المغرب: الزفزافي يعلن تنحيه عن قيادة حراك الريف

22 ابريل 2021
تنحي الزفزافي يأتي في سياق ما تعيشه عائلات الريف من نزاعات (تويتر)
+ الخط -

أعلن قائد "حراك الريف" في المغرب، ناصر الزفزافي، اليوم الخميس، عن "تنحيه عن مسؤوليته" داخل الحراك، في إشارة أخرى تعكس حجم الأزمة والخلافات التي تعيش على إيقاعها العلاقات بين عائلات المعتقلين.

وقال قائد "حراك الريف"، في رسالة نشرها والده أحمد الزفزافي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك ": "أتنحى عن المسؤولية الجسيمة التي فرضتها علي الظرفية حينها، وباركتها الجماهير الحرة، حتى أترك المجال لغيري علّهم ينجحون فيما فشلت فيه أنا".

وكشف الزفزافي عن بعض الأسباب التي دعته إلى التنحي، بالقول إنه "تحمل المسؤولية كناشط في حراك الريف لما يزيد عن أربع سنوات ونيف، وكان دائما حريصا على أن يرى أبناء جلده كالبنيان المتراص لا كما يريد لهم أعداء الريف"، لكن "أحلامه تبخرت واصطدمت مع صراعات الجاهلية التي ما كانت لتكون لولا نية المهووسين بالزعامة والشهرة وحب الذات".

وأضاف: "لقد ضاعت على الريف فرصة تاريخية أفشلها البعض من أبناء الريف أنفسهم، تاركين الفرصة للعدو كي يتربص بالريف، وأمام هذه الحرب المفتعلة التي يخوضها الريفيون بالوكالة على العدو تحولوا إلى معاول يهدم بعضهم بعضا".

وحسب مصادر من عائلات معتقلي الريف تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن تنحي الزفزافي يأتي في سياق ما تعيشه العائلات من خلافات وصراعات، مشيرة إلى أن تلك الخلافات ألقت بظلالها كذلك على جمعية "ثافرا" للوفاء والتضامن لمعتقلي حراك الريف، التي يترأسها والد الزفزافي، إذ أعلنت عن تعليق كافة أنشطتها، بما في ذلك سلسلة الندوات التفاعلية عن بعد التي كانت قد أعلنت عن انطلاقتها قبل أيام، كما قررت تأجيل مختلف اللقاءات التي كانت مبرمجة محليا ووطنيا، منذ  الجمعة الماضية، إلى أجل غير مسمى.

المصادر ذاتها اعتبرت أن ما تعيشه عائلات معتقلي الريف والجمعية التي تمثلهم من خلافات وصراعات قد تكون بداية الحل بإصدار السلطات عفوا عن ما تبقى من معتقلي حراك الريف، لافتة إلى أن هذه التطورات المتسارعة تأتي في وقت ينتظر فيه أن تعقد محكمة النقض في 5 مايو/ أيار القادم جلسة للنظر، للمرة الثالثة على التوالي، في الحكم الصادر ابتدائيا واستئنافيا بالسجن 20 عاما في حق قائد حراك الريف بتهمة المساس بالسلامة الداخلية للمملكة.

وكانت جمعية "ثافرا" قد أعلنت الأسبوع الماضي، في بيان لها، عن تعليق أنشطتها بسبب "الوضع الداخلي للجمعية، وما يستلزمه ذلك من ضرورة تقييم حصيلة ما يقارب أربع سنوات من العمل وتدارس التحديات والإكراهات التي تواجهها، بغية إعادة هيكلتها وفق رؤية واضحة سواء من حيث علاقة عائلات المعتقلين السياسيين في ما بينها أو من حيث علاقة الجمعية بمختلف الفاعلين الحقوقيين والداعمين لقضية معتقلي الحراك الشعبي بالريف، مؤسسات وأفرادا".

وخرجت احتجاجات شعبية في منطقة الحسيمة (شمال المغرب) في خريف 2016، واستمرت إلى صيف 2017، بعد وفاة بائع السمك محسن فكري سحقاً داخل شاحنة قمامة، بينما كان يحاول استعادة أسماكه التي تمت مصادرتها.

وطالبت الاحتجاجات بالتنمية والتشغيل، قبل أن تتحول سريعاً إلى أعمال عنف، ما دفع السلطات الأمنية إلى القبض على مرتكبيها.
وبعد احتجاجات الريف، أقال العاهل المغربي، الملك محمد السادس، 3 وزراء، وعدداً من المسؤولين، لعدم إحراز تقدّم في خطة التنمية. وفي يونيو/ حزيران 2018، قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بإدانة الزفزافي و3 آخرين، هم سمير ايغيد، ونبيل أحمجيق، ووسيم البوستاتي، بالسجن لمدة 20 عاماً، وذلك بعد اتهامهم بـ"المساس بالسلامة الداخلية للمملكة".
كما قضت بحبس نشطاء آخرين لمدد راوحت بين عام واحد و15 سنة، فيما قضت بالسجن 3 سنوات مع النفاذ في حق رئيس تحرير موقع "بديل أنفو"، الصحافي حميد المهداوي، بتهمة "عدم التبليغ عن جريمة تهدد سلامة الدولة".

وفي الأسابيع الماضية، تجددت المطالبات السياسية المغربية للسلطة باتخاذ تدابير تهدئة تساعد على توفير ظروف أفضل للانتخابات المقبلة، من خلال الإفراج عن نشطاء حراك الريف، والصحافيين المعتقلين. كما سبق لمعتقلين سابقين على خلفية "حراك الريف" أن تقدموا في فبراير / شباط الماضي، بمبادرة جديدة لتحقيق المصالحة وطي الملف، تقوم على تحقيق "انفراج سياسي، وإقلاع اقتصادي واجتماعي حقيقي بالمنطقة"، معتبرة أن هناك اليوم "ضرورة وإمكانية لإرساء أجواء انفراج حقيقي"؛ يفضي في المرحلة الراهنة إلى "بناء الثقة بمداخلها الأساسية"، بالإفراج أولاً عن "باقي معتقلي الحراك الشعبي بالريف"، سعياً "لتحقيق ما فيه مصلحة المجتمع، ومصلحة المنطقة، ومصلحة الوطن". 

كما كان لافتاً، إعلان قائد "حراك الريف" في أغسطس/آب الماضي عن ترحيبه واستعداده لفتح قنوات الحوار مع الدولة، مؤكداً أنه "رجل حوار" إلا أنه إلى حد الساعة لم تتحقق الانفراجة المرجوة.

المساهمون