الناخبين المسجلين بلغ خمسة ملايين و115 ألفا و219 ناخبا، منهم مليونان و425 ألفاً و293 من الذكور، بنسبة بلغت 47.5%، ومليونان و689 و926 من الإناث، وبنسبة بلغت 52.5%. أما عدد الناخبين الذين ينتخبون للمرة الأولى فبلغ 590794 ناخباً، بنسبة 11.5%، فيما بلغت الفئة العمرية التي تقل عن 25 سنة، 1.119.832 ناخباً، وهو ما يشكل نسبة 21.9% من إجمالي الناخبين.

المساهمون