تصدت المعارضة السورية المسلحة و"هيئة تحرير الشام" لهجوم مباغت من قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران على محور قرية آفس في ريف إدلب الشرقي، شمال غربي البلاد، وكبدت القوات المهاجمة خسائر بالأرواح والعتاد، فيما جُرح مدنيون وعناصر من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) جراء اشتباك مع متظاهرين في بلدة تل حميس بريف الحسكة شمال شرقي سورية
وقالت مصادر في "الجبهة الوطنية للتحرير"، لـ"العربي الجديد"، إنّ مجموعات من قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران حاولت، بعد منتصف الليلة الماضية، مباغتة مقاتلي المعارضة و"هيئة تحرير الشام" بعملية تسلل على محور قرية آفس في ريف إدلب الشرقي، انطلاقاً من نقاطها شمال مدينة سراقب.
وأضافت أنّ مقاتلي المعارضة بعد اكتشافهم للهجوم تصدوا لقوات النظام بالرشاشات الثقيلة والمدفعية، موقعين خسائر بشرية ومادية في صفوفها، وأجبروها على التراجع إلى نقاطها.
في غضون ذلك، جددت قوات النظام أيضاً خرق وقف إطلاق النار بقصف مدفعي على منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، كما قصفت محور الكبانة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي ومناطق في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي موقعة أضراراً مادية.
وردّت المعارضة على خرق النظام باستهداف مواقع له في محوري الملاجة والدار الكبيرة بقصف مدفعي وصاروخي لم يتبين حجم الخسائر الناتجة عنه.
وسيطرت قوات النظام السوري، بداية العام الجاري، على مدينة سراقب بعد حملة عسكرية عنيفة شنتها بدعم روسي إيراني، وتعد سراقب من أهم المناطق في إدلب كونها تقع على عقدة الطرق الدولية الواصلة بين شمال وجنوب وشرق وغرب سورية.
وكانت قوات النظام السوري قد جددت، أمس الاثنين، عمليات خرق وقف إطلاق النار تزامنا مع خرقه من قبل الطيران الحربي الروسي في ريف اللاذقية أيضاً، في حين ردت المعارضة بقصف صاروخي ومدفعي على مواقع للنظام في محور كفرنبل شرقي جبل الزاوية.
إلى ذلك، قُتل عنصر من قوات النظام السوري بالإضافة لاثنين من رعاة الأغنام في ريفي الرقة ودير الزور شمالي وشرقي سورية في هجمات جديدة يشنها مجهولون بالمناطق الخاضعة لسيطرة النظام. فيما قتل طفل جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب على تنظيم "داعش" في ريف حماة.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن عنصراً من قوات النظام السوري وجد صباح اليوم مقطوع الرأس ومكبلاً في منطقة المقابر بمدينة دير الزور، وذلك بعد هجوم جديد من مجهولين في المنطقة.
وذكرت المصادر أن حالة العنصر المقتول أثارت الذعر بين عناصر قوات النظام السوري في المنطقة التي تعج أيضا بالمليشيات المحلية والأجنبية المدعومة من إيران.
في غضون ذلك، عثر مدنيون على راعيي أغنام جرى قتلهما بالرصاص من قبل مجهولين في منطقة للري قرب قرية الصعب في ريف الرقة الغربي.
وكانت قد شهدت مناطق سيطرة النظام السوري سابقاً العديد من الهجمات التي طاولت رعاة الأغنام وجرى قتلهم ذبحاً أو رمياً بالرصاص دون سرقة ممتلكاتهم، ما يرجح أن الهجمات وقعت على خلفيات انتقامية. فيما تتعرض قوات النظام بشكل مستمر لهجمات من خلايا يرجح أنها تابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي.
إلى ذلك، لقي طفل حتفه جراء انفجار قنبلة عنقودية في قرية العلباوي بريف حماة الشمالي الشرقي، وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن القنبلة من مخلفات القصف الجوي من طيران النظام على المنطقة إبان سيطرة تنظيم "داعش" عليها.
