المغرب... حالة ترقب للمرشح رقم 14 لمنصب المبعوث الأممي إلى الصحراء

05 يوليو 2021
يتحرك غوتيريس لتسريع اختيار مبعوث جديد إلى الصحراء (الأناضول)
+ الخط -

 تسود حالة ترقب في المغرب في انتظار ما سيقدم عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، خلال الأيام القادمة، بشأن الكشف عن هوية المرشح رقم 14 لمنصب مبعوثه الشخصي إلى الصحراء، وذلك بالتزامن مع تحركات للإدارة الأميركية الجديدة من أجل دفع المغرب إلى الموافقة على تعيين مبعوث أممي جديد.

ويتحرك غوتيريس لتسريع اختيار مبعوث خاص جديد إلى الصحراء، بعد سنتين من شغور المنصب إثر استقالة الرئيس الألماني السابق هورست كوهلر، في وقت ظلت فيه مهمة إقناع أطراف النزاع بمرشحين لهم القدرة على إدارة العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، صعبة طيلة الأشهر الماضية.

وبدت لافتة دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة الماضية، بعد مباحثات جمعته مع رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز، المغرب وجبهة "البوليساريو" الانفصالية إلى قبول المرشح الجديد الذي سيقترحه عليهما، وذلك من أجل "مواجهة كل الإحباطات الموجودة بسبب أزمة ما زال لا يوجد مخرج لها"، على حد تعبيره.

وكشف غوتيريس أن الأمم المتحدة تبذل "جهودا كبيرة" من أجل تعيين مبعوث جديد إلى الصحراء، وأنه اقترح 13 اسماً لكنها "لم تحصل على موافقة من الأطراف"، معتبرا أن استمرار النزاع يؤثر على "عامل الاستقرار في المنطقة التي تواجه خطر الإرهاب".

وبينما أكد أمين عام الأمم المتحدة أنه "من الضروري للغاية إيجاد حل سياسي، ولهذا من الضروري استئناف الحوار السياسي وأن يقبل الطرفان مبعوثا"، تُطرح أكثر من علامة استفهام حول مواصفات المرشح الذي سيحظى بموافقة المغرب؟

ومنذ استقالة المبعوث الأممي السابق كوهلر، في مايو/ أيار 2019، لـ"دواعٍ صحية"، لم يغير مجلس الأمن من قراءته للوضع والمخرج السياسي لملف الصحراء، وهو ما بدا جلياً من خلال سعيه لإعادة الدينامية والزخم إلى العملية السياسية، عبر إحياء آلية "الطاولات المستديرة".

وكان كوهلر راهن على هذه الآلية لتحقيق اختراق في جدار نزاع عمّر طويلاً، بسبب تباعد وجهات النظر بين أطرافه، خصوصاً بعد أن جدد المجلس التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول قضية الصحراء.

ولم تنجح الأمم المتحدة، طيلة سنتين، في إيجاد شخصية جديدة قادرة على إدارة الملف الشائك، واستئناف ما بدأه كوهلر من مساع دبلوماسية كللت بجمع المغرب والجزائر وموريتانيا و"جبهة البوليساريو" على طاولة المفاوضات في سويسرا في ديسمبر/كانون الأول 2018، وفي مارس/آذار 2019، وهو الأمر الذي لم يفلح فيها مبعوثون سابقون، إذ كانوا يحصرون طرفي النزاع بالمغرب و"البوليساريو"، فيما تشارك كل من الجزائر وموريتانيا كمراقبين.

وظلت مهمة العثور على خليفة كوهلر غير سهلة بالنسبة إلى غوتيريس، فالعديد من المرشحين إما رفضوا قبول المهمة أو رفضهم أحد أطراف النزاع، كان من أبرزهم وزير الخارجية السلوفيني ميروسلاف لايتشاك، الذي كان ينظر إليه كشخصية مستوعبة للنهج الأممي في التدبير الواقعي لحل النزاعات الدولية، ولا سيما خلال رئاسته الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير أنه رفض من قبل "البوليساريو".

