طالب المجلس الرئاسي بضرورة التشاور معه في توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، مؤكداً في ذات الوقت أهمية التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة كافة، بما يخدم مصلحة الشعب الليبي.
وذكر المجلس الرئاسي، في بيان اليوم الثلاثاء، أن "التعاون بين الدول تنظمه مواثيق وأعراف دولية، وقوانين محلية، تهدف جميعها إلى مصلحة الشعوب"، مضيفاً أن "ما تجتهده الحكومات عبر توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بينها، يهدف إلى تعزيز التعاون".
وتابع بيان المجلس: "ولِتدخلَ الاتفاقيات حيّز التنفيذ، يتطلب اعتمادها (التصديق) من المجالس التشريعية"، في إشارة إلى الاتفاق الموقع بين حكومة الوحدة الوطنية وتركيا في مجال النفط، أمس الاثنين، مطالباً بضرورة "التشاور معه" لإبرام الاتفاقيات.
وخلال زيارة أجراها وفد وزاري تركي رفيع المستوى لطرابلس، أمس الاثنين، وقّعت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، ووزير الاقتصاد، محمد الحويج، المكلف وزارة النفط والغاز، مع نظيريهما التركيين، وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، مذكرات تفاهم في مجالات التدريب الأمني والطاقة النفطية والغاز.
وعلى هامش الزيارة، التقى الوفد التركي رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، وناقش معه "دفع العملية السياسية في ليبيا من خلال انتخابات برلمانية ورئاسية، والتشديد على وحدة التراب الليبي، لتحقيق الاستقرار والسلام في البلاد"، بحسب مكتب الإعلام للمجلس الرئاسي.
وبالإضافة إلى موقف المجلس الرئاسي حيال مذكرات التفاهم الموقعة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية، أبدت أطراف محلية تحفظها أيضاً عليها. فقد أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أن أي اتفاقية أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يجري إبرامها من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، "مرفوضة وغير قانونية وغير ملزمة لدولة ليبيا والشعب الليبي"، مرجعاً ذلك إلى "انتهاء ولاية الحكومة قانوناً منذ 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وانعدام أي إجراء تتخذه".
وأضاف صالح أن توقيع الاتفاقيات والمعاهدات ومذكرات التفاهم الدولية "يجري من خلال رئيس الدولة أو البرلمان"، مشدداً على أن التعامل مع الحكومة في ليبيا "يكون عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، وهي حكومة فتحي باشاغا".
من جهته، أعلن باشاغا، الموجود وقتها في بنغازي، على رأس اجتماع لحكومته، رفض توقيع حكومة الدبيبة للاتفاقيات، وقال في بيان: "الاتفاقيات حق أصيل لسلطة منتخبة من الشعب الليبي مباشرةً، وتعبّر عن إرادته وسيادة قراره فوق أرضه"، مذكراً الدبيبة بخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي التي تنص ضمن موادها على "عدم نظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة، بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية، أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد".
وأكد باشاغا أن حكومته "ستبدأ بالتشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين، والإقليميين والدوليين، للرد بالشكل المناسب".
ولم يصدر مجلس الدولة أي تعليق رسمي، لكن 73 عضواً من أعضائه أعلنوا رفضهم توقيع حكومة الدبيبة مذكرة التفاهم النفطية مع الجانب التركي، معتبرين أن "توقيع مثل هذه المذكرات غامضة البنود والأهداف في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي المنقسم يمثل محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع".
وعبّر الأعضاء، في بيان مشترك صدر في وقت متأخر أمس، عن رفضهم ما وصفوه بـ"الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك"، وأن مثل هذه السياسة قد تضع تركيا "في مواجهة المصالح الوطنية الكبرى لليبيا، وكل المحاولات الوطنية الجادة للتوافق بين الليبيين نحو استعادة الدولة وقرارها الوطني".
وكان المتحدث باسم حكومة الدبيبة، محمد حمودة، قد نشر توضيحاً لمضمون مذكرات التفاهم، لاحتواء الجدل وموجة الاعتراض، حيث أفاد، عبر صفحته على "فيسبوك"، بأن مذكرة التفاهم الموقعة تخص الطاقة الهيدروكربونية، وتنص على تعزيز التعاون بين البلدين في الجوانب العملية والفنية والتقنية والقانونية والتجارية في مجال الهيدروكربونات.
وأوضح حمودة أن المذكرة تنص على "تعاون الطرفين بناءً على قوانينهما المحلية لتحقيق أهداف المذكرة، من طريق تبادل المعلومات والخبرات، وعقد المؤتمرات والندوات المشتركة والمعارض، وزيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وكذلك تطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب، وتجارة النفط والغاز والهيدروكربون، وفق الإجراءات والقوانين المتبعة في ليبيا".
وأضاف أن المذكرة تنص أيضاً على "تبادل الخبرات والتدريب، وضرورة ضمان المصالح المشتركة، والجدوى من عمليات الاستكشاف والتطوير، وزيادة الإنتاج للبلدين، وتأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الليبية للنفط والمؤسسة التركية، ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص".