انتهت عملياً حرب اليمن رغم استمرار الاشتباكات في عدد من الجبهات، والتي لا تخرج عن محاولات لحفظ ماء الوجه قبل ترجمة خاتمة غير مباركة لحرب قبيحة، أنهكت الأطراف الداخلية من دون استثناء، وكشفت دورهم كأدوات مرتهنة. ويتحدث الحوثيون أن مدينة مأرب أصبحت "على مرمى رصاصة" من مليشياتهم، التي تشن هجمات منذ ثلاثة أشهر في مديرية صرواح، في المقابل تشدّد القوات الحكومية على بدء مرحلة جديدة، ليس للدفاع عن مأرب، ولكن لتحرير العاصمة صنعاء، والأطراف الشمالية لمحافظة الضالع وفك الحصار عن تعز.
مع العلم أن جحافل الحوثيين التي تم الدفع بها إلى تخوم مأرب، عجزت عن إحراز أي تحول نوعي في مسار المعركة. وبعد 90 يوماً، لا تزال عناصر المليشيات غارقة في رمال مأرب، رغم إصرارها على المقامرة لتحقيق ما وعدت به أنصارها. وعجزت الشرعية أيضاً، عن إدارة المعركة بجدارة طيلة السنوات الماضية رغم كل الإمكانيات المتاحة، حتى أن الدعوة إلى النفير العام التي انتظر اليمنيون أن يدعو رئيس الجمهورية لها، صدرت من محافظ مأرب سلطان العرادة، ومع ذلك تصرّ الحكومة على أن مأرب "مفتاح النصر لتحرير كل اليمن".
ويسيطر الإنهاك على أطراف النزاع في اليمن بعد أن فاقت خسائرهم البشرية خلال الأشهر الثلاثة الماضية ما تم تسجيله خلال ثلاثة أعوام مضت، ويتمنون أن تنتهي الحرب اليوم قبل غداً، لكن لا أحد يريد أن يظهر في موقع المهزوم، لذلك يلوّحون بالتصعيد، رغم إدراكهم جيداً أن مصيرهم لم يعدهم بأيديهم. وتفيد كل المؤشرات أن اليمن يشهد خواتم الحرب العبثية غير المباركة، وأن ما عجزت عنه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي طيلة السنوات الماضية، قد أصبح قريب المنال، بعد ملامح التقارب السعودي ـ الإيراني.
وبعيداً عن الغزل السعودي بجماعة الحوثيين والتغني بـ"عروبيّتهم"، أو النبرة الدبلوماسية الحوثية التي اعتبرت تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأنها إيجابية، من الواضح أن الحراك الحاصل للوسطاء وأطراف الصراع إلى العاصمة العُمانية مسقط يهدف إلى اللمسات الأخيرة لوقف الحرب.
وسبق أن أوفدت طهران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى مسقط لتمهيد الأرضية قبيل وصول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بالتزامن مع وصول المبعوثين الأميركي تيم ليندركينغ والأممي مارتن غريفيث، وسفراء الدول الخمس الكبرى لدى اليمن، وسط حديث عن خطط لتجاوز القرار 2216 الذي تستند الحكومة الشرعية إليه منذ 6 سنوات، باعتباره ينص على أن عبدربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي لليمن.
وعلى الرغم من كل المؤشرات الإيجابية الآتية من سلطنة عمان، هل سيوافق تجار الحرب على المسار السياسي، أم سيواصلون مساعيهم لاغتيال الفرصة الكبرى للحل، والعمل على إطالة أمد الحرب كما جرت العادة؟ هذا أمر متوقع، لكن من المؤكد أن لدى إيران القدرة على تحييد أدواتها بعد انتهاء مهمتهم بنجاح، وكذلك الحال مع السعودية.