النظام السوري يعاود حصار حيين في حلب للضغط على "قسد"

06 ديسمبر 2022
عناصر من "قسد" في ضواحي حلب، أكتوبر 2019 (فرانس برس)
+ الخط -

تُشير المعطيات إلى أن "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في شمال شرقي سورية، في طريقها إلى فرض حصار أمني على مربعين أمنيين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، رداً على حصار تفرضه قوات النظام على حيين في مدينة حلب، غالبية سكانهما من الأكراد.

وذكرت مصادر في "الإدارة الذاتية" لـ"العربي الجديد"، أن "الفرقة الرابعة"، التابعة لقوات النظام، تمنع عبر حواجزها العسكرية دخول المحروقات والغاز والمواد الغذائية، لليوم التاسع على التوالي، إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، اللذين يسكنهما حوالي 200 ألف شخص من الأكراد النازحين من عدة مناطق.

"قسد" ومحاصرة مناطق النظام

وذكرت المصادر أن "قوى الأمن الداخلي" (أسايش) التابعة لـ"الإدارة الذاتية" ستبدأ خلال فترة قريبة بحصار المربع الأمني في مدينة القامشلي بالحسكة، لإجبار النظام السوري على فك الحصار عن الحيين في حلب.

وكشفت أن الطاقة الكهربائية "شبه غائبة عن الحيين، وهو ما ينعكس سلباً على كل نواحي الحياة، ويهدد بتوقف الورش والمصانع الموجودة في الحيين"، مشيرة إلى أن هناك تخوفاً من السكان من توقف الأفران عن العمل نتيجة شحّ المحروقات.

ودخل النظام و"قسد" في حرب حصار متبادل مرات عدة في السنوات الماضية، إذ كان النظام يلجأ إلى محاصرة الحيين في حلب كلما أراد الضغط على "قسد" للحصول على مكاسب منها.

وكادت "قسد" أن تنهي وجود قوات النظام في محافظة الحسكة في مايو/أيار الماضي على خلفية حصار حيي حلب، مع استيلائها على عدة مبان حكومية تابعة للنظام، قبل تدخّل الجانب الروسي، الذي يؤدي عادة دور الوسيط بين الجانبين لإنهاء أي توتر بينهما.


إبراهيم مسلم: النظام يلجأ للحصار لفرض التنازلات على "قسد"

ويبدو النظام حريصاً على بقائه في أقصى الشمال الشرقي من سورية، إذ يمتلك في محافظة الحسكة حضوراً رسمياً، هو الوحيد من نوعه في منطقة شرقي نهر الفرات، وبالتالي فإن خروجه أو طرده منها يعني نهايته بشكل كامل في منطقة غنية بالثروات وتعادل نحو ثلث مساحة سورية.

وفي المقابل، تحرص "الإدارة الذاتية" بدورها على الوجود الرمزي للنظام في الحسكة، لنفي تهمة الانفصال التي تلاحقها من النظام والمعارضة معاً. كما أن وجود النظام في الحسكة يحول دون قيام الجيش التركي باجتياح المنطقة بشكل كامل والقضاء على "قسد"، وما يتبعها من إدارات ومؤسسات.

وأشار الناشط السياسي المقرب من "الإدارة الذاتية" إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن النظام "يلجأ إلى سياسة حصار حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، للضغط على الإدارة الذاتية للحصول على تنازلات أكثر منها".

وأضاف: "من جانبها، الإدارة الذاتية لا تجد أمامها إلا محاصرة المربعين الأمنيين للنظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، للضغط على النظام لفك الحصار عن الحيين الكرديين في حلب، إضافة إلى منطقة الشهباء في ريف حلب الشمالي، وبلدة تل رفعت التي تضمّ مهجرين أكرادا من منطقة عفرين".

وذكر مسلم أنه "لم يسبق للإدارة الذاتية أن بدأت حصاراً، بل إن النظام دائماً ما يكون هو البادئ الحصار"، معتبراً أن "النظام يعتبر الأكراد انفصاليين، وقسد مليشيا عميلة للجانب الأميركي". وأضاف: "النظام يحاول ليّ ذراع الإدارة الذاتية من خلال الحصار، لأنه يدرك أنه لا يمكن لها التخلي عن الأكراد في حلب وريفها".

ويقع حيّا الشيخ مقصود والأشرفية عند الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة حلب، ويتشكّلان من أكراد سوريين أتوا إلى حلب للعمل من عدة مناطق كردية في شمال وشمال شرقي البلاد. وتسيطر "وحدات حماية الشعب"، الثقل الرئيسي في قوات "قسد"، على الحيين منذ عام 2012، وتقيم حواجز على مداخلهما وتفرض قوانينها على السكان.

هدف النظام من محاصرة الحيين في حلب

ويبدو أن النظام يحاول الضغط على "قسد" من خلال حصار الحيين في حلب، للحصول على كميات أكبر من النفط والغاز من حقول وآبار منطقة شرقي نهر الفرات الخاضعة لـ"قسد"، خصوصاً في ظلّ معاناة النظام في الوقت الراهن أزمات اقتصادية خانقة، أبرزها ندرة المحروقات في مناطق سيطرته، وهو ما سبب استياء تُرجم، أول من أمس الأحد، إلى خروج تظاهرات في مدينة السويداء، جنوبي سورية.

ويتزامن حصار حيي الشيخ مقصود والأشرفية مع التوتر الذي يشوب الشمال السوري، في ظل وعيد تركي بشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد "قسد"، التي تواجه ضغوطاً روسية غايتها الحصول على مكاسب للنظام مقابل الضغط على أنقرة للعدول عن شن العملية.


فريد سعدون: التهديد التركي لن يسمح بتطور الوضع بين النظام و"قسد"

ويرى المحلل السياسي فريد سعدون، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التهديد التركي بشن عملية في شمال سورية لن يسمح بتطور الوضع بين النظام وقوات قسد إلى ما هو أكثر من ذلك"، مشيراً إلى أن "منطقة الشهباء (شمال حلب) تضم مئات الآلاف من نازحي منطقة عفرين، وتتولى الإدارة الذاتية تأمين الوقود لهم من منطقة شرقي نهر الفرات، وهو ما يخلق تنازعاً بين هذه الإدارة والنظام". ويبدي اعتقاده أن "الأمر يتطلب تدخلاً سريعاً لحل الإشكال الحاصل".

وتسيطر قوات "قسد" على جل محافظة الحسكة الغنية بالثروات، باستثناء مربعين أمنيين تابعين للنظام في مدينتي القامشلي والحسكة، وبعض القرى القريبة من المدينتين، إضافة إلى فوجين عسكريين هما: "الفوج 123" (فوج كوكب) قرب الحسكة، و"الفوج 154" (فوج طرطب) قرب مدينة القامشلي، ومطار القامشلي الذي تحول إلى قاعدة عسكرية روسية منذ أواخر عام 2019.

كذلك تنتشر قوات النظام في مناطق عدة على الشريط الحدودي مع الجانب التركي، وفق اتفاق تركي - روسي أبرم أواخر عام 2019 إبان العملية العسكرية التركية في منطقة شرقي نهر الفرات.