انطلقت صباح اليوم السبت، في النقب، فعاليات إحياء ذكرى "يوم الأرض" بنشاطات رمزية أقيمت على أراضي قريتي سعوة والعراقيب.
وقررت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل المحتل عام 1948 أن يكون إحياء الذكرى في النقب هذا العام في 26 مارس/آذار، ليلائم ذلك الظروف الخاصة لأهالي النقب، وليكون بالإمكان تنظيم نشاطات خاصة في قرى مثلث "يوم الأرض" في 30 مارس/آذار لضمان أكبر مشاركة ممكنة للجمهور.
بدأت الفعاليات صباحاً في قرية العراقيب أولاً، ومن ثم توّجت النشاطات بالمهرجان المركزي الساعة الثالثة بعد الظهر في قرية سعوة، لكن التحضيرات التي تم الاستعداد لها وتجهيزها على مدار الأيام الماضية ومنذ بداية الشهر الحالي؛ خيمت عليها حال من القلق والتوتر سببته عملية الدهس والطعن الأخيرة التي وقعت الأسبوع الماضي في بئر السبع، والتي تسببت بموجة تحريضية شرسة ضد العرب البدو في النقب، ما جعل احتمالات المشاركة من قبل أهالي النقب في الفعاليات أقل من المعتاد كل عام في ظل الظروف المستجدة.
في العراقيب، قام أبناء عشيرة العقبي (بني عقبة) بفعالية خاصة لترميم مقبرة العشيرة وصيانتها، تحت شعار العودة إلى العراقيب، قريتهم التي هجروا منها، حيث بدأت الفعالية الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وكانت العشيرة قد توجهت للأهالي بدعوة للمشاركة في ترميم مقبرة عائلة العقبي على أرض العراقيب وزراعة الزيتون داخل المقبرة، وبعد إتمام العمل، انطلق المشاركون إلى قرية سعوة.
وقال الشيخ أسامة العقبي، من لجنة التوجيه لعرب النقب المنبثقة عن لجنة المتابعة: "نظمنا عدة فعاليات من ضمنها ترميم وصيانة مقبرة عشيرة الطوري، وأيضا كانت هناك فعاليات لدى عشيرة الطوري نظمها الشيخ المرابط صياح الطوري، ونتوج كافة هذه الفعاليات بانضمامنا إلى إخواننا في قرية سعوة التي مرت بظروف شديدة من تجريف ومصادرة أراض منذ بداية هذا العام".
في العراقيب أيضاً، قال عزيز صياح الطوري، ابن القرية: "أتممنا الفعاليات والمحطات التي جرى تنظيمها على مدار الأيام الماضية في قرية العراقيب، المحطة الأولى كانت محطة فنية مع الفنانة حنان من القدس ومجموعة الفنانين المناصرين لقرية العراقيب، المحطة الثانية تجولنا مع ضيوفنا في القرية وسردنا لهم قصتها، أما المحطة الثالثة فكانت فعاليات للأهالي والشباب، من ضمنها ركوب الخيل ومسابقات للأطفال".
وأضاف: "هنالك وفود من عدة مناطق جاءت لزيارة القرية من القدس وحيفا والناصرة ومن أبناء البلد وعدة مجموعات أخرى، بعد ذلك، جرى التجمّع والانطلاق للمشاركة في فعالية يوم الأرض المركزية في سعوة، المشاركة من الأهالي والمتضامنين وأهالي القرية كالمعتاد، وهي جيدة، رغم الظروف العامة التي يمر بها نقبنا الصامد".
بدوره، توقع معيقل الهواشلة، مسؤول العلاقات العامة في "المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب"، أن يكون الحضور ضعيفاً هذا العام بسبب الأحداث الأخيرة والوضع العام المتوتر وغير المسبوق في النقب، وقال: "كنت لا أتوقع حضور عدد كبير من أهالي النقب لأنني موجود في الميدان وأسمع أحاديث الناس، هناك حال قلق في النقب، توقعنا مشاركة كبيرة من أهلنا من الشمال والمركز، بعكس مشاركة أهل النقب التي كانت بسيطة بدءاً من العراقيب".
وكانت "لجنة توجيه عرب النقب" قد دعت الجمهور للمشاركة في فعاليات يوم الأرض منذ بداية مارس/آذار الحالي، وقال رئيس اللجنة جمعة الزبارقة: "اليوم نحيي ذكرى يوم الأرض من مواقع التجريف الذي تم في شهر يناير/كانون الثاني الماضي في سعوة، وهناك عدة فعاليات تمت، منها زراعة الزيتون ومحطة للرسم ونشاط للأطفال وفقرة فنية، وكلمات للقوى السياسية بما يخص يوم الأرض الخالد ضمن المهرجان المركزي، من ضمنها رئيس لجنة المتابعة السيد محمد بركة، وشخصيات قيادية من النقب وأعضاء كنيست وشخصيات أخرى حضرت للمشاركة".
وأضاف: "صراعنا في النقب على قضية الأرض والحيز، نحن مستمرون في النضال والمطالبة بحقوقنا ومن أجل الاعتراف بملكيتنا على أراضينا والاعتراف بقرانا كما هي"، مشيراً إلى أن "المشاركة اليهودية جيدة هذا العام ومهمة، خاصة بعد الأحداث السابقة التي استنكرناها جميعاً، لذلك دعونا عدة مجموعات من اليهود، ورغم تقديراتنا فإن المشاركة كانت جيدة نوعاً".
وشهد المهرجان في سعوة مشاركة من وفود يهودية مؤيدة للسلام، ووفود أجنبية من مختلف الجنسيات، حيث ألقى المشاركون كلمات عبروا فيها عن دعمهم وتأييدهم لقضية النقب بلغاتهم المختلفة.
ويشهد النقب منذ بداية العام الحالي حالاً من التوتر غير المسبوق، بسبب تكرار عمليات تجريف الأراضي ومصادرتها وزراعتها بالأشجار الحرجية، ناهيك عن حراثة المحاصيل الزراعية وهدم البيوت وحرمان العائلات من بناء بيوت للسكن والاستقرار أو ترميمها، يضاف إلى ذلك القرار الأخير بالمصادقة على بناء مدينتين، لليهود فقط، في النقب، وتوترت الأوضاع بشكل كبير جداً في أعقاب العملية التي نفذها محمد أبو القيعان في بئر السبع، وأدت إلى ظهور حال من التحريض الشديد من قبل الإعلام والسلطات في الوسط اليهودي ضد المجتمع العربي ككل في الجنوب، رغم تعالي الأصوات الرافضة والمستنكرة للعملية وظروف تنفيذها.