سلطت العملية العسكرية التي نفذها الجيش المغربي، في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، بالمنطقة العازلة بالكركرات، الضوء مجددا على منطقة تتجه نحو المزيد من التوتر جراء الجمود الذي يطبع ملف نزاع الصحراء بين المغرب وجبهة "البوليساريو" منذ استقالة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كوهلر، في مايو/ أيار 2019.
وعلى امتداد السنوات الماضية شكل المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا أبرز التحديات التي واجهت المنتظم الدولي في مسعاه لحل نزاع الصحراء، والوضع الإقليمي في شمال أفريقيا بوجه عام، لما عرفه من تصعيد عسكري وتوتر سياسي بلغ أقصى مستوياته في ظل سعي "البوليساريو" إلى فرض وقائع ميدانية جديدة تخالف ما ظل سائدا منذ بدء سريان وقف إطلاق النار عام 1991.
ويعتبر معبر الكركرات، الواقع على بعد 11 كيلو مترا من الحدود مع موريتانيا وعلى بعد 5 كيلو مترات من المحيط الأطلسي، منطقة منزوعة السلاح بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في 6 سبتمبر/ أيلول 1991 الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي يعتبر الجدار الذي شيده المغرب في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي خطاً لوقف إطلاق النار، حيث تنتشر القوات الأممية "المينورسو" لمراقبة تنفيذه.
وتعرف منطقة الكركرات في الأوساط الشعبية بـ قندهار"، نظرا لحالة الفراغ التي تعيشها وازدهار عمليات التهريب فيها.
وتحوّل معبر الكركرات الحدودي إلى نقطة توتّر منذ صيف عام 2016، حينما بادر المغرب إلى إطلاق حملة تمشيط للمعبر الحدودي الرابط بينه وبين موريتانيا، مستهدفاً شبكات التهريب والاتجار غير المشروع، حيث حجزت السلطات المغربية حينها ما يربو على 600 عربة غير قانونية، وهو ما ردّت عليه جبهة "البوليساريو" بإيفاد مجموعة من مسلحيها إلى المعبر، مسبّبة حالة من التوتّر الإقليمي والدولي.
وبعد شهور طويلة من التوتّر، الذي خيّم على المنطقة، انتهت الأزمة من الجانب المغربي في شهر فبراير/ شباط 2017، إذ استجابت المملكة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بسحب قواتها التي دفعت بها نحو المنطقة لمواجهة مسلحي "البوليساريو" الذين أتوا إليها من معسكراتهم الواقعة إلى الشمال.
لكن الجبهة الانفصالية رفضت الامتثال لذلك الطلب، وبقيت في محيط المعبر الحدودي إلى أن اقترب موعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي في نهاية إبريل/ نيسان 2017، إذ نفّذت انسحاباً جنّبها إدانة رسمية من طرف المجلس.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي عادت المنطقة لتشتعل بعدما عمد بعض المنتمين إلى "البوليساريو" إلى دخول هذه النقطة الحدودية التي تعتبر المنفذ البري الوحيد للمغرب مع موريتانيا، واعتصموا فيها، ما تسبّب في إغلاقها، وذلك بالتزامن مع وصول المشاركين في سباق "أفريقيا إيكو ريس" للسيارات إلى هذه النقطة الساخنة في الصحراء، قبل أن تضطر الجبهة إلى الانسحاب بعد تدخل الأمم المتحدة.
ورغم هذه الانسحابات، إلا أن المعبر بقي نقطة توتّر، خاصة من جانب جبهة "البوليساريو" التي تلوّح بتهديده كلما واجه ملف الصحراء أزمة جديدة.