المضادات الأرضية في غزة... كثافة الاستخدام لتوجيه رسائل للاحتلال

08 ابريل 2023
من العدوان الإسرائيلي على غزة، أمس (محمد سالم/رويترز)
+ الخط -

كررت المقاومة الفلسطينية خلال تصديها للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال الأيام الأخيرة، استخدام المضادات الأرضية في محاولة منها لاعتراض الطائرات والمسيّرات الإسرائيلية خلال تنفيذها لعمليات القصف على مواقع وأهداف تابعة لها أو أخرى مدنية كالأراضي الزراعية.

وتؤشر الكثافة النارية في عمليات الإطلاق المتكررة للمضادات الأرضية التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية في غزة، تحديداً "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، إلى وجود مخزون كافٍ من القذائف، بالتزامن مع تسريبات إسرائيلية عن لجوء الفصائل لصناعتها محلياً.

ويعود ظهور المضادات الأرضية في القطاع إلى مواجهة عام 2012، حين استخدمت الأذرع العسكرية في غزة ما يعرف بـ"سام 7" الذي يُحمل على الكتف في محاولتها لاستهداف الطائرات الإسرائيلية الحربية، على الرغم من قِدَم هذا السلاح مقارنة مع المنظومات المتطورة.

وخلال الجولات اللاحقة عاودت الأذرع العسكرية استخدام ذات الأسلحة مع القيام بتطوير منظومة أخرى محلياً تستند إلى إطلاق الأعيرة النارية في السماء، غير أنها لم تسهم كثيراً في تحقيق تطور استراتيجي كبير يمكن من التشويش على سلاح الطيران الإسرائيلي.

استخدام المضادات يمكن أن يسهم في التشويش على بعض أنواع الطائرات الإسرائيلية

وفي الآونة الأخيرة، اهتم الاحتلال وجيشه بتوسع استخدام المقاومة لهذا السلاح، وهو ما وثقته الأذرع العسكرية في غزة من خلال مقاطع فيديو نشرتها بشكلٍ رسمي عكست استخداماً واسعاً لهذا السلاح وبشكل أوسع من ذي قبل يستند إلى تكتيك عسكري جديد.

وعلى الرغم من عدم تحقيق هذا التكتيك العسكري نتائج كبيرة حتى اللحظة، إلا أن استخدامه بحسب مراقبين يمكن أن يسهم في التشويش على بعض أنواع الطائرات الإسرائيلية مثل المسيّرات بالإضافة إلى طائرات الهليكوبتر على الرغم من قلة استخدامها إسرائيلياً منذ سنوات، إلى جانب عدم جعل سماء غزة مستباحة كما في السابق.

مضادات أرضية وطائرات محلية

وإلى جانب المضادات الأرضية، عمدت المقاومة الفلسطينية منذ عام 2014 إلى تصنيع طائرات محلية الصنع، والبداية في طائرة "أبابيل" التي أعلنت عنها "كتائب القسام"، تبعها امتلاك فصائل أخرى كـ"سرايا القدس" الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي" لمسيّرات.

ويخشى الاحتلال من أن تمتلك الأذرع العسكرية في غزة أسلحة قادرة على التعامل مع طائراته الحربية بشكل أكثر تطوراً مما هو متوفر حالياً، وهو ما سيفقده عاملاً مهماً في التعامل العسكري مع القطاع خلال جولات ما بين الحروب أو المواجهات المفتوحة.

وخلال جولة التصعيد فجر أمس الجمعة، أعلن جيش الاحتلال استهدافه سلاحاً ثقيلاً أطلقت منه أعيرة نارية نحو طائراته، بالتزامن مع إعلانات متعددة للأذرع العسكرية للمقاومة في غزة عن إطلاقها صواريخ أرض - جو تجاه الطائرات الإسرائيلية التي قصفت القطاع.


