يشهد الشمال الغربي من سورية تصعيداً عسكرياً من قبل النظام السوري والجانب الروسي، ما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين، في وقت تتفاقم الأزمات الإنسانية في المنطقة المكتظة سكانياً، حيث يوجد بينهم نحو 2 مليون نازح يعانون من ظروف معيشية صعبة مع دخول فصل الشتاء.
وعاد الطيران الحربي لقصف مناطق في شمال غربي سورية بعد غياب لنحو شهر، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الذي أفاد بأن مقاتلات روسية أغارت على مواقع ضمن مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" في قرية مصيبين قرب مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي.
وكانت قوات النظام السوري ارتكبت مساء الأحد مجزرة في بلدة دارة عزة بريف حلب الغربي جراء القصف المدفعي والصاروخي، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص ومثلهم من الجرحى، فيما سقط 15 جريحا في القصف على أحياء داخل مدينة إدلب.
من جانبه، قال "المرصد السوري" إن حصيلة القتلى في مدينة دارة عزة بلغت ستة، من بينهم امرأة حامل، فيما قتل شخصان جراء القصف من قوات النظام على بلدة الأبزمو في ريف حلب.
وقال الدفاع المدني المعارض في بيان له إن من بين ضحايا "الهجمات الإرهابية لقوات النظام أطفالاً ونساء"، مشيرا إلى أنها "تهدد أرواح السكان وتفرض حالة من عدم الاستقرار وتجبرهم على النزوح في وقت تتفاقم الأزمة الإنسانية مع دخول فصل الشتاء وتتراجع الاستجابة لاحتياجات السكان".
وذكر الدفاع المدني والمعروف بـ"الخوذ البيضاء" أنه منذ بداية ديسمبر/ كانون الأول الجاري وحتى العاشر منه، شهد شمال غربي سورية تصعيداً من قوات النظام، حيث شنت 48 هجوماً على المدنيين في 15 مدينة وبلدة أدت لمقتل 9 أشخاص، بينهم 3 أطفال وامرأة، وأصيب إثر تلك الهجمات 45 شخصاً، من بينهم 12 طفلاً وامرأة، كانت إصابة معظمهم خطرة.
ومنذ بداية العام 2023 وحتى العاشر من ديسمبر، استجابت فرق الدفاع المدني إلى 1206 استهدافات من قوات النظام وروسيا والمليشيات الموالية لهم، أدت إلى مقتل 154 شخصاً، بينهم 45 طفلاً و22 امرأةً، وأصيب إثر هذه الهجمات 652 شخصاً، من بينهم 203 أطفال و94 امرأةً.
قيادي في المعارضة: النظام السوري لا يحتاج إلى أسباب لارتكاب مجازر
تعليقا على هذا التصعيد من قبل النظام السوري وحلفائه، قال القيادي في فصائل المعارضة السورية في الشمال، الفاروق أبو بكر، إن "النظام لا يحتاج إلى أسباب لارتكاب مجازر بحق المدنيين"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "يفعل ذلك منذ عام 2012".
وأشار أبو بكر إلى أن النظام السوري "يحاول تصدير أزماته من خلال القصف على إدلب وريف حلب"، مضيفا أنه "لا يجرؤ على الرد على القصف الإسرائيلي المتكرر على مناطق سيطرته، فيلجأ إلى قصف المدنيين في شمال غربي سورية".
وفي السياق، توقع القيادي في فصائل المعارضة في إدلب، مصطفى البكور، في حديث مع "العربي الجديد"، ازدياد شدة القصف المتبادل "بعد انتقال عمليات الاستهداف من قبل المليشيات الإيرانية والنظام إلى داخل مدينة إدلب".
إلى ذلك، رأى المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هدف النظام جراء التصعيد "العبث باستقرار المنطقة المحررة"، مضيفا: "يريد إبقاءها تحت الضغط والقصف قدر الإمكان كإثبات وجود لا أكثر".
وأشار إلى أن ارتكاب قوات النظام لمجزرة في دارة عزة غربي حلب "بسبب الرد الصاروخي للثوار على تصعيده واستهداف مليشيات طائفية في بلدتي نبل والزهراء شمال حلب"، معرباً عن اعتقاده بأنه ليست لدى النظام السوري نيّة لأي تحرك عسكري على الأرض لتغيير خريطة السيطرة.
وأضاف عبد الرزاق أنه ليست لدى قوات النظام السوري "القدرة على ذلك في ظل انشغال الروس والإيرانيين. أتوقع المحافظة على الخطوط، لكن القصف لن يتوقف".