وتسبب انفجار الألغام في المناطق التي كانت خاضعة لتنظيم "داعش" ومخلفات القصف بمقتل وجرح مئات المدنيين بينهم أطفال ونساء.
وتخضع المناطق التي تعرضت للقصف من قبل النظام لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين روسيا وتركيا بموسكو في مارس/ آذار الماضي، وينص على وقف تام لإطلاق النار بين قوات النظام السوري والمعارضة.
من جهة أخرى، شنت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) حملة اعتقالات جديدة في العديد من المناطق الخاضعة لها في الحسكة وحلب بهدف سوق الشبان إلى التجنيد الإجباري في صفوفها، وشملت المداهمات المنازل والمطاعم والأسواق والطرقات، ومورست خلالها انتهاكات بحق السكان.
وقالت مصادر مقربة من "قسد"، لـ"العربي الجديد"، إن قوات الأمن التابعة لـ"قسد" شنت حملة اعتقالات واسعة في مدينة القامشلي بريف الحسكة ومدينة عين العرب في ريف حلب ومناطق أخرى تخضع لسيطرتها في شمال وشمال شرق سورية، مضيفة أن الحملة كانت واسعة ومورست فيها انتهاكات وأشكال من العنف أيضاً.
وبحسب المصادر، فقد طاولت المداهمات من "قسد" المنازل، حيث داهمت قوات الأمن التي تسمى بـ"الأسايش" المنازل وكسرت أقفالها والأبواب ودخلتها عن طريق القفز فوق الجدران من دون مراعاة حرمتها، كما شملت تلك المداهمات المتاجر والصيدليات والمطاعم والمقاهي، فضلاً عن نصب الحواجز المتنقلة في الشوارع والطرق والأماكن العامة.
ومن أبرز المناطق التي شهدت الاعتقالات، مدينة القامشلي في الحسكة ومدينة عين عرب في حلب، واستهدفت هذه المرة بشكل رئيسي المناطق ذات الغالبية الكردية بهدف زج الشبان في القتال ضمن صفوف "قسد".
وقالت مصادر "العربي الجديد" إن الحملة مستمرة ولم تتوقف، ولكن تختلف شدتها في كل مرة، الأمر الذي يدفع الشبان إلى الاختباء وعدم الظهور بشكل مستمر، فضلاً عن عدم الذهاب إلى العمل، وذلك ما يشكل أعباء إضافية على الشبان وذويهم في ظل الواقع الاقتصادي الذي يعيشه عموم سورية.
وفي هذا الصدد، يقول "لقمان أحمد"، صاحب الـ 24 عاما والذي يقطن في حي الهلالية بمدينة القامشلي، إنه يعمل في قطاع البناء "نجار باطون" وعمله يتطلب منه الانتقال إلى مسافات بعيدة، ما يعني المرور حتماً من أحد الحواجز الثابتة أو المتنقلة لـ"قسد"، لذلك خسر الكثير من فرص العمل لأنه مطلوب للتجنيد.
ويقول "لقمان" في حديث مع "العربي الجديد": "أنا متزوج ولدي عائلة، وعندما أخسر العمل لا أجد ما أعيل به أطفالي، وعندما أساق إلى التجنيد لن يجد أطفالي من يعيلهم".
بدوره، يقول رشو العبيد لـ"العربي الجديد": "انتهيت من دراستي الجامعية ولم أعمل ولم ألتحق بأي وظيفة، وانتهت فترة تأجيل التجنيد لدى النظام ولدى الإدارة الذاتية ولا أود الالتحاق بأي طرف، وهذا يجعلني أنتظر أقرب فرصة للخروج والهجرة من البلد، فليتقاسموا خيراته وحدهم، ولكن أنا لا أريد أن أُقتل أو أقتل أحداً".
