أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي يجري زيارة حالياً للعاصمة طرابلس، على "عمق العلاقات بين البلدين والروابط التاريخية التي تجمعهما"، مشيراً إلى تطلع بلاده إلى "فتح فصل جديد من التعاون".
وأعرب المنفي عن اعتزاز الشعب الليبي بالعلاقات التاريخية مع تونس، مشدداً على أهمية العمل على إعادة العلاقات المشتركة "إلى سالف عهدها".
وأشار المنفي إلى أنه ناقش مع الرئيس التونسي عدة ملفات مشتركة تتصل بالجانب الاقتصادي والتنموي، والدفع بالنشاط التجاري بين البلدين وتبادل الخبرات والتنسيق في مختلف المجالات.
ومن جانبه، أشار سعيد إلى أنّ زيارته الحالية إلى طرابلس جرى الإعداد لها "منذ فترة"، لكنه أشار إلى أنه كان ينتظر انتخاب حكومة موحدة، اعتبرها "مباركة على المنطقة كلها وليس على ليبيا فقط".
وأكد الرئيس التونسي على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيراً لى محطات تاريخية شهدت تنقل أبناء البلدين خلال الأزمات والاستعمارات التي مرت بهما تونس وليبيا، وقال "أتيت من أهلي إلى أهلي وتراب ليبيا هو امتداد لتراب تونس ومظاهر الوحدة بين البلدين أكثر من مظاهر الفرقة".
وفيما أشار سعيد إلى مرور البلدين بما وصفه بــ"فترات الجفاء"، أكد على ضرورة تجاوزها، وقال "وجدنا التاريخ والحاضر والمستقبل أيضاً يؤكد تقاربنا ووحدتنا".
وحول لقائه بقادة السلطة الجديدة في ليبيا، قال "تحدثنا في جملة من القضايا، الصحة والتعليم وانسياب الأشخاص والسلع عبر المعابر الحدودية، ووجدنا وجهات النظر تتطابق في هذه القضايا"، لافتاً إلى اتفاق على تبادل الخبرات في مجال الصحة بشأن لقاحات وباء كورونا.
وتابع "ناقشنا بعض الإجراءات الفنية لكننا تركنا تفاصيلها للجنة العليا التي ستتشكل خلال أسابيع بين البلدين وستناقش التفاصيل بشكل أوسع".
ولفت الرئيس التونسي إلى أنّ قضية الصحافيين التونسيين، نذير القطاري وسفيان الشورابي، المغيبين في ليبيا، كانت من جملة القضايا التي تم مناقشتها مع الجانب الليبي، مؤكداً تعهد الجانب الليبي على متابعة الكشف عن مصيرهما.
وطالب سعيد بعود الاتحاد المغاربي العربي "إلى سالف نشاطه من خلال اجتماع على مستوى وزراء خارجية دول المغرب المغربي"، مشدداً على ضرورة أن تسترجع الشعوب العربي "سيادتها كاملة".
وختم بالقول "أنتم كما نحن في تونس نمر بمرحلة دقيقة وحينما نصغي للأغلبية ونتعظ من الأخطاء التي وقعنا فيها ونستشرف مستقبلاً آخر مختلفاً عما سبق، بكل تأكيد سنجد أحلامنا".
كما التقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، الرئيس التونسي بمقر الحكومة في طرابلس.
وفي أول تعليق دولي على الزيارة، عبّر سفير ألمانيا لدى ليبيا، أوليفر أوفتشا، عن تفاؤله بها، وقال، في تغريدة على حسابه، "مشجعة رؤية هذا الترحيب المبكر بالرئيس التونسي قيس سعيد من قبل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس"، وتابع "تخيل إمكانات التوسع بين ليبيا وتونس في التعاون في التجارة والتدريب والسياحة".
