المشري يرفض تغيير مجلس النواب الليبي للحكومة دون اعتماد خريطة طريق متكاملة: "قفزة في الهواء"
دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، مجلس النواب إلى اعتماد خريطة طريق متكاملة للمرحلة المقبلة، محذراً من أنّ إقدام مجلس النواب على تغيير السلطة التنفيذية منفرداً "سيؤدي إلى ولادة حكومة ميتة".
وقال المشري، في مؤتمر صحافي، اليوم الأحد، من طرابلس، إنّ مجلسه ولجنة خريطة الطريق البرلمانية، اتفقا على خريطة طريق تذهب بالتوازي في تحديد المسار الدستوري للانتخابات وتغيير الحكومة، مشدداً على ضرورة اعتماد مجلس النواب خريطة طريق متكاملة بمساريها الدستوري والتنفيذي، والعمل سوياً على إنجاز المسارين بالتوازي.
ورغم إشادته بمحاولات بناء الثقة بين المجلسين والتي تظهر في اللقاءات والاجتماعات الفردية، إلا أنّ المشري انتقد عمل مجلس النواب بشكل منفرد، حيث قال: "الاتفاق السياسي هو من جاء بمجلس النواب وجاء بالمجلس الأعلى للدولة، ولا يمكن لأي من المجلسين العمل منفرداً دون الآخر"، واصفاً ذهاب مجلس النواب لتغيير الحكومة بـ"القفزة في الهواء".
وجراء خلافات بين مؤسسات ليبية رسمية بشأن قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية، تعذر إجراء انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق خريطة طريق برعاية الأمم المتحدة، وحتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجرائها.
وتابع المشري، خلال مؤتمره الصحافي: "نحن وافقنا مجلس النواب على مطلب تغيير الحكومة، لكن لا بد من تحديد المسار الدستوري للانتخابات أولاً. هل سيكون بناء على استفتاء على الدستور أم على قاعدة دستورية ومن ثم نبدأ جميعاً في تغيير الحكومة؟"، مؤكداً أنّ تغيير الحكومة "ليس أولوية بالنسبة لنا".
وشدد أكثر من مرة على أنّ أولوية مجلسه "تحديد المسار الدستوري"، مطالباً مجلس النواب، خلال جلسة يوم غد الإثنين، باعتماد خريطة طريق متكاملة، و"عدم الاقتصار على تغيير الحكومة التي ستعود بالليبيين إلى الانقسام، إذ لن تتمكّن الحكومة الجديدة من العمل من طرابلس"، كما قال.
ومن المقرر أن يعقد مجلس النواب الليبي جلستين؛ الإثنين والثلاثاء المقبلين، للاستماع لبرامج المترشحين للحكومة واختيار رئيس جديد منهم لرئاستها، وذلك بعد أن فتح باب الترشح منذ الثلاثاء الماضي، وأعلن عن انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية الحالية.
وفيما ينتظر أن يستكمل عدد من المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة أوراقهم للترشح، أكدت مصادر برلمانية من طبرق، لـ"العربي الجديد"، أنّ عدد المترشحين الذين استكملوا أوراق الترشح هم؛ وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، ومروان عميش وهو سياسي ليبي ورئيس منظمة أهلية للاستقرار والسلم الاجتماعي.
وأفادت المصادر بأنّ رئاسة مجلس النواب طلبت من المترشحين الباقين استكمال أوراق ترشحهم، مشيرة إلى أنّ ثلاثة مترشحين آخرين سيقدّمون أوراقهم خلال الساعات المقبلة.
وأثارت قرارات رئيس المجلس عقيلة صالح بشأن انتهاء ولاية الحكومة الحالية حالة من الجدل، إذ رفض عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في تصريحات صحافية متفرقة، تفرّد مجلس النواب بقرار تشكيل حكومة جديدة وانتهاء ولاية الحكومة الحالية، خلافاً لنصوص الاتفاق السياسي التي تؤكد شراكة مجلسي النواب والدولة.
وعبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عن رفضه قرار انتهاء ولاية حكومته وتشكيل أخرى بديلة عنها، واصفاً القرار بـ"المحاولة اليائسة لعودة الانقسام"، مشدداً على أنه لن يسلّم السلطة إلا إلى سلطة منتخبة.
