كشفت مصادر أمنية عراقية عن اعتقالات واسعة نُفذت بمناطق مختلفة من نينوى وصلاح الدين وكركوك، خلال الأسابيع الماضية. من بين المعتقلين ما لا يقل 10 نساء بينهن سيدة بعمر 67 عاماً تم اعتقالها جنوبي الموصل. وأطلق القضاء سراح غالبيتهم لعدم توفر الأدلة.
وتأتي هذه الاعتقالات في مناطق شمال وغربي العراق على وجه التحديد بتهم تتعلق بـ"الإرهاب"، رغم الجدل السياسي الدائر في العراق منذ أسابيع حيال مشروع قانون "العفو العام"، الذي يستهدف آلاف العراقيين المدانين وفقاً لاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب أو بنظام "المخبر السري".
وقال مسؤول عراقي في قيادة شرطة نينوى لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد الشعبي واستخبارات الجيش هما أكثر الجهات التي تنفذ عمليات اعتقال وفقاً لمعلومات يقدمها مخبرون سريون، والذين باتت تطلَق عليهم الآن عبارة (المصدر)، بتهم الإرهاب والتعاون مع داعش خلال فترة احتلال التنظيم للمدن"، مؤكداً أن تلك "الادعاءات لا تستند لأي أدلة لذلك يخرج الكثير منهم من المعتقل بعد عرض أوراقه على قاضي التحقيق، لكن آخرين يضطرون للبقاء فترة أطول".
وأضاف المسؤول أن الاعتقالات تتم بناءً على معلومات تقدمها المصادر، أي المخبرون السريون، وعادة ما يكون جزء كبير منها مستنداً إلى معلومات غير صحيحة أو عداوة شخصية وتصفية حسابات.
وقال الناشط، علي المجمعي، لـ"العربي الجديد"، إن "المعتقلين يوقعون على اعترافات معينة خلال التحقيق، مما دفع القاضي في محافظة صلاح الدين إلى إحالة بعضهم للجنة طبية بعد نفيهم اعترافات أدلوا بها خلال التحقيق معهم، وطالب بالتأكد من تعرضهم للتعذيب"، مستدركاً بالقول: "ليس في كل مرة يحالف المعتقلين الحظ بوجود قاضٍ مثل هذا".
وخلال السنوات الماضية، زُج بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب "التهم الكيدية" من قبل من يعملون "مخبرين سريين"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية.
وأشار الناشط من محافظة نينوى، إبراهيم ذنون، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "معظم الفصائل المسلحة تتعامل مع مخبرين سريين، وهم يقومون بكتابة التقارير عن التجار والعوائل التي تورط أحد أفرادها مع الجماعات الإرهابية، على عكس القوات الأمنية التي تتعامل بالتنسيق مع المحاكم العراقية فقط"، مبيناً أن "المخبر السري لا يزال ينشط في مناطق شمال وغرب العراق، ونفس الحال في مدن جنوب العراق، لكن في الجنوب يسعى المخبر السري للنيل من النشطاء والصحافيين المعارضين للنظام الحالي".
وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وجه بفتح ملف انتزاع الاعترافات قسراً خلال التحقيقات القضائية، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، داعياً كل من تعرض لأي صورة من صور التعذيب أو الانتزاع القسري للاعترافات إلى تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززةً بالأدلة الثبوتية، كما خصص بريداً إلكترونياً لاستقبال الشكاوى.
من جانبه، قال المحامي العراقي عبد الستار الجبوري لـ"العربي الجديد" إن "نظام المخبر السري غير قانوني، والقانون العراقي يتعامل مع الشكاوى أو الإخبار العلني عن أي حالة مشبوهة، وللأسف بسبب المخبر السري هناك مئات العراقيين حُكِم عليهم بالإعدام في السنوات الماضية".
وأُقر نظام "المخبر السري" في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، 2006 ـ 2014، كأحد أساليب الحصول على معلومات أمنية، إلا أن آلاف المواطنين من ضحايا هذا النظام ما زالوا في السجون، فيما يطالب ذووهم السلطات بإعادة محاكمتهم، أو السماح لهم باستئناف الأحكام التي صدرت بحقهم بناءً على معلومات "المخبر السري" التي لا تخلو في حالات عدة من الكيدية.