أخبار مشجعة لرؤية هذا الترحيب المبكر بالرئيس التونسي قيس سعيد من قبل رئيس المجلس الرئاسي الليبي السيد المنفي في طرابلس، تخيل حجم التوسع في التعاون الليبي🇱🇾 التونسي 🇹🇳 في مجال التجارة والتدريب والسياحة، وستكون ألمانيا مستعدة لدعم مبادرات بين الأطراف الثلاثة. pic.twitter.com/TvcGVXoQeQ
— Oliver Owcza (@GermanAmbLBY) March 17, 2021
ووصل الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم الأربعاء، إلى طرابلس، في أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس تونسي لليبيا منذ عام 2012.
واستقبل المنفي سعيد، برفقة وفد حكومي تونسي، في مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس، صباح اليوم الأربعاء.
وكان في استقبال الرئيس التونسي والوفد المرافق له نائبا رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، وعبد الله اللافي.
وأجريت محادثات موسعة مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، حضرها عن الجانب الليبي كل من نائبي رئيس المجلس عبد الله اللافي وموسى الكوني ووزيرة الشؤون الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، ومن الجانب التونسي وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي، وعدد من أعضاء الديوان الرئاسي، منهم المستشار المكلف الملفات الاقتصادية.
وجرى لقاء ثنائي بين سعيد والمنفي، وكان التشديد خلال المحادثات على أهمية هذه الزيارة "التي تبرهن على عمق ومتانة الروابط التاريخية بين تونس وليبيا، وعلى أن مستقبل العلاقات بينهما سيكون بقدر عراقة هذه الروابط، وعلى مواصلة مساندة تونس للمسار الديمقراطي الليبي، خاصة أن أمن تونس من أمن ليبيا"، وفق بيان للرئاسة التونسية.
ومثلت الاستحقاقات المقبلة للبلدين وفي صدارتها المسائل التنموية والاقتصادية، أبرز محاور المحادثات، وفق البيان، حيث "تم الاتفاق على إعطاء دفع جديد للنشاط التجاري ووضع خطة عمل لتفعيل الجانب الاستثماري عبر تسهيل إجراءات العبور بين البلدين، وتيسير الإجراءات المالية بين البنك المركزي التونسي ومصرف ليبيا المركزي".
واتفق الجانبان على "تبادل الخبرات وتكثيف التعاون في مختلف المجالات الأخرى لمواجهة التحديات الكبيرة للبلدين، وذلك عبر الإسراع بعقد اللجان العليا المشتركة بما يستجيب لانتظارات الشعبين الشقيقين".
ووصف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي الزيارة بـ"الهامّة"، مؤكّدا أنها "تعبير صادق عن مدى مساندة تونس لجارتها ليبيا"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التونسية.
وأضاف الجرندي، في تصريح إعلامي بقصر الضيافة "أبو ستّه" بالعاصمة الليبيّة طرابلس حيث جرت محادثات موسّعة بين المسؤولين في البلدين، أنّ هذه الزيارة الأولى "ستفتح صفحة جديدة وتكون مؤشّراً على علاقات مبنيّة على التعاون والتضامن والتواصل بين مختلف المؤسسات في البلدين".
وتعتبر هذه الزيارة كذلك وفق الوزير "رسالة كبرى للعلاقات العريقة وللمستقبل الواعد بين تونس وليبيا".
وبخصوص المحادثات الثنائيّة والموسّعة بين سعيّد والمنفي ووفدي البلدين، قال الجرندي إنها "تطرقت إلى إعادة النظر في الاتفاقيات السابقة لتحديثها حتّى تكون مواكبة للتحدّيات. وتناولت أيضاً الاستحقاقات في المنطقة، وضرورة تكثيف التنسيق بين البلدين بشأنها".
وهذه الزيارة الأولى لرئيس دولة إلى ليبيا بعد انتخاب المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد بجنيف (سويسرا) مطلع فبراير/ شباط الماضي لأعضاء السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، التي نالت ثقة البرلمان الأربعاء الماضي 10 مارس/ آذار الجاري وأدت اليمين الدستورية أمامه، أول أمس الاثنين، وتسلمت مهامها رسمياً، أمس الثلاثاء.