وتعتمد "قسد" سياسة التجنيد الإجباري في المناطق التي تخضع لسيطرتها، وتنقل المعتقلين إلى مراكز عسكرية تابعة لها، وتزج بهم في جبهات القتال بعد إخضاعهم لتدريب على أنواع من الأسلحة.
وتتلقى مليشيات "قسد" الدعم من عدة دول عربية وأجنبية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي ترى أن "قسد" حليفة لها في الحرب على الإرهاب، فيما ترى المعارضة السورية وحليفتها تركيا أن المليشيات تشكل خطراَ على أمنها القومي.
جرحى في اشتباك بين "قسد" ومتظاهرين
على صعيد آخر، جُرح مدنيون وعناصر من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) جراء اشتباك مع متظاهرين في بلدة تل حميس بريف الحسكة شمال شرقي سورية، فيما قُتل سبعة على الأقل من عناصر "قسد" بينهم قيادي وامرأة جراء هجمات من مجهولين في مناطق متفرقة تسيطر عليها "قسد".
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن مدنيين خرجوا في مظاهرة ضد "قسد" في بلدة حميس بريف الحسكة شمال شرقي سورية، وتعرضوا لإطلاق نار بعد اعتراضهم من قبل المليشيات، ما أدى إلى وقوع جريحين من المتظاهرين.
وأشارت المصادر إلى أن مجموعة من المتظاهرين حملت السلاح وردت على عناصر "قسد"، ما أدى إلى جرح أربعة منهم وارتفاع حدة التوتر في البلدة.
وذكرت المصادر أن المظاهرات جاءت ضد سياسة التجنيد الإجباري التي تتبعها "قسد" بحق الشبان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مشيرة إلى أن عملية إطلاق النار قد تكون مفتعلة بهدف إعطاء ذريعة لـ"قسد" من أجل قمع المظاهرات بقوة السلاح.
وشهدت أيضاً منطقة تل براك في ريف الحسكة توترا بين الأهالي ودوريات تابعة لـ"قسد" حاولت اقتحام مجموعة من المنازل بهدف البحث عن شبان للتجنيد الإجباري، في حين تقول مصادر أخرى إن التوتر كان على خلفية قيام عناصر "قسد" بسرقات في البلدة.
"قسد" تجدد الاعتقالات في مدينة الشحيل
في غضون ذلك، جددت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" "قسد" مداهمة مدينة الشحيل في ريف دير الزور شرقي سورية، واعتقلت عشرين شخصاً على الأقل بتهم غير واضحة، فضلاً عن فرضها حظراً كاملا للتجول في المدينة مدة ثلاثة أيام.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن قوات الأمن التابعة لـ"قسد" والمعروفة بـ"الأسايش" داهمت أحياء مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي وأغلقت مداخلها ومخارجها وأعلنت عبر مكبرات الصوت فرض حظر للتجوال لمدة ثلاثة أيام.
وذكرت المصادر أنه جرى اعتقال عشرين شخصاً على الأقل في المدينة بعد مداهمة منازلهم وضربهم واقتيادهم بطريقة مذلة إلى أماكن اعتقال مجهولة.
ووفق المصادر، لم تُعرف أسباب الاعتقال وفيما إذا كانت بهدف التجنيد الإجباري، لكن طريقة الاعتقال توحي بأن الهدف إذلال المعتقلين وليس تجنيدهم إجبارياً. ونقلت المصادر عن أشخاص أن عملية الاعتقال جاءت بعد اتهام الأشخاص بالتعاون مع تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أن عملية الاعتقال ترافقت مع تحليق من طيران التحالف الدولي فوق المنطقة، لكن لم تسجل مشاركة من التحالف على الأرض.
ووفق المصادر أيضا، جرت مداهمة في الوقت ذاته ببلدة الرز القريبة من مدينة الشحيل واعتقل خلالها خمسة أشخاص على الأقل وجرى أيضاً ضربهم وإذلالهم أمام ذويهم قبل نقلهم إلى معتقل مجهول.
