استمع إلى الملخص
- يهدف التعديل إلى تسريع المشاريع التنموية الكبرى وتحسين قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى مكافحة البطالة وتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات.
- من المتوقع أن يشمل التعديل تغييرات في الطاقم البشري دون تغيير في الأحزاب المكونة للأغلبية، مع الحفاظ على الهيكل الوزاري الحالي دون تغييرات كبيرة.
رجحت مصادر من التحالف الحكومي الحاكم في المغرب إجراء تعديل على التشكيلة الوزارية خلال الأيام القليلة المقبلة، من داخل التحالف نفسه المكون من أحزاب الأغلبية الثلاثة (التجمع الوطني للأحرار و"الأصالة والمعاصرة" والاستقلال).
وتعزز الحديث عن التعديل الوزاري بقوة خلال الأسابيع الماضية، ومع تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء الجمعة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى مندوباً سامياً للتخطيط خلفاً لأحمد لحليمي علمي.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن التعديل الحكومي بات ضرورة سياسية، "لخلق نفس جديد وسط التحالف الحكومي"، خاصة في ظل الطموح باستمرار هذا التحالف إلى ولاية ثانية. وفي التقليد المتعارف عليه في المغرب فإن التعديل الحكومي هو إجراء يحصل عادة في منتصف الولاية تقريباً (ولاية الحكومة 5 سنوات)، وهذه المدة تكون كافية للكشف عن مَواطن الضعف في الإدارة الحكومية والاختلالات الموجودة في الأداء.
وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن تعديل وزاري، إذ كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد لمح بعد تقديم حصيلة نصف الولاية الحكومية في 25 إبريل/ نيسان الماضي، لإجراء تعديل حكومي قريب، بعد انعقاد المؤتمر الوطني 18 لحزب الاستقلال الذي انعقد نهاية الشهر نفسه بمدينة بوزنيقة. كما سبق أن أوردت مجلة "جون أفريك"، التي توصف بأنها مقرّبة من بعض مراكز القرار في المغرب، في صيف 2022، خبراً عن الاتفاق على تعديل وزاري بطلب من العاهل المغربي.
ومنذ ذلك الحين كان الترقب سيد الموقف بخصوص إجراء تعديل على النسخة الأولى من حكومة أخنوش، على اعتبار أن تحديد موعد التعديل الحكومي رهن بجملة من المقتضيات التي تتجاوز رئيس الحكومة، ومن أبرزها تلقي إشارات من أعلى سلطة في البلاد.
وتضم الحكومة، التي عينت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2021، 25 وزيراً ووزيراً منتدبا، بينهم 18 وزيراً يمثلون الأحزاب السياسية الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية، و6 وزراء من دون انتماء سياسي. وعلاوة على منصب رئيس الحكومة، حصل "التجمع الوطني للأحرار" على 7 حقائب وزارية، وذلك على غرار حليفه حزب "الأصالة والمعاصرة"، في حين أسندت إلى حزب "الاستقلال" 4 حقائب وزارية.
وقال رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، لـ"العربي الجديد "، إن التعديل الحكومي المرتقب يهدف إلى ضخ دماء جديدة وتحسين أداء الفريق الحكومي في ظل التعثرات التي عرفتها الحكومة في تنزيل الدولة الاجتماعية، خاصة أن الوضع الاجتماعي في المغرب يشهد اختناقاً بفعل ارتفاع في معدلات التضخم وتأثيرات الجفاف على القطاع الفلاحي وبروز ظاهرة الغلاء. وكذلك يهدف التعديل إلى مواكبة وتسريع وتيرة المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها الملك، وفقاً للمتحدث.
تبعاً لذلك، يرى لزرق أن التعديل سيطاول الطاقم البشري من دون أن يمتد الى الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية الحالية بغية إعطاء دفعة لمواجهة التحديات الاجتماعية في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، ومكافحة البطالة وتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات، معتبراً أن خطوة التعديل الحكومي تعكس تصوراً يهدف إلى تعزيز قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق الدولة الاجتماعية.
من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الحفيظ اليونسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تعيين الوزير شكيب بنموسى في منصبه الجديد هو مؤشر على قرب إجراء تعديل حكومي معروف جهة اختصاصه من حيث اقتراح رئيس الحكومة وتعيين الملك، مؤكداً أن الأصل في التعديل الوزاري أن يكون هدفه تغيير وزراء أثبتوا فشلهم أو محدوديتهم في أداء مهامهم ومن ثم ضخ دماء جديدة. لكن اليونسي يعتقد أن مخرجات هذا التعديل هي دون هذه الرهانات لاعتبارات عدة منها استمرار الثلاثي الحكومي الحالي، "ما يجعلنا أمام تعديل عادي سياسياً ما دام أن لا حزب سيغادر الحكومة"، مرجحاً استمرار "نفس الهندسة الوزارية من حيث الأقطاب الثلاثة (اقتصادي واجتماعي وخدماتي) وبالتالي لا جديد في هذا المجال". ونوه الخبير كذلك إلى إمكانية "إثقال الحكومة بكُتّاب الدولة وبالتالي المزيد من البطء والنقاش حول الصلاحيات وتداخلها داخل نفس القطاع".