المعركة المجنونة: من زيورخ إلى عمّان

04 يونيو 2015
ماذا بعد استقالة بلاتر؟
+ الخط -

ليست هذه المعركة الأولى التي تخوضها وسائل الإعلام الأردنية، لكن ربما تكون الأطول والأكثر فرادة من حيث تناغم الإيقاع بينها، حين وقفت صفاً واحداً في خندق المعركة، متبعة استراتيجية الهجوم. 

تحت راية الإحساس بالخذلان ونكران الجميل، انطلقت المعركة ضد رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب، الذي اتهمته وسائل الإعلام بخيانة العلاقة الأردنية ــ الفلسطينية، في عاصمة الكرة العالمية زيورخ، عندما منح صوته في انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، للسويسري جوزيف بلاتر، موجهاً بذلك طعنة للأمير الأردني علي بن الحسين. لكن الإعلام أمام ذلك النفي طبق المثل الأردني القائل "ذان من طين وذان من عجين"، فحجب الأخبار والتصريحات التي تدافع عن الرجوب والتي أعلنها هو، وأعلنتها مديرة حملة الأمير الانتخابية شقيقته الأميرة هيا، كما لم يمنح لدعوات الأمير بعدم التصيد، مساحة إعلامية مناسبة.

ودائماً تحتاج المعارك مقدمات ومبررات موضوعية لإعلانها، فكان أن شن الناشطون الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة على الرجوب. الأرضية التي وفرتها مواقع التواصل الاجتماعي، هي التي انطلقت منها وسائل الإعلام في معركتها، التي تجاوزت حدود الكرة، لتدخل حدود السياسة، فكانت المواقع الإلكترونية الناقل الأمين للغضب الاجتماعي الذي وصل حد الكراهية، وإثارة النعرات الإقليمية.

اقرأ أيضاً: أخطر 20 تصريحاً مثيراً للجدل في مسيرة بلاتر!!

وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، لم تكتف بحدود النقل، بل وقعت تحت تأثير الرأي العام، فأفردت مساحة واسعة للمتابعة الإخبارية للقضية المصيرية، إضافة إلى المساحة التي وفرتها لكُتاب الرأي للهجوم والتهجم على الرجوب، والذي انتقل في لحظة إلى تهجم على القيادة الفلسطينية، من دون إغفال للغمز واللمز تجاه المكون الفلسطيني الذي احتضنته القيادة والشعب الأردني، الأمر الذي كاد أن يشعل فتيل أزمة حقيقية.

الرجوب الذي بقي صامتاً في ربع الساعة الأولى من انطلاق المعركة، لم تطبق عليه قواعد المهنية، فسقط التوازن وأسقطت النزاهة والموضوعية، حتى إن الرجل عندما تكلم عبر الفضائيات العربية مدافعاً عن نفسه، مؤكداً تصويته العلني للأمير علي، أهملت تصريحاته من قبل الإعلام الأردني، ومن تعرضت له وضعتها في سياق الكذب والتدليس.

اقرأ أيضاً: فيفا 2016: النساء أيضاً يشاركن

غير أن الأكثر غرابة، أن غالبية وسائل الإعلام تعمدت عدم نشر تصريحات الأميرة هيا، التي وجهت فيها الشكر للرجوب على تصويته لشقيقها في الانتخابات، كما أن وسائل الإعلام التي حسمت موقفها في خندق الهجوم، لم تفرد لتصريحات الأمير التي شكر فيها العرب ودعا إلى عدم التصيد، مساحة كافية على صفحاتها.

الغريب أن المعركة كانت على جبهة واحدة، رغم أن جبهات عربية كثيرة وقفت ضد الأمير علانية وسعدت بخسارته، دون أن تتعرض للقصف، وكانت كلمة السر في الخسارة صوت الرجوب المختلف عليه حتى الآن.

اليوم وبعد أن استقال بلاتر من رئاسة الفيفا، وعزم الأمير على إعادة الترشح للانتخابات المبكرة المقررة قبل نهاية العام، هل سيغير الإعلام نغمته ويعود إلى التغزل بالعروبة علها تكون طوق نجاة لوصول الأمير؟ ولو فعل هل يوجد من يصدقه؟

اقرأ أيضاً: الأردن يسمح للرجوب بعبور أراضيه بشرط عدم العودة