وكانت مدينة الشحيل قد شهدت سابقاً توترات على خلفية احتجاجات من قبل الأهالي ضد سياسات "قسد" والتي خلفت اعتقالات في صفوف المتظاهرين وناشطين معارضين لـ"قسد" في الشحيل ومناطق أخرى.
ويوم الأحد الماضي، عقد وفد من وجهاء القبائل والعشائر العربية في مدينة الشحيل اجتماعاً مع مسؤولين في "قسد" على خلفية الاحتجاجات ضد "قسد" في المنطقة، حيث طالب الوفد "قسد" أولا بالإفراج عن المعتقلين.
وذكرت مصادر "العربي الجديد" حينها أن الاجتماع حضره مسؤولون أمنيون في "قسد" بالإضافة لرئيس المجلس المدني التابع لـ"قسد" في دير الزور، وطالب الوفد "قسد" بوقف حملات المداهمة والاعتقالات في المدينة والعمل على تحسين الواقع الأمني فيها والواقع الخدمي أيضاً.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن قوات الأمن التابعة لـ"قسد" شنت عقب الاجتماع مباشرة حملة اعتقالات في البلدة طاولت عشرة شبان على الأقل، وذلك بهدف التجنيد الإجباري. وقالت المصادر إن "قسد" تلفق تهما أيضا للمعتقلين حال إصرارهم على عدم الذهاب لمعسكر التدريب، منها الانتماء لتنظيم "داعش" أو العمل لصالح الجيش التركي.
وأوضحت المصادر ذاتها أن "قسد" كانت قد أفرجت عن سبعة أشخاص من بلدة الشحيل يوم السبت الماضي قبيل يوم من الاجتماع، وذلك بعد اعتقالهم في سجونها بتهم مختلفة لمدة طويلة. وكانت "قسد" قد شنت يوم الجمعة الماضي حملة اعتقالات أيضاً في قرية أبو النيتل وقرية النملية ومحيطها في ريف دير الزور.
من جانب آخر، قالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن مجهولين هاجموا "عبد الجليل الصالح الحمد" وهو أحد وجهاء عشيرة العنابزة من قبيلة العقيدات، من أبناء بلدة خشام في ريف دير الزور الشرقي. مشيرة إلى أن الحمد أُصيب برصاصة سببت له جروحاً في الرأس.
وبحسب المصادر، فإن "الحمد" من المؤيدين لـ"قسد" في المنطقة ومن المعارضين للاحتجاج ضدها تحت ذريعة "منع الفتن" في المنطقة.
إلى ذلك، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن مجهولين هاجموا بقنبلة يدوية مقراً لـ"قسد" في منطقة سكة القطار شمال مركز مدينة الرقة، ما أسفر عن مقتل اثنين من عناصر المليشيات. وتحدثت المصادر أيضاً عن مقتل عنصرين من "قسد" بهجوم مسلح استهدف دورية في محيط مزرعة الرشيد شمال غربي مدينة الرقة.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فقد قتلت أيضاً مجندة لدى "قسد" بهجوم من مجهولين عليها في حي النشوة الغربية بمدينة الحسكة، كما قُتل قيادي عسكري في "قسد" يدعى "آلان شيخموس" بهجوم من مجهولين قرب نهر جغجغ بمدينة القامشلي.
وفي بلدة السوسة بريف دير الزور، هاجم مجهولون أيضاً دورية لـ"قسد" بسلاح ناري، ما أسفر عن مقتل أحد عناصرها، فيما لاذ المهاجمون بالفرار إلى جهة مجهولة.
من جانب آخر، أعلن الجيش التركي مساء اليوم، عن تحييده ثلاثة من عناصر مليشيات "قسد" في شمالي سورية، في وقت أعلنت فيه "قسد" عن مقتل خمسة من عناصرها خلال مواجهات مع الجيش التركي والجيش الوطني السوري في ناحية عين عيسى بريف الرقة، تزامنا مع تجدد القصف التركي على مواقع للمليشيات في ريف حلب.