الكنيست الإسرائيلي يقترب من حل نفسه: ازدياد فرص انتخابات جديدة

03 ديسمبر 2020
موافقة نتنياهو على مطالب غانتس ستؤجل حل الكنيست (مناحيم كهانا/ فرانس برس)
+ الخط -

صادق الكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بأغلبية 61 صوتاً بالقراءة التمهيدية، على مقترحي قانون لحل الكنيست، والذهاب لانتخابات مبكرة. وبهذا يكون أطلق الرصاصة الأولى على الحكومة الحالية، وبدء المعركة الانتخابية لانتخابات، هي الرابعة خلال عامين، في حال تمت المصادقة على مقترحي القانون، بالقراءات الثلاث اللازمة كي يصبح حل الكنيست نهائياً.
لكن تصويت الكنيست أمس كان عملياً تحصيل حاصل، وقد يكون مناورة تمكن زعيم "كاحول لفان" الجنرال بني غانتس، من اللجوء إليها لتحسين شروط بقائه في الحكومة في وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قبل موعد 23 ديسمبر/كانون الأول الحالي، وهو الموعد الأخير لإقرار ميزانية عامة للدولة. وفي حال لم يتم إقرارها، فإن ذلك سيعني انتهاء ولاية الحكومة الحالية والذهاب لانتخابات خلال 90 يوماً. ويتحكم نائب عن حزب غانتس، هو إيتان غينزبورغ، بجدول أعمال لجنة الكنيست الذي أنيطت به مهمة إعداد مقترحي القانون للقراءة الأولى، ومن ثم الثانية والثالثة. لكن في المقابل، فإن مسار قانون حل الكنيست يمنح الأحزاب، وتحديداً نتنياهو وغانتس، فرصة من أجل الاتفاق على موعد آخر للانتخابات، مثلما يمنحهما فرصة لإبرام تسوية تطيل عمر الحكومة.

نتنياهو معني بأن تجرى الانتخابات أواسط مايو أو يونيو

على أية حال فإن القرار النهائي عملياً سيكون بيد رئيس الحكومة. فإذا وافق نتنياهو على شروط ومطالب بني غانتس، فإن من شأن ذلك أن يؤجل حل الكنيست، وأن يؤجل بالتالي موعد الانتخابات المقبلة. فتوصل الاثنين إلى اتفاق سيعني تعطيل مسار إقرار مقترحي القانون اللذين مرّا بالقراءة التمهيدية أمس، سواء عبر ارتداد حزب "كاحول لفان" في القراءات القادمة على موقفه الذي اتخذه أمس، والتصويت ضد القانونين، وبالتالي ترجيح خيار تسوية في موضوع ميزانية الدولة، يُمدد عمر الحكومة بشهرين أو ثلاثة، مقابل مكاسب قد يحققها غانتس، وتدعم موقفه في المعركة الانتخابية.

