اعتقلت أجهزة النظام السوري الأمنية أحد اللاجئين السوريين العائدين من لبنان إلى سورية، ضمن ما سُمي "العودة الطوعية"، في وقت تتواصل الأصوات المحذرة من هذه العودة التي لم تلقَ مباركة دولية، لما تحمله من مخاطر على العائدين.
ونقل "تلفزيون سوريا" عن مصدر محلي قوله إن النظام اعتقل الشاب مجد طفيلية المنحدر من بلدة جراجير في القلمون الغربي بريف دمشق، بعد ثلاثة أيام من عودته من لبنان.
وأضاف أن طفيلية كان من ضمن المطلوبين لمراجعة مركز التسوية في بلدة فليطة بالقلمون الغربي، الذي افتتحته مخابرات النظام داخل المدرسة الابتدائية وخصصته للعائدين من لبنان ضمن قافلة اللاجئين الأولى، وكان قد دخل مع القافلة عبر معبر "الزمراني" الحدودي في جرود القلمون، وتسلم برقية مراجعة "لمركز التسوية"، خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة.
وأوضح أنه بعد مراجعة الشاب للمركز لإجراء عملية التسوية الأمنية، أصدر الأمن السياسي مذكرة باعتقاله على الفور، ونُقل إلى مقر الفرع في العاصمة دمشق.
وكان طفيلية يعيش في منطقة عرسال اللبنانية منذ عام 2014، وعاد إلى سورية بعد تقديم ضمانات من الحكومة اللبنانية بعدم الملاحقة الأمنية والاعتقال.
الائتلاف يحذر
قال رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط إن وفاة المدنيَّين، مؤيد العبيد وابنه عبد العزيز، تحت التعذيب في سجون نظام الأسد بعد عودتهما إلى مناطق النظام وإجرائهما عمليات تسوية، "تؤكد للعالم أن هذا النظام لن يتوقف عن القتل وسينتقم من جميع العائدين بذات الطريقة".
ولفت المسلط، وفق الدائرة الإعلامية في الائتلاف، إلى أن موت الرجل وابنه يثبت أن "النظام لن يتخلى عن سلوكه الإجرامي بحق الشعب السوري"، محذراً الحكومات من إجبار اللاجئين على العودة إلى مناطق النظام، وحمّلها "المسؤولية الكاملة عن حياة أي لاجئ يجبر على العودة".
كذلك حذر المسلط الأمم المتحدة من الانخراط في أي عملية لإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق النظام، واستنكر "الصمت المطبق حيال هذه الانتهاكات وعمليات الترحيل القسرية الأخيرة من لبنان".
وكان مؤيد العبيد وابنه عبد العزيز، قد قضيا تحت التعذيب في سجن صيدنايا بريف دمشق، بعد عودتهما من مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية إلى منزلهما في مدينة القريتين بريف حمص الشرقي، بموجب "تسوية" في عام 2020. وتلقى أهل الضحيتين، يوم الاثنين، نبأ وفاتهما من أحد الضباط في فرع البادية بعد تلقيه مبلغاً مالياً.
فلسطينيو سورية: الخشية من الاعتقال
من جهتها، ذكرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية "أن النازحين والمهجّرين الفلسطينيين يخشون العودة إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، لأسباب عدة، أبرزها الخطر على حياتهم".
وأوضحت المجموعة أن الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية للنظام يشكل أبرز مخاوف فلسطينيي سورية، وهو قد يكون لعدة أسباب، منها مشاركتهم في الثورة السورية، أو أن أحداً من أقاربهم معتقل أو مطلوب من قبل السلطات الأمنية، إضافة إلى الخدمة العسكرية في "جيش التحرير الفلسطيني" الخاضع لسلطة النظام.
واستندت المجموعة الى استطلاعات لـ 538 عائلة فلسطينية من سورية تقيم في لبنان، حيث يوجد 350 عائلة لديها فرد من أفرادها أو أحد أقاربها معتقل في سورية، و188 أسرة لديها مخاطر متعلقة بالتجنيد الإلزامي.
ورصدت مجموعة العمل اعتقال أكثر من 15 لاجئاً فلسطينياً عند النقاط الحدودية أو من مطار دمشق بعد عودتهم إلى سورية، ومنهم من لا يزال في حالة اختفاء قسري. ووثقت حالات اعتقال لعدد من الفلسطينيين، على الرغم من تسوية أوضاعهم الأمنية مع النظام.
اعتقالات أكتوبر/تشرين الأول
وثّقت الشبكة السوريّة لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 208 حالات اعتقال تعسفي، بينهم 7 أطفال و5 سيدات، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وسجل تقرير للشبكة صدر، اليوم الأربعاء، 86 حالة اعتقال على يد قوات النظام السوري، و46 بينهم 7 أطفال على يد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، و27 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة، بما فيها "الجيش الوطني" و49 على يد "هيئة تحرير الشام".
ووفق الشبكة، فإن الحصيلة الأعلى من الاعتقالات كانت ضمن محافظة حلب، تلتها دير الزور، ثم ريف دمشق، ثم الرقة، فدمشق وحماة وإدلب.
وأوضح التقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال تجري من دون مذكرة قضائية، لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة النظام الأمنية الأربعة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، مشيراً إلى أن المعتقل يتعرض للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم التواصل مع أحد.