أعلن مكتب المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية"، اليوم الاثنين، عن عقد دورة عادية للمجلس، وذلك بعد أيام على التراجع عن انعقاد دورة استثنائية لمناقشة "أداء الحزب بخصوص التطورات السياسية المرتبطة بقضيتنا الوطنية الأولى للصحراء المغربية، ومستجدات القضية الفلسطينية"، في وقت ما زال فيه توقيع الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، على اتفاق التطبيع مع إسرائيل يلقي بظلاله على الحزب الإسلامي.
وكشف رئيس المجلس الوطني لـ"العدالة والتنمية" إدريس الأزمي الإدريسي، في بيان وصل إلى "العربي الجديد"، أن مكتب المجلس حدد تاريخ 23 و24 يناير/كانون الثاني الجاري موعداً لعقد دورة عادية لبرلمان الحزب، فيما ينتظر أن يحدد اجتماع اللجنة الدائمة للمجلس يومي 9 و10 من الشهر الحالي من أجل مناقشة مختلف النقاط التي ستعرض على الدورة العادية للمجلس.
وبتحديد موعد الدورة العادية لبرلمان "العدالة والتنمية"، تثار أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كان الحزب سيعمل على إدراج نقطة استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل في جدول أعمال الدورة العادية، أم سيعمل على إرجائها إلى وقت لاحق لتجنيب بيته الداخلي انعكاسات "زلزال التطبيع" مع إسرائيل، على الأقل في المرحلة الحالية.
وكان الإدريسي قد أعلن، في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن تأجيل عقد الدورة الاستثنائية للمجلس التي كانت مقررة في الـ27 من نفس الشهر إلى موعد لاحق، وذلك بناء على طلبات بعض أعضاء المجلس الوطني، وباتفاق بين مكتب المجلس والأمانة العامة.
وكانت قيادة الحزب الإسلامي تراهن على الدورة الاستثنائية لتجاوز الانعكاسات السلبية للتوتر التنظيمي الذي يعيشه، بسبب الجدل المحتدّ في قواعده وقيادته بين مؤيد ومعارض لتوقيع أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وأميركا وإسرائيل. غير أن موقف الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، الرافض لانعقاد الدورة الاستثنائية بدعوى أن "الوقت غير مناسب"، كان حاسماً في دفع رئيس المجلس إلى إعلان تأجيل الدورة.
ويأتي تحديد موعد انعقاد دورة عادية لبرلمان "العدالة والتنمية" في وقت بدا فيه لافتا إجماع الأمانة العامة للحزب، المنعقدة أمس الأحد، على أن " القضية الوطنية (الصحراء المغربية) أولا والقضية الفلسطينية دائما"، وعلى ضرورة وضع مخطط لمواجهة المشروع الصهيوني.
وبحسب القيادي والعضو في الأمانة العامة للحزب عزيز أفتاتي، فإن موقف "العدالة والتنمية من التطبيع موقف لا يمكن تغييره ولا تبديله، ولا يمكن حصره في الرفض"، لافتا، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "جوهر موقف الحزب من التطبيع، كباقي الحركات الإسلامية، هو مواجهة المشروع الصهيوني وليس فقط الرفض".
ويعيش "العدالة والتنمية"، منذ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في العاشر من الشهر الماضي، الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، على صفيح ساخن، بالتزامن مع تباين مواقف هيئاته التنظيمية بخصوص الاتفاق.
ووجد الحزب، الذي يبني عقيدته السياسية منذ نشأته على رفض التطبيع، نفسه في موقف محرج أمام قواعده والرأي العام، وهو يصطدم بقرار استئناف العلاقات مع تل أبيب، باعتباره أول حزب إسلامي سيسهر على تفعيل القرار من موقع توليه لرئاسة الحكومة المغربية.
وفي ظل هذا الوضع، تجد قيادة الحزب نفسها أمام مفترق طرق من أجل إعادة ترتيب أوراقها بالإجابة عن سؤال رئيسي هو: كيف يمكن لحزب بمرجعية إسلامية التوفيق بين الشعارات الملزمة التي رفعها منذ ولادته، وطبيعة الدولة المغربية.