رامي أبو زبيدة: استخدام المقاومة صواريخ محمولة على الكتف رسالة للإسرائيليين

وحول هذه المعطيات، يقول المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، إن سلاح الطيران الإسرائيلي يُعتبر السلاح الأهم في المواجهة مع المقاومة الفلسطينية ويعتمد عليه بشكلٍ رئيسي في مواجهات التحديات خلال السنوات الأخيرة، لا سيما على الساحة المحلية.

ويضيف أبو زبيدة في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن المقاومة استطاعت أن تستنبط العديد من الخيارات التي تؤثر فيها على جبهة الاحتلال الداخلية، سواء عبر تحييد خطط الاجتياح البري أو عبر استهداف المدرعات والآليات الحربية، فيما تبقى معضلة سلاح الجو قائمة.

غزارة استخدام الصواريخ

وبحسب أبو زبيدة فإن المقاومة وسّعت خلال السنوات الماضية من استخدام بعض الأدوات التي تم تصنيعها محلياً من أجل التشويش على الطائرات، سواء عبر إطلاق الأعيرة النارية تجاه الطائرات أو الصواريخ الموجهة، إلا أن هذه الأدوات لم تكن ذات جدوى كبيرة نظراً لتطور قدرات سلاح الجو الإسرائيلي.

ويرى أبو زبيدة أن استخدام المقاومة لهذه الصواريخ، تحديداً المحمولة على الكتف، بمثابة رسالة عسكرية للإسرائيليين بأنها ستبحث عن كل الوسائل لعرقلة عمل الطائرات الإسرائيلية والتشويش عليها خلال عمليات القصف أو التحليق في أجواء القطاع.

ويعتقد كذلك أنه في الآونة الأخيرة بات واضحاً امتلاك المقاومة لأنظمة متعددة وصواريخ عدة من أجل الرد على استباحة الأجواء الفلسطينية، وهو ما يقرأ من خلال غزارة استخدام هذه الصواريخ من قبل المقاومين الفلسطينيين، وهو أمر قد يشوش على الطائرات الإسرائيلية شرط إطلاق عدد كبير منها.

ومنذ عام 2014 لم يقم الاحتلال بتنفيذ أي عملية عسكرية برية في القطاع، وشهدت الجولات المتكررة مع الأذرع العسكرية في غزة أعوام 2018 و2019 و2021 و2022 استخدام سلاح الجو والمدفعية في عمليات القصف للأهداف داخل القطاع.

في الوقت ذاته، يرى المختص في الشأن الأمني إبراهيم حبيب أنه من المبكر الحديث عن وصف ما يجري من قبل المقاومة بالتطور النوعي الكبير، على اعتبار أن ما يجري حالياً على الرغم من تقدمه مقارنة مع ما كان في السابق، إلا أنه لم يؤد إلى تحقيق عامل حسم استراتيجي للمقاومة.

إبراهيم حبيب: من المبكر الحديث عن وصف ما يجري من قبل المقاومة بالتطور النوعي الكبير

ويقول حبيب في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن اللافت في الفترة الأخيرة هو تزايد استخدام هذا السلاح من قبل المقاومة في التعامل مع الطائرات الإسرائيلية، عبر محاولة التشويش عليها خلال الطلعات الحربية التي يقوم بها الجيش لاستهداف مواقع عسكرية للمقاومة في غزة.

ويشير حبيب إلى أن المقاومة ستبني على تجربتها السابقة في عملية تطوير الصواريخ التي بدأت بها في عام 2001، في تطويرها لمنظومة المضادات الأرضية وصولاً لتحقيق نجاحات استراتيجية تمكّنها من تحييد هذا السلاح بطريقة تنعكس إيجابياً على أي مواجهة.

أما ميدانياً، فيعتقد حبيب أن لجوء المقاومة وتحديداً "كتائب القسام" لاستخدام هذا السلاح في المرحلة الراهنة، يُعدّ رسالة واضحة من أجل تجنب التصعيد مرحلياً، مع تأكيد حق المقاومة في التصدي للعدوان الإسرائيلي وفقاً للظروف الميدانية القائمة.