حملت الزيارة الأولى لوزير خارجية النظام السوري المعيَّن حديثاً، فيصل المقداد، لطهران، مؤشرات عدة على ميل النظام نحو إيران واستمرار تنسيق الخارجية السورية مع إيران بشكل رئيسي، في ظل امتعاض من الوجود الروسي في البلاد وتدخله المباشر بقرار النظام سياسياً وعسكرياً.
ويأتي ذلك استمراراً لأحد أبرز معالم السياسة الخارجية للنظام السوري، من خلال الميل نحو إيران، وهو ما دأب على القيام به وزير الخارجية، وليد المعلم، الذي مات قبل حوالى أسبوعين، ويُعَدّ أحد رجالات إيران داخل النظام. وينظر إلى المقداد على أنه بديل المعلم، بحكم قربه كذلك من المسؤولين الإيرانيين.
وقالت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري، اليوم الاثنين، إنّ "فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين، وصل إلى طهران، مساء أمس الأحد، في زيارة رسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تلبيةً لدعوة من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف".
وأضافت أنّ المقداد والوفد المرافق له استُقبلوا لدى وصولهم إلى طهران من قبل عدد من كبار مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية وأعضاء السفارة السورية في طهران، مشيرة كذلك إلى أنّ المقداد "سيجري خلال الزيارة عدة لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين تتركز حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وتُقرأ زيارة المقداد الأولى لطهران، على أنها رسالة من رأس النظام السوري بشار الأسد نحو روسيا، باستمرار التنسيق مع الحليف الأقرب للنظام ودائرته الضيقة، بعدما جاهرت أصوات من داخل الأروقة المؤيدة للنظام أخيراً بالتذمر من الدور الروسي، ولا سيما بعد تقاعس الروس في دعم النظام مالياً للتخلص من أزماته الاقتصادية الخانقة بعد إقرار "قانون قيصر" الأميركي وتعاظم العقوبات على النظام.
كذلك فإنّ النظام السوري لم يكن مقتنعاً بالمسعى الروسي الأخير المتمثل بعقد مؤتمر اللاجئين السوريين في دمشق، إذ لا يزال بشار الأسد مقتنعاً بجدوى عدم عودة اللاجئين، في سبيل إكمال مخططه ونظريته بخلق "مجتمع متجانس"، التي تحدث عنها في أحد خطاباته من قبل. وتشاركه إيران في هذه النظرية من خلال مساعدته على إحداث عمليات تغيير ديمغرافي واسعة في البلاد، من خلال حصار المدن والبلدات وتهجير سكانها بعد ذلك، على أساس طائفي.
وكان المقداد يشغل منصب مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة قبل تعيينه نائباً للمعلم بعد تعيين الأخير وزيراً للخارجية عام 2006 خلفاً لفاروق الشارع الذي أصبح نائباً لرئيس النظام بشار الأسد دون صلاحيات.
وكان المقداد اليد اليمنى والموثوقة للمعلم، حيث عرف الاثنان بقربهما من المسؤولين الإيرانيين، وهذا ما جعل الأسد، على ما يبدو، يعيّن المقداد دون أدنى تردد وزيراً للخارجية بعد موت المعلم، منتصف الشهر الماضي.