كشف الحراك الوطني الأرثوذوكسي، اليوم الثلاثاء، عن صفقة تسريب جديدة قام بها البطريرك كيريوس ثيوفولوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة للروم الأرثوذوكس، لأراضٍ تقع بين بيت لحم والقدس بالضفة الغربية، لصالح التوسع والاستثمارات الاستيطانية ضمن مشروع ما يسمى "القدس الكبرى" الذي ينفذه الاحتلال الإسرائيلي.
وتكمن خطورة صفقة التسريب الجديدة، كما أكد عضو المجلس المركزيّ الأرثوذوكسيّ في الأردن وفلسطين جلال برهم لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر صحافي عقد في مدينة بيت جالا شمال غرب بيت لحم، في أنها تأتي ضمن حلقة تكميلية لاستكمال الحزام الاستيطاني الذي يفصل جنوب القدس عن شمال بيت لحم.
ووفق برهم، فإن صفقة التسريب الحالية التي قام بها ثيوفولوس تستكمل الحزام الاستيطاني لمشروع القدس الكبرى، خاصة أنها بمعظمها وحدات سكنية استيطانية، وتأتي استكمالاً لصفقة أخرى سرب فيها ثيوفولس، عام 2009، 71 دونمًا لصالح شركات استيطانية من أراضي دير مار إلياس.
أما الصفقة الحالية وفق برهم، فهي بتسريب 110 دونمات من أراضي دير مار إلياس، ستقام عليها وحدات سكنية استيطانية وحدائق عامة فيها آثار، وستبنى فنادق سياحية من أجل سرقة السياحة والسياح وضرب الاقتصاد السياحي في بيت لحم، وهو ما أعلنه ثيوفولوس قبل نحو 20 يومًا عن تحويل دير مار إلياس إلى فندق ضمن مشروع استيطاني استثماري سياحي سيخنق ويفصل القدس عن بيت لحم. كما أن المشروع الاستيطاني يشكل محاصرة ومنعًا للتوسع في الفضاء والتواصل الجغرافي لبلدات وأحياء في القدس.
وفي رده على أسئلة الصحافيين، قال برهم: "إننا قدمنا دعوى ضد ثيوفولوس لدى النائب العام الفلسطيني تضم 14 تهمة ومخالفة، وقدمنا شهاداتنا، لكن القضية جمدت سنتين، والملف موضوع على الأدراج، وهو بحاجة لتحريك من المستوى السياسي الفلسطيني، وعلى النائب العام الفلسطيني إما رفض الملف أو إكماله، لكن القرار ليس بيد القضاء الفلسطيني وإنما المستوى السياسي الفلسطيني".
عضو المجلس المركزي للطائفة الأرثوذوكسية عدي بجالي أوضح، خلال المؤتمر الصحافي، أن أراضي البطريركية في تل الطبالية في دير مار إلياس في شمال بيت لحم، وبعد فحص الخرائط الخاصة بها، تبين أنها تقع ضمن الاستهداف الاستيطاني، وفوجئنا بوجود عمليات صفقة تسريب جديدة للأراضي لشركات استيطانية بقيمة 125 مليون شيقل (عملة إسرائيلية) وسجلت الصفقة في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2020.
وتشمل الصفقة الجديدة، وفق بجالي، اتفاقية لبناء وحدات سكنية يكون للبطريركية منها 150 وحدة، والتي ستقام على 110 دونمات في دير مار إلياس، لتضاف إلى الصفقة القديمة عام 2009، بتسريب 71 دونماً، والتي تأتي ضمن مخطط الاحتلال في سياق تطوير القدس الكبرى، من أجل حصار بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور.
وأكد بجالي أن البطريركية هدفها التصفية الكاملة لكافة العقارات التاريخية الموجودة، وما يجري هو تهويد وبيع وتصفية لكامل العقارات، مشيرا إلى أن الأراضي المستهدفة بالاستيطان وتمت تصفيتها بين القدس وبيت لحم، سواء تغاضت عنها البطريركية أو تمت بموافقتها أو تسريبها، تصل إلى نحو 400 دونم.
صفقة التسريب الجديدة التي قام بها ثيوفولوس، وكشف عنها الحراك الوطني الأرثوذوكسي اليوم الثلاثاء، دفعت الحراك للمطالبة بفتح تحقيق فوري مع البطريريك ثيوفولوس والمجمع المقدس ومعاونيه ومستشاريه على مختلف مسمياتهم القانونية والمالية، ومطالبة النائب العام الفلسطيني بالإسراع بإحالة الملف المتعلق بقضية البطريرك إلى المحكمة المختصة، بعد أن تم تسليم الملف بالكامل من الحراك الوطني، بما يشمله من مستندات ووثائق.
هذه المطالب ومطالب أخرى تلتها الناشطة في حراك "مجموعة الحقيقة الأرثوذوكسية" نيفين أبو رحمون، خلال المؤتمر الصحافي، وأكدت مطالبة الحكومة الفلسطينية بعقد جلسة رسمية للمجلس المختلط واعتباره مجلسا قانونيا بكامل الصلاحية، ومنحه كافة الصلاحيات لمزاولة مهامه القانونية، ما يتطلب من الجهات الرسمية الفلسطينية إمداده بكافة المعطيات والخطوات الرسمية وتسهيل تنفيذ مهامه.
ويطالب الحراك أيضًا وضع إشارات تحذيرية على مكان العقارات الواقعة تحت سيطرة دولة فلسطين، ومطالبة دائرة الأوقاف في القدس بكشف وتسليم الأوقاف الأرثوذوكسية التي أوقفت أو تم تسجليها في المحاكم الشرعية في فلسطين التاريخية، خاصة في محكمة القدس، وكذلك طالب الحراك باعتبار كافة الكهنة موظفي دولة ويتقاضون رواتبهم الشهرية منها.
كما طالب الحراك بإعادة تشكيل اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين، بما يكفل تمثيلها الحقيقي للوجه الوطني المسيحي واتخاذ القرارات فيها بشكل جماعي وديمقراطي بعيدا عن الإقصاء والتفرد، وكذا الإيعاز إلى الجهات المختصة بإزالة كافة التعديات بأي شكل كان على الأملاك والأوقاف الأرثوذوكسية المسجلة تحت مختلف المسميات.
ودعا الحراك إلى عدم "استقبال الخائن"، في إشارة إلى ثيوفولوس، في أي موقع كان، ومقاطعته تأكيدا على الموقف الوطني الأرثوذوكسي، فيما طالب الحراك بترتيب اجتماع سريع تتولاه وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية مع كافة السفراء والقناصل في فلسطين، بحضور ممثلين عن المجلس المركزي الأرثوذوكسي، لوضعهم بصورة "ممارسات البطريركية الفاسدة".