اليونان تتجه لتنظيم انتخابات جديدة خلال شهر سعياً لحكومة مستقرّة

22 مايو 2023
رئيس الوزراء اليوناني (الثاني من اليمين) لدى خروجه من القصر الرئاسي (أسوشييتد برس)
+ الخط -

دعا رئيس الوزراء اليوناني المنتهية ولايته كيرياكوس ميتسوتاكيس، الاثنين، غداة فوز كبير لحزبه في الانتخابات التشريعية، إلى اقتراع جديد "ربما في 25 يونيو/حزيران" سعيا لغالبية مطلقة تمكّن معسكره السياسي من تولي الحكم منفردًا في الحكومة.

وقال ميتسوتاكيس خلال اجتماع مع رئيسة الجمهورية كاترينا ساكيلاروبولو: "نتجه نحو انتخابات جديدة في أسرع وقت ممكن"، مشيرًا إلى استحالة تشكيل حكومة جديدة في ظلّ البرلمان الحالي.

حاز حزب الديمقراطية الجديدة الحاكم منذ أربع سنوات 40,8% من الأصوات وفق النتائج النهائية، متقدمًا على حزب سيريزا اليساري بزعامة رئيس الحكومة السابق أليكسيس تسيبراس الذي حاز 20% من الأصوات.

وحل ثالثا حزب باسوك كينال الاشتراكي محققا 11,5% من الأصوات.

رحّب ميتسوتاكيس بالنتائج قائلا إن حزبه المحافظ أحدث "زلزالًا سياسيًا" بفوزه الكبير في انتخابات الأحد، لكنّه فتح المجال أمام إجراء انتخابات جديدة في نهاية يونيو/حزيران أو مطلع يوليو/تموز لحصد غالبية مطلقة تمكّن معسكره السياسي من تولي الحكم منفردًا.

"الصدمة والتعجّب"

ينص النظام الانتخابي على أن الفائز في هذا الاقتراع الثاني سيستفيد حينئذ من مكافأة تصل إلى 50 مقعدا تعطيه غالبية مستقرة.

نال حزب ميتسوتاكيس 146 مقعدًا نيابيًا من أصل 300، لذلك سيحتاج إلى خمسة مقاعد إضافية لنيل الغالبية المطلقة. وفي بلد لا تستند ثقافته السياسية إلى الحلّ الوسط، استبعد ميتسوتاكيس خلال الحملة الانتخابية تشكيل ائتلاف.

وبعد رفض ميتسوتاكيس تشكيل الحكومة، ستكلف رئيسة الدولة الآن حزب سيريزا بهذه المهمة، وستستقبل تسيبراس الثلاثاء. ومن المتوقع أن يرفض ذلك أيضا.

وكتبت صحيفة "إفسين" اليسارية عن "الصدمة والتعجّب"، وهما شعوران يتشاركهما ناخبو حزب الديمقراطية الجديدة وحزب سيريزا.

من جهتها، أشارت صحيفة "بروتو ثيما" الموالية للحكومة إلى أن الفارق بعشرين نقطة بين الحزبَين هو الأكبر منذ عودة الديمقراطية إلى اليونان في العام 1974.

وقالت صحيفة "تا نيا" (يمين وسط) إن اليمين فاز "لأنه لم يكن هناك مَن يسائله".

في ساحة سينتاغما الرئيسية بوسط أثينا، كان اليونانيون منقسمين صباح الاثنين بين الأمل والخيبة.

قالت ماريا (68 عامًا): "نأمل أن يعم الخير اليونان"، مضيفة أن ميتسوتاكيس مسؤول "يتمتع بشهرة عالمية".

من جهتها، عبّرت الموظفة في القطاع الخاص كريستينا بابادوبولو المناصرة لحزب سيريزا عن "خيبة أملها بمجمل اليسار أيا كان الحزب ... وبالمجتمع اليوناني وقيمه ومبادئه".

واعترف ميتسوتاكيس نفسه بأن "الفوز الكبير .. تجاوز توقعاتنا". وقال: "معًا سنناضل منذ الغد من أجل أن يتأكد حسابيًا في الانتخابات المقبلة ما قرّره المواطنون، وهو أن يحكم حزب الديمقراطية الجديدة منفردا".

من جهته، دعا تسيبراس مناصريه إلى خوض "صراع انتخابي ثانٍ حاسم". لكن تسيبراس (48 عاما) الذي وعد بـ"التغيير" تكبّد خسارة كبيرة.

وبينما تزايدت التكهنات حول مستقبله في الائتلاف اليساري الذي يتزعمه منذ 15 عاما، أكد تسيبراس، الاثنين: "أنا هنا. لن استسلم أبدا.. أنا في خضم معركة صعبة".

ولم يسامحه اليونانيون قط على تعنّته في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول خطة إنقاذية عام 2015، في مواجهة كادت أن تُخرج البلاد من منطقة اليورو. وقد رضخ في نهاية المطاف وأقر تدابير تقشّف جذرية تلبية لشروط الجهات الدائنة لليونان.

وأيقظت كارثة القطار التي أودت بـ57 شخصًا في نهاية فبراير/شباط الغضب المزمن في اليونان منذ الأزمة المالية، وأدت إلى تظاهرات ضد الحكومة المحافظة المتهمة بإهمال سلامة شبكة السكك الحديد.

لكن مع ذلك، لم يعاقب الناخبون ميتسوتاكيس على كيفية تعامله مع الكارثة، بل بدا أنهم يقدّرون سجّله الاقتصادي.

تراجع البطالة

عند خروجه من مكتب التصويت في أثينا، أكّد ميتسوتاكيس أنه يريد جعل اليونان "أقوى، مع دور مهم في أوروبا".

وأشار إلى تراجع معدل البطالة وتسجيل نمو نسبته حوالي 6% العام الماضي، وعودة الاستثمارات وطفرة في السياحة وانتعاش الاقتصاد مجددًا بعد سنوات من أزمة حادة وخطط إنقاذ أوروبية.

لكن تراجع القدرة الشرائية وازدياد الصعوبات في تغطية النفقات الشهرية للعائلات هما أهم ما يشغل السكان، الذين قدموا تضحيات مؤلمة في السنوات العشر الماضية.

ويضطر عدد كبير من اليونانيين الى الاكتفاء بأجور منخفضة، وفقدوا الثقة بالخدمات العامة التي تقلصت إلى حدودها الدنيا بسبب إجراءات تقشفيّة.

العام الماضي، لامس التضخم 10%، ما فاقم الصعوبات المعيشية.

في الوقت نفسه، ما زال البلد يرزح تحت دين يشكل 170% من إجمالي ناتجه المحلي.

لكن منتقدي ميتسوتاكيس يتهمونه باتباع نزعة استبدادية، خصوصًا أن فترة حكمه شهدت فضائح وعمليات تنصت غير قانونية على مكالمات هاتفية، وإعادة قسرية للمهاجرين وعنف من قبل الشرطة.

(فرانس برس)