رصد
التحديثات الحية

ووفقاً لما هو معلن، فإن نتنياهو غير معني بالانتخابات في الموعد القريب الذي يحدده الفشل في تمرير ميزانية الدولة، وهو 90 يوماً بداية من 23 ديسمبر الحالي، أي في مطلع مارس/ آذار المقبل. في المقابل فإن نتنياهو معني بأن تجرى الانتخابات في أواسط مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران المقبلين، على أمل أن تكون اللقاحات ضد جائحة كورونا قد وصلت إلى إسرائيل، وبدأت عملية تطعيم المواطنين باللقاح، ما يساعد نتنياهو في استعادة بعض المقاعد، التي تتنبأ الاستطلاعات بأنه سيخسرها في حال جرت الانتخابات قريباً.
مع ذلك ينبغي التذكير بأنه بالرغم من قرار الكنيست أمس، فإن نتنياهو لا يزال يملك في جعبته خيارات أخرى قد يلجأ إليها. وأولها الاتجاه، حتى قبل إنهاء عملية تشريع قانوني حل الكنيست، بالقراءات الثلاث، إلى الاتفاق مع حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت، على تشكيل حكومة جديدة، بموازاة التوصل إلى تفاهمات مع مندوبي الحركة الإسلامية الجنوبية، بقيادة النائب منصور عباس، التي تشكل جزءاً من مُركبات القائمة المشتركة للأحزاب العربية، ولها 4 مندوبين من أصل 15، بأن يمتنع منصور عباس ونواب الحركة الإسلامية عن التصويت ضد الحكومة المقبلة. وسيضمن هذا لنتنياهو، بحسب موازين القوى الحالية، تأييد 59 نائباً لحكومة بديلة، بدون معارضة 61 نائباً، في حال امتنع نواب الحركة الإسلامية عن التصويت ضد حكومة نتنياهو. ويبدو هذا الخيار ضعيفاً، وإن كان يستند إلى حقيقة امتناع نواب الحركة الإسلامية، أمس، عن التصويت مع قانون حل الكنيست، من جهة، وبفعل تصريحات للنائب منصور عباس، لم ينف فيها إمكانية التعاون مع نتنياهو مقابل "خدمة مصالح المجتمع العربي"، وبادعاء "أننا لسنا في جيب أحد، لا اليمين ولا اليسار".
الخيار الآخر هو الاستجابة لشروط بني غانتس في ما يتعلق بتمرير ميزانية الدولة، وانتظار موعد مناسب لحل الحكومة الحالية، قبل حلول موعد تنفيذ اتفاق التناوب مع بني غانتس، وبعد أن يكون اتفق مع حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت، وحزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" الحريديين على شكل الائتلاف الحكومي القادم، بالنظر إلى أن استطلاعات للرأي العام تمنح نتنياهو القدرة على تشكيل ائتلاف حكومي مع هذه الأحزاب، يعتمد على تأييد 65 عضو كنيست على الأقل من أصل 120 عضواً في الكنيست الإسرائيلي.

نتنياهو قد يتهم غانتس بجر إسرائيل لانتخابات رابعة
 

وبحسب مراقبين، فإن نتنياهو، منذ عودته لرئاسة الحكومة في عام 2009، كان اتجه لانتخابات جديدة فقط بعد أن يتفق مسبقاً مع الأحزاب الحريدية واليمينية على تأليف الحكومة القادمة. وهو ما فسر في حينه سبب فشل تسيبي ليفني في انتخابات 2009 في تشكيل حكومة بقيادتها، بالرغم من أن حزبها "كديما" تجاوز عدد المقاعد التي حصل عليها حزب "الليكود"، وحصلت على تكليف بتشكيل الحكومة. لكن حزبي "شاس و"يهدوت هتوراة" الحريديين رفضا الانضمام لحكومة برئاستها، واتضح أنهما كانا توصلا لاتفاق مسبق مع نتنياهو. وتكرر ذلك في الانتخابات العامة عام 2014، عندما قام نتنياهو بتفكيك حكومته التي كانت بالشراكة مع حزبي "ييش عتيد" بقيادة يئير لبيد و"البيت اليهودي" بقيادة نفتالي بينت والاتجاه لانتخابات جديدة.
واليوم، بالرغم من قرار الكنيست أمس الأربعاء، فإن نتنياهو يراهن، على ما يبدو، على تمديد أمد الحكومة بشهرين أو ثلاثة، مع تكريس اتهام بني غانتس، شريكه في الحكومة، بالمسؤولية عن جر إسرائيل لانتخابات رابعة، بالرغم من جائحة كورونا، كي يصل إلى الموعد المفضل لديه، وهو مايو أو يونيو المقبلان. أما في حال فشلت محاولات التوصل إلى تسوية مع بني غانتس، فلن يتردد نتنياهو في حال حل الكنيست تلقائياً في 23 ديسمبر/ كانون الأول الحالي لعدم تمرير ميزانية للدولة، في شن معركة انتخابية جديدة، يبلغ فيه تحريضه العنصري ضد العرب، من جهة، وضد "الوسط واليسار" من جهة ثانية، ذروة لم تشهدها إسرائيل من قبل، ما ينبئ بمعركة انتخابية شرسة ستكون مصحوبة بكل مظاهر العنف السياسي والتحريض العنصري، ضد العرب، ونزع الشرعية أيضاً عن أحزاب اليسار الإسرائيلي، موظفاً اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان في المعركة الانتخابية لتكريس بقائه في الحكم.

المساهمون