المعارضة المصرية بعد 3 أشهر من انخراطها في الحوار

27 يوليو 2023
من جلسات الحوار الوطني، مايو الماضي (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تمر ساعات على إصدار الحركة المدنية الديمقراطية في مصر، بياناً، الثلاثاء الماضي، أعربت فيه عن "الاستياء البالغ من التباطؤ في إغلاق ملف السجناء السياسيين"، و"التمسك بالضمانات المطلوبة لنزاهة الانتخابات الرئاسية"، حتى كشف مجلس أمناء "الحوار الوطني" عن انعقاد "أولى الجلسات التخصصية "المغلقة"، بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب، (تتبع رئاسة الجمهورية)، لصياغة المقترحات والتوصيات الخاصة بقانون النظام الانتخابي في لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي المدرجة على قائمة المحور السياسي".

بيان أمانة الحوار أوضح أن الجلسة جاءت "بمشاركة عدد محدود من الحضور من ذوي الخبرة والتخصص والمعنيين، بمراعاة تمثيل وجهات النظر والتوازن السياسي".

وأضاف: "ناقشت المقترحات موضوع النظام الانتخابي، بين نظامي القائمة المغلقة والنسبية والنظام الفردي، تمهيداً لعرضها على مجلس أمناء الحوار الوطني، ومن ثمّ رفعها إلى رئيس الجمهورية".

علاء الخيام: النظام يستجيب أحياناً للضغوط الخارجية وليس لقوى المجتمع المدني الداخلية

وبينما لم تعلق أي جهة رسمية على بيان الحركة المدنية، التي لوحت خلاله بإمكانية الانسحاب من الحوار، الذي انطلق في مايو/ أيار الماضي، قائلة إنها ستدرس ما "إذا ما كان الاستمرار بالمشاركة في الحوار نفسه له جدوى، في ظل غياب إجراءات عملية على الأرض تؤكد النية لتحقيق إصلاح سياسي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة"، أصدرت الأمانة العامة للحوار الوطني، بياناً أكدت فيه أن جلسات الأسبوع الخامس للحوار، ستعقد في الفترة من الأحد 30 يوليو/ تموز الحالي، إلى الخميس 3 أغسطس/ آب المقبل.

استكمال المسيرة نحو "الجمهورية الجديدة"

وقالت الأمانة في بيان إنه "على مدار الفترة الماضية، انتهينا من عقد 4 أسابيع للجلسات النقاشية العامة للحوار الوطني، واجتمعنا على قلب وطن واحد خلال جلسات ممتدة، بهدف التوافق على حلول لقضايا شكّلت أولويات هامة لدى المواطنين. والآن نستكمل مسيرتنا نحو الجمهورية الجديدة... ونجتمع الأسبوع المقبل لنستمر في مناقشة قضايا المحور السياسي والاقتصادي والمجتمعي، بشعار واحد وهو (المساحات المشتركة بين الجميع)".

الرئيس السابق لحزب الدستور، وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، علاء الخيام قال، في حديث لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أنه لدى النظام رغبة في "حلحلة" ملف المعتقلين، وأظن أن استمرار الحوار معه بتلك الطريقة، ليس سوى مضيعة للوقت، كما لا أظن أن لديه رغبة في الاستجابة لطلبات الحركة المدنية، فنحن نتحدث عن عام ونصف العام من الحوار ولم تف السلطة بوعودها المتكررة".

وأشار الخيام إلى اجتماع الحركة الوطنية، مساء الأحد الماضي، في مقر حزب المحافظين "بعد فترة غياب، وكان موضوع نقاشه الرئيسي، هو أين وصل الحوار الوطني مع السلطة، وهل استفادت قوى المعارضة المدنية من هذا الحوار؟".

تراجع النظام عن تعهداته

وأضاف: "بطبيعة الحال، دار الحديث حول تراجع النظام عن تعهّداته بخصوص ملف المعتقلين، وأنه لم يحرز فيه أي تقدّم يٌذكر، فنحن نتحدث عن آلاف المعتقلين الذين يمرون بظروف صعبة، وتعيش أسرهم في ضرر نفسي ومادي كبير. وكان هناك تعهد من السلطة بأن لجنة العفو ستحرز تقدّماً في هذا الملف".