وعلى المستوى الأممي والدولي، شددت المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، على ضرورة أن يركّز مجلس النواب الليبي على ملف الانتخابات قبل البتّ في وضع الحكومة الحالية، محذرة خلال لقاء لها مع صحيفة "ذا غارديان" البريطانية من خطورة تشكيل حكومتين في البلاد.
من جهته هدد السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بفرض المجتمع الدولي عقوبات بحق معرقلي العملية السياسية، معبّراً عن مخاوفه من أن يؤدي تشكيل حكومة جديدة إلى تعطيل الانتخابات أو تشكيل حكومة موازية.
46 نائباً برئاسة النويري يطالبون بضرورة أن يتصدر المسار الدستوري خريطة الطريق
في غضون ذلك، أكد عدد من النواب المجتمعين في طرابلس، مساء الأحد، على ضرورة أن يتصدر المسار الدستوري للانتخابات خريطة الطريق، مشددين على أنّ استقرار البلاد "يتحقق بالاتفاق على مسار واضح ومدد محددة يكون موعد الوصول للانتخابات أولها".
جاء ذلك في بيان للاجتماع التشاوري الذي عقده 46 عضواً في مجلس النواب برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي النويري.
وقال النويري، في بيان لملخص الاجتماع، إنّ الاجتماع أكد على أنّ مسألة تغيير الحكومة ليست أولوية، وإنما "الأولوية لخريطة طريق ذات مسار دستوري واضح لنلجأ إلى القضاء بدل السلاح عند الاختلاف".
وذكر النويري أنّ الاجتماع التشاوري جاء تلبية لطلب مجموعة من النواب "قدّموه لي للبحث في المستجدات الأخيرة"، مؤكداً أنّ الاجتماع "لا يهدف إلى خلق حالة من الانقسام بين المجلس بتاتاً، بل إلى تعزيز الثقة والتواصل بين النواب".
ودعا النويري كل الأطراف إلى "التكاتف والابتعاد عن الفتنة، فالبلد يمر بوضع حرج"، وكذلك ضرورة خلق حالة من التوافق بين كل المؤسسات للمضي ضمن خريطة "هدفها الرئيسي الانتخابات والقاعدة الدستورية، ومن ثم السلطة التنفيذية والمصالحة والمسار الأمني في كافة ربوع ليبيا".
وأوضح عضو مجلس النواب عمارة شنبارو، المشارك في الاجتماع، أنّ المجتمعين اتفقوا على عدة مطالب، قال إنها "ستحال غداً الإثنين إلى مجلس النواب".
وذكر شنبارو، في تصريحات صحافية، أنّ من بين المطالب "ضرورة أن تتضمن خريطة الطريق مدداً محددة وشكل القاعدة الدستورية التي ستبنى عليها الانتخابات"، وأن "تخضع الخريطة لتصويت مجلس النواب وكذلك تغيير السلطة التنفيذية أو عدمه لا بد أن يخضع للتصويت".
وقال عضو مجلس النواب، عمار الأبلق، إنّ النواب عبّروا عن رفضهم الدخول في مرحلة انتقالية جديدة "دون مدد زمنية محددة وفق خريطة طريق"، مضيفاً: "ثمة طرف يسعى لتغيير السطلة التنفيذية دون أي خريطة طريق ومسار دستوري واضح"، في إشارة لسعي رئاسة مجلس النواب لتغيير حكومة الوحدة الوطنية وتشكيل أخرى بديلة عنها.
وأشار الأبلق إلى أنّ الاجتماع أكد على ضرورة تحديد موعد جديد للانتخابات، وتمنى النواب أن يكون الموعد في إبريل/نيسان أو يونيو/حزيران المقبل.
وأضاف أنّ "الدخول الآن في مسار استبدال السلطة التنفيذية المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي قبل اعتماد قاعدة دستورية، يربك المشهد السياسي وقد يدخل البلاد في فوضى".
وحذر من أنّ "ما يحدث في طبرق سيزيد المرحلة القادمة تأزيماً، وقد يتحول من صراع سياسي إلى صدام مسلح".