ترى المعارضة السورية ومراقبون، أن ما يجريه النظام السوري عبر مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها في سورية من أجل إقامة انتخابات رئاسية الشهر المقبل، ما هو إلا مسرحية تعيد ما حدث في عام 2014 حيث يظهر مرشحون لمنافسة بشار الأسد في الانتخابات على "كرسي" الرئاسة، دون رصيد شعبي أو سياسي حقيقي.
ولعل الإعلان المتأخر من النظام لإجرائه الانتخابات في أيار المقبل كان بدفع روسي وصمت إيراني، فيما رأى الائتلاف السوري المعارض - هو أبرز تشكيلات المعارضة السورية - في بيان له أن ما يجري من قبل النظام وحلفائه والتخطيط لـ "مسرحية انتخابات" "مهزلة صريحة"، مضيفاً أن "نظام الأسد يمتلك أسوأ سجل في حقوق الإنسان، ويتربع في قاع مؤشر الحرية على مستوى العالم، ولم يقم بإجراء أي عملية ديمقراطية نزيهة منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري".
وحتى يوم أمس، أعلن رئيس "مجلس الشعب" التابع للنظام، حمود صباغ، تقديم شخصين طلب ترشيح لخوض الانتخابات، فيما لم يعلن النظام بعد مرشحه بشار الأسد.
وبحسب رئيس "مجلس الشعب" التابع للنظام، فقد تقدم كل من عبد الله سلوم عبد الله ومحمد فراس ياسين رجوح بطلب ترشيح إلى منصب رئيس الجمهورية، وعبد الله سلوم عبد الله هو عضو في حزب الوحدويين الاشتراكيين، فيما محمد فراس ياسين رجوح عضو في "الحزب الديمقراطي السوري"، وهذه الأحزاب تنسب إلى ما يسمى "معارضة الداخل".
تكرار المسرحية
ويرى الباحث في مركز "جسور" للدراسات، عبد الوهاب عاصي، في حديث لـ"العربي الجديد" أن ما يقوم به النظام تكرار لمسرحية عام 2014 بعد إخفاق روسيا في مساعي الوصول إلى تسوية مع الولايات المتحدة والغرب.
وقال عاصي: "من الواضح أنّ إعلان الانتخابات تعبير عن إخفاق جهود روسيا في التوصل إلى تسوية سياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي إقناع شخصيات من المعارضة السورية بالترشح للانتخابات".
ويرى أن "روسيا باتت على قناعة بعدم وجود خيار سوى تكرار نموذج انتخابات عام 2014 في محاولة لإظهار قدرتها على تحدي الغرب عبر استمرار التمسّك بالنظام السوري وخرق القرار 2254 (2015) الذي يدعم فقط إقامة انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة". وذلك يدعو النظام، وفق الباحث السوري، إلى "تكرار نموذج انتخابات 2014، عبر وجود مرشحين شكليّين مقابل بشار الأسد الذي سيفوز حتماً بنسبة تراوح بين 80 و85%، أي أقل من 88% التي سُجِّلَت قبل 7 سنوات، كتعبير مضلل عن الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي".
دعاية انتخابية
ويبدو من اللافت في المرشحين اللذين أُعلنا، أن أحدهما، وهو المرشح محمد رجوح، كان قد ترشح في مواجهة الأسد عام 2014، ثم عاد وانسحب وصوّت لبشار الأسد، وكان وفق مصادر محلية لـ"العربي الجديد" جزءاً من دعاية بشار الانتخابية.
وتوحي تلك العملية، بحسب المصادر، بأن هؤلاء المرشحين مجرد شخصيات شكلية في "مسرحية الانتخابات" التي سيجريها النظام بناءً على الدستور الذي أقره في عام 2014، والذي من خلاله أزال مادة تسمح لحزب البعث بالتفرد بالسلطة في سورية.
وقالت نائبة رئيس الائتلاف السوري المعارض، ربا حبوش، في بيان لها مساء أمس، إن ما يجريه النظام "مسرحية هزلية، والسوريون تجاوزوا النظام منذ سنين، ولا يرونه سوى عصابة، وبشار مجرم حرب"، مضيفة أن هذه الانتخابات "ليس لها أي قيمة من الناحية السياسية أو القانونية، وتجري برعاية فروع الأمن، ولا تعني السوريين".
وقبل عام 2014 كان النظام السوري يتبع أسلوب الاستفتاء على رئيس الجمهورية، حيث لا يكون لبشار الأسد أو لوالده مرشح منافس، وكانت الرئاسة محصورة أيضاً بـ"حزب البعث"، لكن في 27 فبراير 2012 قام النظام بتعديل شكلي في الدستور السوري يسمح بترشيح منافسين من أحزاب أخرى لبشار الأسد، ووضع معوقات تمنع ترشيح المعارضين الحقيقيين للنظام.
وتنص المادة الـ 86 في دستور 2012 على أن رئيس الجمهورية ينتخب من الشعب مباشرة، حيث يعد الفائز برئاسة الجمهورية المرشح الذي ينال أغلبية مطلقة من الأصوات من بين الذين ترشحوا، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة، تعاد الانتخابات خلال أسبوعين بين المرشحين الأكثر حصولاً على الأصوات، ويُعلن رئيس مجلس الشعب نتائج الانتخابات بعد فرز الأصوات.