الوفد الرئاسي الفرنسي يلتقي مسؤولين لبنانيين.. ماذا عن زيارة ماكرون؟

12 نوفمبر 2020
زيارة مرتقبة لماكرون إلى لبنان في ديسمبر (حسين بيضون)
+ الخط -

بدأ الموفد الرئاسي الفرنسي، صباح اليوم الخميس، جولاته على القادة السياسيين في لبنان، في زيارة لخّصتها مصادر السفارة الفرنسية في بيروت، لـ"العربي الجديد"، بعنوانٍ عريض، مفاده "إيصال رسائل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي يُكرّر فيها دعوته إلى المسؤولين بضرورة تشكيل حكومة في أسرعِ وقتٍ، والبدء بالإصلاحات اللازمة".

والتقى مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، اليوم الخميس، رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا (مقرّ الرئاسة الأولى)، بحضور سفيرة فرنسا في بيروت آن غريو، بحيث تناول الاجتماع العلاقات الثنائية بين البلدين والمبادرة الفرنسية والملف الحكومي.

وأشارت أوساط قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ اللقاء كان إيجابياً، وحمل تأكيداً فرنسياً باستمرار دعم الإليزيه لمساعي الرئيس عون ومعه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومة تحظى بالثقة الشعبية والغطاء الفرنسي فالدعم الدولي، لبدء مسيرة النهوض بالبلاد المرفقة بورشة إصلاحات بنيوية.

وأكدت الأوساط نفسها أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي شدد للرئيس عون على مدى اهتمام ماكرون بالملف اللبناني ومتابعته له، بشكل مستمرّ، لكن في الوقت نفسه على المعنيين أن يسرّعوا عملية تشكيل الحكومة لملاقاتهم في مؤتمر الدعم الدولي الذي كان قد وعد به ماكرون في زيارته الأخيرة لبيروت مطلع شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بهدف مساعدة لبنان.

واستضافت فرنسا غداة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت بتاريخ الرابع من أغسطس/ آب مؤتمراً دولياً افتراضياً لدعم لبنان، شارك فيه ممثلون عن نحو ثلاثين بلداً، بحيث وصلت القيمة الإجمالية للمساعدات 252,7 مليون يورو، بينها 30 مليون يورو من الجانب الفرنسي. وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.

في السياق، أشار مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الزيارة المرتقبة لماكرون في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل للبنان، التي كانت قد أعلنت عنها الرئاسة الفرنسية، لا تزال قائمة حتى السّاعة، لكن جدول برامجها واللقاءات ستختلف، تبعاً للتطورات اللبنانية الحكومية. لذلك، على المسؤولين اللبنانيين أن يبذلوا جهداً كبيراً لتشكيل الحكومة قبل سفر الرئيس الفرنسي للمرّة الثالثة إلى بيروت، والبدء بالإصلاحات المطلوبة التي تعدّ شرطاً أساسياً للإفراج عن المساعدات، سواء المرتبطة بمؤتمر سيدر، أو غيره من مؤتمرات الدعم الدولي، وهذا ما سيتحدث به أيضاً الموفد الفرنسي مع القوى السياسية التي اجتمع بها في قصر الصنوبر، مشدداً على أن مستشار ماكرون لا يحمل معه أي مبادرة جديدة، ولا يقوم بأي عمل يمكن وضعه في إطار التدخل في الشأن اللبناني، لكنه سيُكرر في كلّ مناسبة أن فرنسا لن تعطي أي شيك على بياض للبنان من دون إصلاحات.

وزار ماكرون لبنان، المرّة الأولى في السّادس من أغسطس/ آب الماضي، أي بعد يومين على وقوع انفجار مرفأ بيروت، قبل أن يعود ثانيةً في الـ 31 من الشهر نفسه، غداة تسمية الكتل النيابية السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب وتكليفه تشكيل الحكومة، لكنه عاد واعتذر عن عدم تأدية مهامه، نتيجة تعنّت الأحزاب السياسية التقليدية والنزاع الذي كان قائماً ولا يزال على "الحصص الوزارية"، وهو ما يحول دون تشكيل حكومة جديدة مضاف إليها نزاعات حول شكل الحكومة وعدد الوزراء ومبدأ المداورة في الحقائب، وسط إصرار "حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري)، ومعها "حزب الله"، على إبقاء وزارة المال خارج التداول واستثنائها من مبدأ المداورة.

وأشار المكتب الإعلامي في قصر بعبدا إلى أن الرئيس عون أبلغ مستشار ماكرون أن "لبنان متمسك بالمبادرة الفرنسية، وهذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال حكومة موثوق بها وقادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة التي وردت في الورقة التي اتُّفِق عليها بين الرئيس ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية، وعلى التنسيق بشكل فعال مع الشركاء الدوليين الذين تعهدوا بمساعدة لبنان لإخراجه من الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها".

وشدد عون على أن عملية التدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان، التي تعتبر من أسس هذه الإصلاحات، تواجه بعراقيل عديدة، نقابلها بإصرار على تحقيقها، وقد مُدِّد ثلاثة أشهر لشركة " الفاريز ومارسال" تأميناً لهذه الغاية.

ولفت رئيس الجمهورية إلى أن الهم الأساسي حالياً هو استمرار الاستقرار في البلاد وسط العواصف الإقليمية والأزمات غير المسبوقة التي يواجهها لبنان، مشيراً إلى أن العقوبات الأميركية التي استهدفت سياسيين لبنانيين زادت الأمور تعقيداً. مع الإشارة إلى أنها شملت أخيراً، صهره، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

وحمّل الرئيس عون المستشار دوريل تحياته للرئيس الفرنسي، مقدّراً وقوفه إلى جانب لبنان في هذه الظروف الصعبة، لأن الرئيس ماكرون صديق كبير للبنان.

من جهته، نقل المستشار دوريل إلى الرئيس عون تحيات الرئيس ماكرون واهتمامه بالأوضاع في لبنان، مؤكداً متانة العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى دقة الأزمة الاقتصادية وخطورتها وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة ومقبولة من جميع الأطراف كي تباشر بالإصلاحات المطلوبة واستعادة ثقة المجتمع الدولي.

وأشار دوريل إلى أنّ فرنسا ستواصل تقديم مساعدات عاجلة في مجالات عدة، ولا سيما المجال التربوي، مذكراً بأن وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته تجاه لبنان مرتبط بتحقيق الإصلاحات.

والتقى الموفد الفرنسي رئيس البرلمان النيابي، نبيه بري، في عين التينة (مقرّ بري في بيروت)، على أن يلتقي مختلف القادة السياسيين في لبنان تباعاً.

المساهمون