وتابع: "لكن ولأكثر من ثمانية أشهر لم يحدث أي جديد، ولم تف الدولة بتعهّداتها، ولم تفرج عن القوائم التي تم إرسالها. والغريب أن النظام يستجيب أحياناً للضغوط الخارجية، لكنه لم يبد أي استجابة لضغوط قوى المجتمع المدني الداخلية، وكان ذلك مؤشراً سيئاً في العلاقة بيننا وبين السلطة، لأنه ببساطة هذا هو الملف الأكثر أهمية وهو سبب مشاركة المعارضة في الحوار الوطني من الأساس".

سمر الحسيني: النظام يتعامل مع ملف المعتقلين باعتباره يحقق  مكاسب

وتابع الخيام أنه "حين وصلنا لهذه النتيجة (السيئة) الحالية، صار لزاماً أن تأخذ الحركة المدنية موقفاً من هذا الحوار، ولدينا أسبوعان قادمان لنرى مدى استعداد السلطة للاستجابة لتلك المطالب المشروعة. وأعتقد أنه في حال عدم الاستجابة سيكون الانسحاب من الحوار هو الخيار الأقرب للحركة المدنية. فالحقيقة أننا بهذا الحوار وحتى الآن خسرنا الكثير، وخسرنا أفراداً من الداعمين لنا على أمل أن نحقق مكسباً في ملف المعتقلين، لكن حتى الآن لم تقدّم السلطة تنازلاً من جانبها، وصار الحوار مجرد (دردشة اجتماعية) بلا التزامات وبلا سقف زمني".

وتعليقاً على بيان الحركة المدنية الأخير، قال المحامي والحقوقي والمعتقل السابق، محمد رمضان، في حديث لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنه بيان (فضفاض) اتسم بـ(الميوعة) في صياغته ومطالبه، وكان من الأولى من ذلك تقديم مطالب واضحة ونقاط أكثر تحديداً في مخاطبة السلطة بشأن ملف المعتقلين، وتحديد سقف زمني لتلك المطالب، وفي حال لم تلتزم السلطة بذلك فيجب عليهم الانسحاب من الحوار وكذلك إعلان مقاطعة الانتخابات الرئاسية".

وكانت الحركة المدنية قد رحبت في بيانها بعد اجتماع الأحد الماضي بقرارات العفو الرئاسي التي صدرت أخيراً، وترتب عليها خروج السجينين باتريك زكي ومحمد الباقر. وقالت، في الوقت ذاته، إنه "تم استنفاد كل المبررات والحجج التي سمعناها للتباطؤ في تحقيق انفراجة شاملة في ملف سجناء الرأي (من غير المتورطين في أعمال العنف)".

الملف الحقوقي يمر بمرحلة تجميد

من جهته، قال العضو السابق للمكتب السياسي لحركة 6 أبريل، محمد كمال، لـ"العربي الجديد"، إن "الملف الحقوقي المصري يمر بمرحلة تجميد من قبل السلطات المصرية بشكل متعمد وواضح. تتنوع الانتهاكات التي ترتكبها السلطات، سواء اعتقال تعسفي مخالف لمواد القانون والدستور وإهمال طبي متعمد نتج عنه وفاة 18 ضحية خلال العام الحالي، بالإضافة لمئات الحالات التي تحتاج رعاية طبية، ولكن إدارات السجون ترفض الاستجابة مرة بعد أخرى".

بدورها، قالت مدير البرامج في المنبر المصري لحقوق الإنسان، سمر الحسيني، لـ"العربي الجديد" إن "النظّام المصري يتعامل مع ملف المعتقلين باعتباره يحقق من ورائه مكاسب، وبالتالي فإن الإفراج عن عدد منهم يخضع دائماً لهذا المنطق".

وأضافت أنه "وفقاً لذلك التصور، يمكن فهم طريقة إدارته لهذا الملف، سواء في حواره الداخلي مع أحزاب الحركة المدنية أو في تعامله مع الضغوط الخارجية من دول أخرى، كما شاهدنا عدة مرات، آخرها مع إيطاليا التي خرجت رئيسة وزرائها (جورجيا ميلوني) تتحدث عن ضغوط مارسوها من أجل الإفراج عن باتريك زكي".

المساهمون