النظام السوري يوافق على إدخال المساعدات إلى مناطق المعارضة عبر معبر باب الهوى

12 يناير 2024
شبح عدم مرور المساعدات مستمر بسبب تمديد دخولها فقط مدة 6 أشهر (فرانس برس)
+ الخط -

وافق النظام السوري، اليوم الجمعة، على دخول المساعدات الأممية من معبر باب الهوى الحدودي نحو المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، شمال غربي البلاد، لمدة ستة أشهر إضافية، وذلك ضمن الآلية التي تعتمدها الأمم المتحدة منذ العام 2014 إلى الشمال السوري بتفويض من مجلس الأمن الدولي، مما يطرح أسئلة حول ما إذا أصبحت مسألة إدخال المساعدات الأممية إلى البلاد مرتبطة بقرار من النظام.

وفي منتصف العام الماضي 2023، وافق النظام السوري على إدخال المساعدات عبر المعبر الوحيد المتبقي لاستقبال المساعدات، بعد أن كان قد عارض فكرة إدخال المساعدات لسنوات نظراً لكونها، بحسب زعمه، تخرق سيادة الدولة السورية.

وقالت وكالة رويترز إنها اطلعت على مذكرة دبلوماسية، بتاريخ أمس الخميس، تشير فيها بعثة النظام لدى الأمم المتحدة إلى أن دمشق "ستمدد التصريح الممنوح للأمم المتحدة باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سورية، ستة أشهر إضافية حتى 13 يوليو/ تموز 2024".

ومنحت دمشق موافقتها للأمم المتحدة على إرسال المساعدات عبر معبرين حدوديين (الراعي وباب السلامة) شمالي حلب، بعدما تسبب زلزال في مقتل أكثر من 50 ألف شخص في البلدين، في فبراير/ شباط العام الماضي، وتنقضي مدة هذا التفويض في 13 فبراير/ شباط المقبل.

نص القرار لم يصل إلى المنظمات

وحول القرار الأخير، يرى سارية عقاد وهو منسق "تحالف المنظمات السورية غير الحكومية" (تحالف يضم 25 منظمة تعمل في شمال غرب سورية)، أنه كانت هناك مخاوف من أن يتحكم النظام، الذي وافق على التفويض الأول العام الماضي، بعمليات إدخال المساعدات إلى شمال غربي سورية، لا سيما أن القسم الأعظم منها مخصص للمهجرين، الذين أسهم النظام في تهجيرهم.

ويضيف عقاد لـ"العربي الجديد"، أنه "من غير الواضح ما هي تأثيرات قرار التفويض الجديد بعد موافقة النظام السوري، لكون نص القرار لم يصل إلينا كمنظمات من الأمم المتحدة، وما تم إعلامنا به الموافقة فقط على دخول المساعدات لمدة ستة أشهر دون تفاصيل أو ما هي الشروط التي وضعها النظام السوري". 

ولفت إلى أن "النظام السوري يجب أن لا يتوقع منا في المنظمات أن نشكره على موافقته، سيما أن مسألة إدخال المساعدات يجب أن تتم بدون قيد أو شرط"، مضيفاً: "نحن أيضاً شركاء في مشروع (الرأي القانوني)، وهو الرأي الذي توصل إليه خبراء قانون دوليون بأنه بالإمكان إدخال المساعدات إلى شمال غربي سورية، دون الحاجة إلى النظام أو قرار من مجلس الأمن من الأساس".

وأشار إلى أنه لم يكن هناك اختلاف كبير بالنسبة لعملية توزيع ودخول المساعدات "بموجب التفويض السابق بناء على موافقة النظام الأولى، ولا يتوقع ذلك في التفويض الحالي، لكن المدة القصير للتفويض (ستة أشهر) هي التي ستعيق عمل المنظمات بالتخطيط للمشاريع بشكل استراتيجي ومستدام".

وبيّن عقاد أنه "يجب أن ننتظر لنرى موقف سلطات الأمر الواقع من الموافقة الحالية، أي (حكومة الإنقاذ) في إدلب، لكي نضمن عدم وجود عراقيل أمام استمرار المساعدات الإنسانية كما حدث عقب الموافقة السابقة". 

المساعدات بيد النظام؟

وبفشل مجلس الأمن في التوصل إلى آلية لإدخال المساعدات العام الماضي، ظهرت مقترحات وبدائل لتلك العملية، منها منصة بديلة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وهي منصة "إنصاف" والتي تأخذ على عاتقها دوراً تنسيقياً لتوزيع المنح بين المنظمات.

و"إنصاف" هو صندوق إنساني مشترك متعدد المانحين تم إنشاؤه من قبل المانحين الدوليين نهاية العام 2022 لتلبية الاحتياجات ذات الأولوية في شمالي سورية، تحسباً لعرقلة روسيا تمديد آلية إدخال المساعدات بداية العام الحالي. 

من جهتها، قالت المديرة الإقليمية لهيئة الإغاثة الإنسانية الدولية، هدى أتاسي، لـ"العربي الجديد"، إن "النظام السوري وافق على إدخال المساعدات، ولكن دون أي دور للنظام بالتحكم بكميتها ونوعيتها وعددها وطريقة توزيعها"، وعبرت عن أسفها لعدم قدرة مجلس الأمن على تمديد القرار الأممي 2672، الذي انتهى تفويضه العام الماضي، مما يعني أن آلية إدخال المساعدات الأممية إلى البلاد يجب أن تكون خاضعة لموافقة النظام.

وأضافت "التجديد أمر جيد، لكن بهذه المدة (ستة أشهر) نحن دائماً أمام شبح من عدم تمديدها، وهي تولد حالة قلق سواء لدى المستفيدين أو المنظمات لا سيما أن المدة قصيرة وغير مستدامة للبرامج الإنسانية، لأن هناك آلاف المدارس والمرافق الصحية ومحطات المياه والصرف الصحي والمساحات الآمنة للنساء والفتيات ومراكز التأهيل ومخيمات النازحين وغيرها، معرضة لخطر فقدان الدعم والإمدادات الحيوية التي تقدمها الأمم المتحدة عبر معبر باب الهوى بشكل يومي، وذلك في حال توقف النظام عن إعطاء موافقة".

وشددت على أنه يجب أن يكون هناك آلية "كريمة" لدخول المساعدات دون قيد أو شرط من أي طرف، وتلك مساعدات ينتظرها ملايين المحتاجين.

ويعيش في إدلب حوالي ثلاثة ملايين سوري، معظمهم من النازحين والمهجرين قسراً، غالبيتهم في مخيمات النزوح، فيما يقطن في مناطق سيطرة المعارضة شمالي حلب، أي المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الحليف لتركيا حوالي مليون ونصف مليون أيضا، نصفهم من المهجرين والنازحين، والـ 4.5 ملايين شخص في المنطقتين الواقعتين شمال غربي سورية بحاجة إلى المساعدات اليومية بسبب ظروف الحرب والأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة. 

وفي العام 2014، بدأ مجلس الأمن الدولي العمل بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود، وكانت تلك المساعدات تدخل عبر أربعة معابر حدودية هي باب الهوى والسلامة من تركيا، ومعابر إضافية من الأردن والعراق، ومع مرور الوقت، وبسبب الاعتراضات الروسية، بدعم صيني، بدأ تقليص عدد المعابر الحدودية التي تدخل عبرها المساعدات إلى الشمال الغربي، والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، إلى معبر واحد، هو باب الهوى.

المساهمون