استقالة رئيس المجلس الوطني لـ"العدالة والتنمية" المغربي.. ارتدادات التطبيع مستمرة

27 فبراير 2021
لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور بهذه الطريقة وكأن شيئاً لم يكن (تويتر)
+ الخط -

دخلت الأزمة الداخلية التي يعيشها حزب "العدالة والتنمية" المغربي، جراء ارتدادات "زلزال" توقيع أمينه العام، سعد الدين العثماني، على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، منعطفاً حاسماً، بعد أن أقدم القيادي إدريس الأزمي الإدريسي، ليل الجمعة، على تقديم استقالته من رئاسة المجلس الوطني ومن عضوية الأمانة العامة.

وكشف القيادي المحسوب على تيار الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، في رسالة بعثها إلى الأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية" عن أسباب استقالته من رئاسة برلمان الحزب وعضوية الجهاز التنفيذي. وقال: "قررت أن أقدّم هذه الاستقالة لأنني، وللأسف، لم أعد أتحمل ولا أستوعب ولا أستطيع أن أفسر أو أستسيغ ما يجري داخل الحزب ولا أقدر أن أغيره.. وعليه لا يمكنني أن أسايره من هذا الموقع أو أكون شاهداً عليه".

وأوضح أنه "مهما كان حمل هذا القرار صعباً ووقعه وأثره، فلن يعادله في ذلك حجم الحيرة والتساؤلات التي تثار كل مرة، وتبقى بدون جواب وبدون عبرة حول مدى ملاءمة مواقف الحزب مع مبادئه المعلنة والمعروفة وأوراقه المرجعية وأنظمته الأساسية وبرامجه الانتخابية. وحول مدى مراعاة القيادة لشعور مناضلي ومناضلات الحزب واستحضارها واعتبارها لموقع ومكانة وإرادة المناضلين والمتعاطفين مع الحزب والمصوتين له، ومدى تطبيقها لتوجيهات هيئاته التقريرية ومن ضمنها المجلس الوطني. وهي تتخذ المواقف المتتالية التي ينسي بعضها بعضاً".

وتابع، في الرسالة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها: "لكل هذا نفد صبري ولم أعد أتحمل أكثر وأنا أترقب ما هو آت، لا سيما ونحن نسمع هل من مزيد؟ ولاسيما ومؤسسة المجلس الوطني ومكانته وبياناته ومواقفه أصبحت تستغل كمنصة للتهدئة وامتصاص الغضب، عوض التقرير والاسترشاد والاتباع والتنزيل باعتباره أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر الوطني".

وفي إشارة إلى عمق الأزمة السياسية والتنظيمية التي يعيشها الحزب الإسلامي، قال الأزمي: "لم يعد من الممكن أن تستمر الأمور بهذه الطريقة، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن الأمور على ما يرام، لا سيما ونحن نتابع حجم الحيرة والتساؤلات التي تثار بالنظر لما مثله ويمثله الحزب من أمل كبير، وما راكمه من نضالات كبيرة ومواقف مشرفة وتضحيات جسيمة لمناضليه ومناضلاته"، الأمر الذي يمثل إعلان حرب على قيادة الحزب بشكل غير مباشر.

وأوضح الأزمي أنه "لم يعد هناك مجال لقبول كل شيء ولتبرير كل شيء وللتهوين من الآراء المخالفة والاعتماد في كل مرة على المسكنات المبنية على عامل الزمن عوض الإشراك والإقناع، وعلى المهدئات المبنية على التبرير عوض تحمل المسؤولية من الموقع المتبوأ وفي الوقت المناسب وبالوضوح اللازم".

ومنذ العاشر من ديسمبر/كانون الأول الحالي، تاريخ إعلان العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق على استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، يعيش "العدالة والتنمية" على صفيح ساخن، جراء تباين مواقف هيئاته التنظيمية التي لم تستفق بعد من صدمة خطوة التطبيع.

وفي الوقت الذي وجدت فيه قيادة الحزب، الذي يبني عقيدته السياسية منذ نشأته على رفض التطبيع، نفسها في موقف محرج أمام قواعدها والرأي العام، وهي تصطدم بقرار استئناف العلاقات مع تل أبيب، ألقى توقيع الأمين العام لـ"العدالة والتنمية"، سعد الدين العثماني، بصفته رئيساً للحكومة، على الإعلان الثلاثي بين الرباط وواشنطن وتل أبيب، بظلاله على الحزب، ووصل إلى حد المطالبة بإقالته والدعوة إلى مؤتمر استثنائي للإطاحة به من رأس الحزب.

وفيما يبدو أنّ الارتباك داخل الحزب هو سيد الموقف؛ يرى مراقبون أن التوتر التنظيمي الذي أحدثه التطبيع لن يتوقف، وأن ما قبل 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي تاريخ توقيع العثماني على الإعلان الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، ليس كما بعده بالنسبة للحزب الإسلامي الذي كان يمني النفس بقيادة حكومة ما بعد انتخابات 2021، في مؤشر على استمرار عنفوانه السياسي الذي بدأ مع لحظة 20 فبراير/شباط 2011 (النسخة المغربية من الربيع العربي) وتوج بقيادة حكومتين متتاليتين.

وإلى الآن، يبدو أن المساعي لتطويق ارتدادات التطبيع على البيت الداخلي وتجنيب الحزب انعكاسات أزمة كبيرة، لن تكون بلا ثمن. فسواء راهنت قيادة "العدالة والتنمية" على عامل الوقت لامتصاص الغضب العارم الذي يسود في قواعد الحزب وهيئاته المختلفة، أم على تدخل الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، للجم غضب المناصرين ومعارضي خطوة التطبيع؛ فإنّ واقع الحزب اليوم يشير إلى أنه يعيش على إيقاع أزمة داخلية خانقة قد تذهب بريحه.

المساهمون