تتواصل عمليات الاغتيال والفوضى الأمنية في مناطق جنوبيّ سورية، فيما يضغط النظام السوري على الأهالي للانخراط في عمليات "تسوية" جديدة، على الرغم من مضيّ أشهر قليلة فقط على التسويات الأخيرة، التي لم تلتزمها أجهزة النظام.
وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام، أن "تسوية أوضاع المطلوبين والفارين من الخدمة العسكرية" تستمر لليوم الثاني في مركز قصر الحوريات بمدينة درعا، الذي افتتحته سلطات النظام أمس الأربعاء، وسط مدينة درعا، "لفسح المجال لجميع المطلوبين لتسوية أوضاعهم"، وفق "سانا".
وذكر الناشط أبو يامن الزعبي لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة الأمنية التابعة للنظام تمنح الخاضع للتسوية مهلة أسبوعين للالتحاق بقطعته العسكرية، فيما أشار المكتب الصحافي لمحافظة درعا إلى أن افتتاح مركز التسوية جاء بالتزامن مع قرب انتهاء "العفو" الذي أصدره رئيس النظام السوري في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي نصّ على عفو عن كامل جرائم الفرار الداخلي والخارجي قبل تاريخ إصداره.
ورأى الزعبي أن النظام يحاول الضغط على المنشقين لإجراء تسوية، وتصوير ذلك كفرصة أخيرة لهم بسبب عزوف الكثير من المطلوبين من جانب النظام، عن هذه التسويات سابقاً، متوقعاً أن يعقب ذلك حملات تدقيق واعتقال تطاول الرافضين لهذه التسويات الذين يقدَّر عددهم بالآلاف، والذين يريد النظام اجبارهم على الالتحاق بقواته، أو ترحيلهم خارج سورية، من خلال التسهيلات التي منحها منذ عام للشبان المطلوبين للخدمة العسكرية لمغادرة البلاد.
تسوية جديدة في كناكر
وفي السياق نفسه، كانت سلطات النظام قد اتفقت، الثلاثاء، على تسوية أمنية جديدة في بلدة كناكر في ريف دمشق الغربي، بعد سلسلة مفاوضات مع الأهالي، تخللتها تهديدات بالتهجير، وبشنّ حملة عسكرية في المنطقة.
ووفق موقع "صوت العاصمة" المحلي، توصلت لجنة المصالحة في بلدة كناكر إلى اتفاق مع رئيس الفرع 220 التابع للأمن العسكري، المعروف باسم فرع سعسع، العميد طلال العلي، يقضي بإخضاع مجموعة من أبناء البلدة، ممن وردت أسماؤهم ضمن قوائم أصدرها الأمن العسكري، وآخرين من أبناء البلدة، لعملية تسوية أمنية جديدة، مقابل تخلي النظام عن فكرة التهجير القسري لهؤلاء الشبان.
وأوضح الموقع أن عملية التسوية ستبدأ صباح الأحد المقبل، حيث افتتحت لجنة المصالحة مركزاً داخل مبنى المجلس البلدي لتسجيل أسماء الراغبين في الخضوع لعملية التسوية، مشيراً إلى أن العملية تشمل جميع أبناء البلدة المطلوبين للأفرع الأمنية، والمتخلفين عن الخدمة العسكرية.
وكانت قد بدأت سلسلة المفاوضات بين أعضاء لجنة المصالحة، ورئيس فرع سعسع طلال العلي منذ مارس/آذار الماضي، بطلب من العلي، لبحث الملفات الأمنية العالقة في كناكر، حيث طالب العلي أهالي البلدة بتسليم مستودع للأسلحة، وتهجير شبان من أبناء كناكر المنضمين سابقاً إلى صفوف فصائل المعارضة، وفق قوائم أصدرها الفرع خلال المفاوضات. وأكد العلي إتمام عملية التهجير دون إخراج أي قطعة سلاح مع المهجرين، مهدّداً بقصف البلدة وشنّ حملة عسكرية عليها، إذا لم تقبل شروطه. غير أن الشبان رفضوا، وفق الموقع، شروط العلي، وأكدوا تمسكهم بأسلحتهم في حال خروجهم من البلدة، إضافة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين من أبناء البلدة قبل إتمام العملية، إلا أن رئيس فرع سعسع رفض إطلاق سراح المعتقلين، باستثناء معتقل واحد سيُطلَق سراحه بعد إنهاء العملية، ما أدى إلى تعثر المفاوضات بين الطرفين لأكثر من شهر.
اغتيالات وفوضى أمنية
في غضون ذلك، تتواصل عمليات الاغتيال والفوضى الأمنية في مناطق عدة جنوبيّ سورية، حيث ذكرت شبكات محلية أن شخصين قتلا الليلة الماضية في قرية خربا على الحدود بين محافظتي درعا والسويداء، بعد استهدافهما من قبل مسلحين مجهولين. وأوضحت شبكة "درعا 24" أن الضحيتين هما منير وسامي المير، مشيرة إلى أن الأخير رئيس الجمعية الفلاحية في قرية خربا التي عاد إليها سكانها تدريجاً اعتباراً من العام قبل الماضي، بعد التوصل إلى اتفاق برعاية روسية بين اللواء الثامن، الذي كانت لديه مقرات وحواجز داخلها من جهة، وفعاليات ووجهاء من القرية ذات الغالبية المسيحية من جهة أخرى.
من جهتها، أوضحت شبكة "السويداء 24"، أن الأهالي عثروا على الجثتين مصابتين بالرصاص، قرب كتيبة مهجورة، حيث أبلغوا نقطة تفتيش للواء الثامن، ليحضر عناصر اللواء، ويسعفوا المصابين إلى مشفى مدينة بصرى الشام، شرقي درعا، إلا أنهما وصلا مفارقين للحياة. كذلك توفيت طفلة بعمر 4 سنوات، في المشفى الوطني بالسويداء أمس الأربعاء، بعد أسبوع من إصابتها بجروح بالغة، ومقتل شقيقها، ووالدها، وجدها، إثر استهداف مسلحين مجهولين سيارة كانت تقلّهم على طريق الدارة - المليحة الشرقية، بين محافظتي درعا والسويداء.
النظام يعلن مصادرة أسلحة
من جهة أخرى، نقلت وكالة "سانا" الرسمية عمّن سمّته مصدراً ميدانياً قوله إن "الجهات المختصة صادرت أكثر من ألف قطعة سلاح متنوعة ما بين خفيفة ومتوسطة، بعضها أميركي الصنع، إضافة إلى ذخائر متنوعة"، قال إنها من مخلفات فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على المنطقة.
وبحسب المصدر، استغرقت عمليات مصادرة الأسلحة أكثر من ثلاثة أشهر، "بتعاون المجتمع المحلي الذي أسهم في مصادرة هذه الأسلحة من مختلف أنحاء المحافظة"، وفق الوكالة التي ذكرت أن "الكثير من الشبان في المحافظة استفادوا من تعديلات قانون تنظيم حمل السلاح الأخيرة، وسلّموا ما بحوزتهم من الأسلحة للجهات المختصة".
وأوضح أن الأسلحة المصادرة تضمّنت بنادق آلية، ومسدسات، وقناصات، وقذائف "أر بي جي"، وأسلحة مضادة للدروع والطائرات، وقنابل يدوية، وذخائر متنوعة بكميات كبيرة.