نفت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود أي انسحابات عسكرية للقوات الروسية وتسليم مواقعها للمليشيات الإيرانية في منطقتي جبل التركمان وجبل الأكراد، شمال شرقي محافظة اللاذقية، شمال غربي سورية.
وتداولت عدة وسائل إعلام سورية خبراً مفاده انسحاب من بعض النقاط العسكرية للقوات الروسية في كلٍ من قلعة شلف، ومركز القيادة الروسي في صلنفة، وبرج زاهية، والعطيرة، ومحيط بلدة كسب في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
وأوضحت المصادر أن "هذه المواقع لا يمكن أن تُخليها روسيا أو تُسلمها بشكلٍ أو بآخر للمليشيات الإيرانية كونها مناطق استراتيجية وتلال حاكمة تُستخدم للرصد والاستطلاع، لا سيما أن روسيا وضعت في بعض من تلك المراكز والنقاط العسكرية أبراج اتصال وتشويش، تُستخدم لإدارة العمليات العسكرية في منطقة خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)".
بدوره، قال العقيد مصطفى بكور، الناطق الرسمي باسم فصيل "جيش العزة" العامل ضمن غرفة عمليات "الفتح المُبين"، المُشلكة من عدة فصائل عاملة ضمن (منطقة إدلب)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "ليس لدي معلومات مؤكدة حول انسحابات من جبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي والشرقي"، مؤكداً أن "هنالك معلومات عن انسحابات للقوات الروسية من بعض النقاط في حلب وحمص والجنوب السوري وتسليمها للمليشيات الإيرانية".
وأشار القيادي في المعارضة السورية إلى أن "انسحاب الروس من بعض المواقع ضمن المناطق التي ذكرتها وتسليمها للإيرانيين لا يعني أنه انسحاب كامل أو غياب الدور الروسي في سورية"، لافتاً إلى أن "هناك من يسعى لتضخيم مثل هذه الأخبار لغايات إعلامية للتأثير على الحاضنة الشعبية".
في سياق آخر، سحبت القوات الروسية، خلال الأيام القليلة الفائتة، عددا من قوات أفواج "الفرقة 25 مهام خاصة"، وقوات "الفيلق الخامس" التي تدعهما، من جبهات معرة النعمان وسراقب بريف إدلب إلى البادية السورية لشن حملة عسكرية ضد خلايا تنظيم "داعش" المُنتشرة في البادية السورية، والتي يُسيطر عليها النظام السوري، فيما اعتبر البعض أن هذه الانسحابات تأتي في إطار الانسحاب الروسي من النقاط العسكرية والمواقع التي تُسيطر عليها.
وحول هذا الموضوع، أوضح المتحدث الرسمي باسم فصيل "جيش العزة" أنه "رصدنا توجه بعض القوات من ريف إدلب إلى البادية، لكن ليس هنالك معلومات عن مدة بقائها هناك أو عودتها إلى جبهات ريف إدلب".
وحول سحب روسيا عناصر وضباطا من قواتها الذين شاركوا في عملياتها العسكرية داخل سورية، أكد بكور أنه "نعم بالفعل روسيا سحبت بعضا من قادتها وعناصرها ممن شاركوا في العمليات العسكرية في سورية لاستخدامهم في حربها ضد أوكرانيا"، موضحاً أن "روسيا استخدمت الساحة السورية لتدريب الضباط والعناصر والطيارين، وتعتبر روسيا أن من تدرب في سورية أكتسب خبرة، لذلك يتم نقلهم إلى أوكرانيا".
من جهته، قال رشيد حوراني، وهو باحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما يتم تداوله عن انسحاب الجيش الروسي من سورية هو موضوع مبالغ فيه لعدة أسباب، أولها أن الجيش الروسي قوة عسكرية كبيرة، وهو ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم"، مضيفاً أن "الجيش الروسي لم يشارك في سورية بقوات برية، وإنما كان دوره على مستوى الإشراف والتخطيط للتنفيذ، بالإضافة إلى القوات الجوية وعمليات الرصد الجوي من خلال طائرات الاستطلاع، ليعطي إحداثياتها للقوات البرية إذا كان هناك قصف مدفعي".
وأشار حوراني إلى أن "عملية الانسحابات التي يتم تكرار الحديث عنها لا يمكن التأكد منها من ناحية عسكرية إلا عندما يتم رصد هذه التبدلات بشكلٍ متكرر، لأن القوات بشكلٍ عام تقوم بتبديلات دورية قد تكون يومية أو أسبوعية، أي أنه لا يتم التأكد من هذه الانسحابات على المدى القريب إلا في حدود شهر أو شهرين على الأقل، وهذا الموضوع حتى الآن لم يتحقق في سورية".
وذكر المتحدث ذاته أن "من قاد هذا التهويل عن الانسحاب الروسي والمخاطر التي تؤدي إليه هو الجانب الإسرائيلي وماكينته الإعلامية"، معتبراً أن "إسرائيل لها مصلحة في لفت الانتباه إلى مخاطر الانسحاب الروسي وتضخيم الوجود الإيراني، والانسحاب الروسي مقرون بالتمدد الإيراني، وهذا الضغط الإعلامي الإسرائيلي لتكوين رأي عام عالمي ضاغط ضد إيران".