المحكمة العليا تقفل باب القضاء... والكونغرس خيار ترامب الأخير

12 ديسمبر 2020
ردت المحاكم المحلية والفيدرالية قرابة 50 دعوى لترامب لافتقارها للمسوّغ القانوني(فرانس برس)
+ الخط -

رفضت المحكمة العليا، اليوم وللمرة الثانية خلال أسبوع، النظر في دعوى لتأجيل مصادقة المجمع الانتخابي، يوم الإثنين المقبل، على نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية في أربع ولايات، بزعم أنها كانت "مزورة ". وبردها هذا، أقفلت المحكمة العليا باب القضاء في وجه منازعة الرئيس دونالد ترامب قانونياً في شرعية الانتخابات، باعتبارها الملاذ الأخير في هذا المجال، بعد أن استنفد البيت الأبيض ورقة الطعون أمام المحاكم المحلية والفيدرالية التي ردت له أكثر من 50 دعوى، لافتقارها للمسوّغ القانوني.

وتقوم الدعوى الأخيرة التي رفعها مدعي عام ولاية تكساس وزملاؤه الجمهوريون في 17 ولاية، وبمساندة الرئيس ترامب و106 نواب جمهوريين في الكونغرس، على حيثية أن الولايات الأربع أجرت الانتخابات بصورة "غير قانونية"، وبالتالي لا بدّ من نقضها، وقيام الكونغرس المحلي فيها (الجمهوري بأغلبيته) بتعيين حصتها في المجمع الانتخابي. أي عملياً تعيين جمهوريين يصبح من المضمون معهم فوز ترامب.

وتستند الدعوى بذلك إلى نص دستوري يخول أي ولاية حق مقاضاة ولاية أخرى مباشرة، أمام المحكمة العليا من دون المرور بالمحاكم الدنيا؛ المحلية والفيدرالية. لكن الاستناد إلى هذا النص لا يصح في الحال الراهنة، حسب أهل القانون. من جهة لأن الدعوى لا تطالب الفصل في نزاع مع هذه الولايات، ثم إن الدستور نفسه أعطى لكل ولاية الحق الحصري في تحديد إجراءات العملية الانتخابية فيها وقواعد إدارتها.

وإذا كان ثمّة اعتراض على الأصول التي تحدد الإجراءات الانتخابية بهذا الخصوص؛ فلا تصح إثارته بعد الانتخابات بل قبلها. ويضاف إلى ذلك، أن المزاعم المتعلقة بعدم مشروعية الانتخابات لم تصمد أمام القضاء. ولذلك كانت هذه الدعوى محكومة سلفاً بالفشل في المحكمة العليا، لانتفاء الحجة القانونية المتماسكة.

وبذلك، صار من شبه المحتوم أن يصوت المجمع في الموعد الدستوري المقرر في 14 ديسمبر/كانون الأول الحالي، على حصيلة فرز الأصوات في الخمسين ولاية، بحيث تأتي النتيجة لصالح بايدن، كما هو متوقع، بغالبية 306 مقابل 232 للرئيس ترامب. إلا في حال حصلت، على سبيل الافتراض، مفاجأة بحجم انقلاب، لم يسبق أن عرفته هذه المحطة الانتخابية من قبل.

بعد قرار المحكمة بات من شبه المحتوم أن يصوت المجمع في الموعد الدستوري المقرر 14/12، على حصيلة فرز الأصوات لصالح بايدن

وفي ضوء ذلك، ومع استمرار تشبّث البيت الأبيض بمواصلة معركته لنسف فوز بايدن؛ يتبقى أمام الرئيس فرصة واحدة، نظرياً، لتحقيق غايته. ففي السادس من يناير/كانون الثاني المقبل، سيجتمع الكونغرس، حسب الدستور، للمصادقة على تصويت المجمع الانتخابي (وهي المصادقة الرابعة والأخيرة). ومن غير المستبعد، بل من المتوقع، أن يرفض الجانب الجمهوري نتائج الانتخابات، تضامناً مع الرئيس، وقد لا تبدو هذه الخطوة ذات شأن في مجلس النواب، بحكم كون الجمهوريين أقلية، ولكن المشكلة تكمن في مجلس الشيوخ، لو بقيت الأكثرية الجمهورية مع الرئيس.

عندئذ قد تتعذر مصادقة الكونغرس، وفي هذه الحال، وإذا بلغت الأمور هذه العقدة، يرجع الأمر حسب الدستور إلى حكام الولايات موضوع الدعوى للبت في الموضوع. ومن المعروف أن هؤلاء سبق لهم أن صادقوا على النتائج، رغم أن بعضهم من الحزب الجمهوري. وعند تلك النقطة تقفل أبواب المنازعة كافة، وتصبح طريق تدشين رئاسة جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني المقبل سالكة ومفتوحة على مصراعيها. وهي النتيجة التي كانت متوقعة منذ إعلان النتائج بصورة غير رسمية بعد ثلاثة أيام من الانتخابات.

"وجع راس" الانتخابات باقٍ على الأقل حتى ذلك التاريخ، إن لم يمتد إلى ما بعدها لو استمر الرئيس ترامب في موقع المُتنفِّذ والمقتدِر على صياغة توجهات الحزب الجمهوري وسياساته، وذلك مرتبط بمدى استمرار ارتباط قاعدته به.