انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة، ظهر اليوم الأربعاء، اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، لاستكمال المشاورات بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، وإخلاء ليبيا من المرتزقة والقوات الأجنبية، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
وتجمع الاجتماعات التي تستضيفها القاهرة، إلى جانب أعضاء اللجنة العسكرية الليبية، رئيس أركان قوات شرق ليبيا الفريق عبد الرازق الناظوري، ونظيره في المنطقة الغربية محمد الحداد.
وتتناول الاجتماعات بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وحل المليشيات، وإخراج المرتزقة، وتجنب التصعيد والانزلاق إلى الاشتباكات بين المليشيات.
ووفقاً لمصادر مصرية مطلعة، من المقرر أن يلتقي ممثل للمؤسسة العسكرية المصرية كلاً من الحداد والناظوري، عقب لقائهما برئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، مشيرة إلى أن الاجتماعات ستبحث فكرة الخروج المتزامن للمرتزقة والقوات الأجنبية من مناطق الشرق والغرب الليبيين.
وتأتي اجتماعات اللجنة التي تستمرّ لثلاثة أيام في القاهرة، بالتزامن مع اجتماعات لجنة المسار الدستوري التي تضمّ أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، بحضور رئيسة البعثة الأممية ومستشارة الأمين العام للأمم المتحدة حول ليبيا ستيفاني وليامز.
وسبق أن التقى الحداد والناظوري مرتين في مدينة سرت، لـ"بحث تشكيل لجان مشتركة لتوحيد المؤسسة العسكرية"، بحسب بيانات سابقة لرئاسة الأركان التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، التي أشارت إلى دعهما مسار جهود لجنة 5 + 5، لكن الوفد الممثل لحفتر في لجنة 5+5 أعلن، في إبريل/ نيسان الماضي، تعليق أعماله، وطالب بإيقاف إنتاج النفط، اعتراضاً على عدم تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا، المكلفة من مجلس النواب، والمدعومة من حفتر.
وفي نهاية مايو/ أيار الماضي، اجتمعت لجنة 5+5 بكامل أعضائها في إسبانيا مع وليامز، وعدد من سفراء الدول المعتمدين لدى ليبيا، ووزراء ومسؤولين من حكومة الوحدة الوطنية، في ورشة عمل فنية حول طرق الدعم الفني لبرنامج نزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج الليبي التابع للبعثة الأممية، واتفقوا على ضرورة توحيد كافة الجهود للحفاظ على الهدوء على الأرض، وعلى اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشارت وليامز حينها إلى أن نتائج هذه العملية "ستعزز المسار الأمني على المدى القصير، بينما ستعزز على المدى البعيد سيادة القانون وتحسن من أوضاع حقوق الإنسان"، بحسب تغريدة لها.
من جانب آخر، أفاد عضو اللجنة الدستورية المشتركة عن المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي بمغادرة أكثر أعضاء اللجنة الممثلين لمجلس النواب القاهرة في اتجاه مدينة سرت.
وأوضح حويلي، لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة لن تعقد جلسة اليوم لمواصلة المفاوضات الدستورية، مشيراً إلى إمكانية تأجيلها إلى الغد، وقال "لم يبقَ من النواب إلا نائبان وعدد من المستشارين نجري معهم اليوم مناقشة، على هامش الاجتماعات، للمقترحات المقدمة من اللجنة المصغرة حول النقاط الخلافية في مسودة الدستور"، وهو ما أكدته عضو اللجنة الدستورية عن مجلس النواب أسماء الخوجة، موضحة أن أعضاء اللجنة غادروا القاهرة في اتجاه مدينة سرت، للمشاركة في جلسة مجلس النواب اليوم.
وأكدت الخوجة، لـ"العربي الجديد"، أن أعضاء اللجنة "سيعودون إلى القاهرة نهاية هذا اليوم لاستئناف اجتماعات اللجنة غداً".
عقيلة صالح يؤكد على شرعية حكومة باشاغا
من جهته، جدّد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تأكيده شرعية الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، رافضاً الاعتراض عليها، ومعتبراً أنها شكلت وفقاً لتوافق ليبي – ليبي.
وجاء ذلك في كلمة عقيلة صالح في افتتاح جلسة عقدها مجلس النواب، اليوم الأربعاء، بمدينة سرت، وسط شمال البلاد، للتصويت على الميزانية المقترحة من حكومة باشاغا.
وأقرّ النواب بالاجتماع مقترح الميزانية، خلال الجلسة، وفقاً لبيان مقتضب نشره المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبد الله بليحق، على صفحته في "فيسبوك"، موضحاً أن الميزانية بلغت 89,689,376,000 مليار دينار ليبي، من دون أن يوضح عدد النواب المشاركين في الجلسة.