وفي مطلع أبريل/ نيسان الماضي، ذكرت مصادر أممية أن غوتيريس اقترح مواطنه ووزير خارجية البرتغال السابق لويس أمادو، مبعوثا شخصيا له إلى الصحراء، غير أن تعيينه اصطدم كذلك برفض جبهة "البوليساريو". وفي حين رفضت السلطات المغربية، ثلاثة أسماء وهم وزراء سابقون في هولندا وأستراليا وسويسرا، بحسب ما روجت لذلك قيادة "البوليساريو".

وفي وقت تبدو فيه التحركات الأممية تتجه لإحياء العملية السياسية، في ظل ما يعيشه الملف من توتر منذ تأمين الجيش المغربي لمعبر الكركرات الحدودي الفاصل بين المغرب وموريتانيا في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وإعلان "البوليساريو" انتهاء وقف إطلاق النار، قال مصدر حكومي مغربي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن الرباط تحترم صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة بخصوص تعيين مبعوث شخصي إلى الصحراء المغربية. 

ولفت المصدر إلى أنه في هذا السياق، دعمت جهود غوتيريس من خلال الموافقة على مقترحاته بتعيين رئيس الوزراء الروماني السابق، بيتري رومان، ووزير الشؤون الخارجية البرتغالي، لويس أمادو، بيد أن تلك الجهود تمت عرقلتها من قبل الجزائر والجبهة الانفصالية.

وشدد المصدر على أن موقف الرباط بشأن تسوية ملف الصحراء معروف لدى المنتظم الدولي، ويقوم على السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع المفتعل، والمشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي، وكذا الاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرّسها مجلس الأمن في جميع قراراته منذ عام 2007، والمتمثلة في أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما ومبنيا على أساس التوافق.

وأوضح المصدر أن الرباط ترفض أي اقتراح متجاوَز يروم إخراج المسلسل السياسي الحالي عن المعايير المرجعية التي حددها مجلس الأمن.

من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، أن المغرب سيقبل بمبعوث أممي يمتلك تجربة ومصداقية ويتصف بالحياد ومشهود له بالنزاهة، وأنه في حال عدم توفر تلك الصفات، فإنه في وضع تفاوضي مريح يمكنه من عدم القبول بأنصاف الحلول أو أن تفرض عليه أسماء غير محايدة أو قابلة للمساومة.

ويلفت أونغير، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الرباط تعاونت باستمرار مع كل المبعوثين الأمميين بإيجابية، وفتح لهم الأبواب، على خلاف علاقتهم بـ "البوليساريو" التي كان يطبعها التوجس والريبة، ولم يسمح لهم قط بالاستماع إلى المحتجزين بمخيمات تندوف في الجزائر، كما لم يتح لهم اللقاء مع معارضي الجبهة".

وبالنسبة لمدير مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، عبد الفتاح الفاتحي، فإن الرباط لا تعتبر، مهمة المبعوث الخاص إلى الصحراء، على المستوى الاستراتيجي، هدفاً في حد ذاته، ولكن الأهم هو تحديد كيفيات تحقيق مهمته ووفق أي أجندة سياسية، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي غير مستعد لجدل تفسيرات قانونية قديمة، وأنه يأمل، بالمقابل، مواصلة السير قدما في ترجمة نهج السياسة الواقعية في تدبير النزاع.

ووفق الفاتحي، فإن المغرب يراهن على أن يبدأ أي مبعوث شخصي من حيث انتهت قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة، والتي أجمعت على ضمان تسوية سياسية واقعية عملية ومستدامة وقابلة للحياة، معتبرا، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تعيين مبعوث خاص إلى الصحراء يجب أن يكون مشروطاً بخريطة طريق واضحة لمحددات الحل السياسي حتى تكون وظيفته سياسية إجرائية لا تُعنى بتسييس الملف إلا بالقدر الذي تسمح به قرارات مجلس الأمن الأخيرة.

المساهمون