النظام السوري يصعد مجدداً في ريف درعا والروس يغيبون

25 مارس 2021
محاولات حثيثة للنظام لفرض سيطرته الأمنية على جنوب سورية (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن النظام السوري عاد من جديد للتصعيد الأمني في منطقة مزيريب في ريف درعا الغربي، عبر وضع سواتر ترابية على طريق مزيريب-اليادودة وجلب تعزيزات إليها، الأمر الذي ينذر بعزم النظام القيام بعملية عسكرية في المنطقة، عقب مرور أيام على سقوط عشرات من عناصره بين قتيل وجريح جراء محاولة تنفيذ عملية أمنية في البلدة. 

وقال أبو عبد الرحمن المنصوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "البلدة استفاقت اليوم لتجد قوات الفرقة الرابعة وقد وضعت سواتر ترابية على طريق المزيريب-اليادودة، وعززت تلك المناطق بالسلاح والعناصر، ومنعت المدنيين من سلوك ذلك الطريق". 

ورأى أن "العملية قد تهدف إلى تحصين مواقع الفرقة الرابعة وقوات الغيث التابعة لها في المنطقة، ولكن تحصين تلك المنطقة قد يكون لوجود نية لديهم بالقيام بعمليات عسكرية، ما قد يجعلها عرضة لعمليات رد الفعل".  

من جانبه، قال الناشط الإعلامي في ريف درعا الغربي أبو محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد": "النظام عقب إغلاق هذا الطريق جلب تحشيدات عسكرية إلى منطقة الري"، لافتاً إلى أن "هناك طرقاً أخرى يسلكها الناس في الدخول والخروج من البلدة، هي طريق اليادودة درعا المفتوحة من جهة تل شهاب، وطريق طفس درعا، وطريق خربة غزالة درعا المدينة". 

وبين أن "الطريق الذي تم إغلاقه يؤدي إلى أحد أكبر مقرات الفرقة الرابعة في المنطقة، وهي مزرعة الأبقار ومؤسسة الري ومنطقة الجامعات، ومجمع السالم الخالدي وسرية خراب الشحم، وهي جميعها قريبة بعضها من بعض، وتعتبر مركز انطلاق للعمليات العسكرية في ريف درعا الغربي".   

وتميل الترجيحات أن تكون الإجراءات الجديدة للفرقة هي عملية استعداد لإجراء عمليات عسكرية أو أمنية في المنطقة، وخاصة أن، في الفترة السابقة، فشلت المفاوضات بين النظام وممثلي المنطقة من التوصل إلى اتفاق حول إصرار النظام على تهجير ست شخصيات مع عائلاتهم إلى الشمال السوري، وعلى رأسهم أبو طارق الصبيحي، وهو قيادي في الفصائل المسلحة المعارضة التي أجرت تسويات أمنية في وقت سابق مع النظام برعاية الروس.  

وكان النظام خسر نحو 22 عنصرا من قواته، إضافة إلى وقوع عدد من الجرحى، في محاولة فاشلة لاعتقال الصبيحي، ما اضطر الأخير إلى الخروج من منزله في بلدة مزيريب إلى مكان غير معروف. 

ولفت الحوراني إلى أن "الخطر يهدد اليوم عدة مناطق إلى جانب المزيريب، أولها طفس، بعد أن عاد النظام يطالب بتهجير عدد من القيادات السابقة للمعارضة، في ظل عملية تفريغ المنطقة من قياداتها.  

واللافت أنه في ظل كل هذا التصعيد من قبل الفرقة الرابعة العاملة مع مجموعات "حزب الله" اللبناني المدعومة من إيران، وبالرغم من أن جميع التسويات التي تمت عام 2018 مع النظام كانت برعاية الروس، فاليوم لا يمكن لمس دور فاعل لهم لضمان عدم وجود تصعيد عسكري، بل يمكن أن يكون دورهم داعما للنظام في قضم مناطق التسويات وعودة سيطرة النظام عليها بشكل مطلق. 

من جانبه، قال المحلل العسكري العميد أحمد رحال، لـ"العربي الجديد"، "ما يحدث في مناطق التسويات هو أن ما يقوم به النظام منفصل عما يقوم به الروس، الذين لديهم التزامات أمام أميركا وإسرائيل والأردن لضبط المنطقة وإبعاد مليشيات إيران، ولديهم أيضاً التزام أمام لجان المصالحة لئلا يتغول النظام ويدخل إلى المدن والبلدات، وبالتالي هم اليوم غير قادرين على الوفاء بكل تلك الالتزامات، بسبب عدم التزام الأطراف". 

وأضاف "ومن الواضح اليوم أن أميركا وإسرائيل لم تعودا تثقان في الروس لفشلهم بإبعاد الإيرانيين، والمعارضة المنضوية في اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس التابع للروس، الذي تم دعمه وتقويته، ولم يعد الروس قادرين على ضبطه، إذ يهاجم القوات النظامية، ما يجعل الجنوب على صفيح ساخن، وأحد الاحتمالات أن يخرج من سيطرة النظام، ضمن ترتيب جديد للجنوب السوري، إلى اليوم لم تتضح معالمه، لكن أعتقد أن الصورة ستتضح قريبا". 

يُشار إلى أن الأوضاع الأمنية في جنوب سورية، من ريف العاصمة السورية دمشق إلى السويداء ودرعا والقنيطرة، تنذر باحتمال حدوث انفجارات أمنية في ظل محاولات النظام الحثيثة لفرض سيطرته الأمنية، في حين ينهار الوضع الاقتصادي بشكل متسارع، وتحرم أكثرية سكان المنطقة من القدرة على تأمين الحاجات الأساسية للمعيشة اليومية.

المساهمون