وحضر الجلسة عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة الداعمين لباشاغا، كانوا قد التقوه، أمس الثلاثاء، بمقر حكومته المؤقت في مدينة سرت، لمناقشة تطورات المشهد السياسي في البلاد، حيث أكدوا ضرورة الوصول إلى اتفاق فيما يخص نقاط الخلاف على القاعدة الدستورية ضمن المحادثات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في القاهرة، بحسب المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا.
وأثنى صالح، في كلمته، على حكومة باشاغا، معتبراً إياها "الوحيدة القاهرة على إزالة القوة القاهرة التي أدت لتعثر الانتخابات"، وقال "الحكومة التي تدرسون ميزانيتها اليوم لم تشكل في المنفى أو لغرض فرضها على الليبيين قصراً، بل شكلت ومنحت الثقة تحت قبة مجلس النواب، وبناء على توافق ليبي ليبي، ولا يحق لأحد الاعتراض عليها".
وحذر عقيلة مخالفي الحكومة بتحمل نتيجة أفعالهم قانونياً وأخلاقياً ووطنياً، وخص بالذكر "الأجهزة الرقابية والمحاسبية والمالية التي أوكل إليها مكافحة الفساد والمفسدين"، وفق قوله.
وقال إن "الذهاب في المسارات الدستورية أفضل من التلويح باستخدام السلاح ودق طبول الحرب"، معتبراً أن الأولى "تذهب بالبلاد إلى التوافق مهما طال الزمن"، وناصحاً الجميع بـ"الابتعاد عن كل ما يعود بالبلاد إلى مربع الصراع والاقتتال".
وتعليقاً على حضور مجموعة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة جلسة اليوم، تقدم صالح بالشكر للأعضاء الحاضرين، موضحاً أن ذلك "يدل على إدراكهم للمخاطر التي تتعرض لها البلاد وانحيازهم للوطن". وتابع: "نحن لم ننحرف عن مبادئ الدولة، ولم نتوقف عن مد أيدينا من أجل السلام، برعاية دولية أو من دونها. وكلما فكرت في مغادرة المشهد السياسي أجد أن معرفتي بجذور الأزمة والواجب الوطني تتطلب مني التمسك بالخيارات الضامنة للدولة المدنية".
ويعقد مجلس النواب جلسة رسمية، في مدينة سرت، اليوم الأربعاء، للتصويت على مقترح الميزانية المقدَّم من الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا.
وكان مجلس النواب قد بدأ جلسة رسمية، أمس، برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح، لمناقشة مقترح ميزانية حكومة باشاغا، قبل أن يقرّر تعليقها إلى اليوم لـ"التصويت على الميزانية" لإقرارها، بحسب بيان مقتضب للناطق الرسمي باسم المجلس عبد الله بليحق.
وكان أعضاء من مجلس النواب نفوا ما تداولته منصات إخبارية ليبية، أمس الثلاثاء، من أنباء عن مغادرة أعضاء اللجنة الدستورية الممثلين لمجلس النواب القاهرة باتجاه سرت.
وفيما نفى عضو المجلس النواب جبريل وحيدة، لـ"العربي الجديد"، أمس الثلاثاء، الأنباء، دون أي تفاصيل أخرى، قال عضو اللجنة الدستورية عن مجلس النواب، الهادي الصغير: "ألغينا سفرنا إلى مدينة سرت حرصاً على استكمال مشاورات المسار الدستوري في القاهرة"، مضيفاً، في تصريحات صحافية، أمس الثلاثاء: "لم يسافر أي عضو من لجنة النواب إلى سرت، والآن نستأنف الجلسات للاستماع إلى مخرجات اللجان الفرعية".
وتحضن القاهرة الجولة الثالثة والأخيرة لمفاوضات اللجنة الدستورية، المكونة من 24 عضواً بالمناصفة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، لبحث مسار يفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ 24 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.
وتوصلت اللجنة، في اجتماعاتها الحالية، إلى تشكيل لجنة مصغرة لصياغة مقترح حول المواد الخلافية، خصوصاً المواد المتعلقة بشروط الترشح لرئاسة الدولة، بحسب تصريحات سابقة أدلى بها حويلي لـ"العربي الجديد"، عبّر فيها عن أمله في توصل الاجتماعات إلى توافق حول المواد الخلافية في مسودة الدستور.
ويأمل مجلس الدولة في أن تُعتمد هذه المواد بعد الاتفاق عليها كوثيقة دستورية تُجرى بناءً عليها دورة انتخابية واحدة، فيما تشير تصريحات سابقة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى نيته طرح المسودة بعد تعديلها للاستفتاء الشعبي لتصبح دستوراً دائماً، تُجرى الانتخابات بناء عليه.