تطورات الأزمة العراقية: الكاظمي يقطع زيارته إلى مصر عائداً لبغداد و"الإطار التنسيقي" يدعو للجهوزية التامة

23 اغسطس 2022
أزمة تشكيل الحكومة العراقية تراوح مكانها (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

دفعت الأحداث المتسارعة في العراق، اليوم الثلاثاء، والمتمثلة بتعليق عمل المؤسسة القضائية إثر اعتصام أنصار "التيار الصدري" أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء في قلب العاصمة بغداد، رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إلى قطع زيارته الحالية إلى مصر، والعودة إلى البلاد، محذراً من تعطيل عمل القضاء.

وبدأ أنصار "التيار الصدري" اليوم مرحلة جديدة من التصعيد باعتصاماتهم أمام مبنى القضاء، مطالبين بحل مجلس النواب وعدم تسيس المؤسسة القضائية وإصلاح القضاء.

الكاظمي الذي يشارك منذ الأمس في أعمال القمة الخماسية بمصر قطع زيارته عائداً إلى بغداد. وقال بيان لمكتبه: "الكاظمي عد تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية"، مؤكداً أن "حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب".

ودعا "جميع القوى السياسية إلى التهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني للخروج بالبلد من أزمته الحالية"، مطالباً بـ"اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة".

وعقب ساعة من اعتصامات الصدريين، أعلن مجلس القضاء الأعلى تعليق عمله والمحاكم التابعة له، والمحكمة الاتحادية العليا، احتجاجاً على التصرفات غير الدستورية، محمّلاً الحكومة و"التيار الصدري" مسؤولية النتائج المترتبة عن ذلك، مؤكدا أنه تلقى رسائل تهديد للضغط على المحكمة.

من جهته، أعرب رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، عن أسفه لما وصل إليه الوضع في البلد. وقال في تغريدة له: "اشتركنا في انتخابات نهاية العام الماضي بعد احتجاجات شعبية طالبت بتغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، كان بهدف إصلاح الأوضاع، وإعطاء مساحة للقوى الناشئة في المشاركة السياسية، وأن تأخذ دورها في صناعة القرار السياسي داخل مجلس النواب، وإضافة استقرار للعمل السياسي، وإجراء إصلاحات حقيقية عبر المؤسسات الدستورية"، معرباً عن أسفه "لما وصلنا إليه اليوم من تراجع أكثر مِمَّا كنَّا عليه سابقاً، من خلال تعطيل المؤسسات الدستورية".

وأشار إلى أن "مجلس نواب معطل، مجلس قضاء معطل، حكومة تسيير أعمال"، مضيفاً "يجب أن نحتكم جميعاً إلى الدستور، وأن نكون على قدر المسؤولية لنخرج البلد من هذه الأزمة الخانقة التي تتجه نحو غياب الشرعية، وقد تؤدي إلى عدم اعتراف دولي بكامل العملية السياسية وهيكلية الدولة ومخرجاتها".

وتابع قائلاً "ندعم التظاهرات وفق السياقات القانونية والدستورية، وبما يحفظ الدولة ومؤسساتها ويحمي وجودها، ولكن لا ينبغي أن تكون خصومتنا مع القضاء الذي نحتكم إليه جميعاً إذا اختصمنا".

في الأثناء، أعلن مجلس القضاء الأعلى، عقب قراره بتعليق عمله، المباشرة بإجراءات جمع الأدلة عن تهديد المحكمة الاتحادية. وقال المجلس في بيان إن "محكمة تحقيق الكرخ الأولى باشرت بإجراءات جمع الأدلة عن جريمة تهديد المحكمة الاتحادية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق الفاعلين".

مقابل ذلك، صعد تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، من خطابة، داعياً الشعب العراقي إلى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة ضد "مختطفي الدولة" لاستعادة هيبتها وسلطانها، في إشارة إلى احتجاجات أنصار "التيار الصدري" واعتصاماتهم. وقال في بيان "ندين التجاوز الخطير على المؤسسة القضائية وتهديدات التصفية الجسدية بحق رئيس المحكمة الدستورية، ويجب على القوى السياسية الوطنية المحترمة وكذلك الفعاليات المجتمعية عدم السكوت بل المبادرة الى إدانة هذا التعدي".

وشدد "نرفض استقبال أي رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر، إلا بعد أن يعلن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية، والعودة إلى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديموقراطية"، محملاً الحكومة "كامل المسؤولية للحفاظ على ممتلكات الدولة وأرواح الموظفين والمسؤولين خصوصاً السلطة القضائية، التي تعتبر الصمام الوحيد الذي بقي للعراق نتيجة تسلط قوى خارجة عن الدولة على المؤسسات وفرض إرادتها خارج سلطان الدولة".

كما دعا "الشعب العراقي بكامل شرائحه الى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة التي يجب أن يقول الشعب فيها قوله ضد مختطفي الدولة لاستعادة هيبتها وسلطانها"، مطالباً المجتمع الدولي بـ"بيان موقفه الواضح أمام هذا التعدي الخطير على المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها السلطة القضائية والمؤسسة التشريعية".

وكان زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، الذي يعتصم أنصاره داخل المنطقة الخضراء في بغداد للأسبوع الرابع على التوالي، قد أعلن، عقب قرار المحكمة تأجيل البتّ بطلب حلّ البرلمان حتى نهاية الشهر الحالي، أنّ لديه خيارات أخرى، رافضاً، السبت الماضي، أي حوار سري مع "الإطار التنسيقي".

ويواجه القضاء العراقي اتهامات أحياناً وتشكيكاً في حيادية قراراته، وأنها تأتي متقاربة مع رؤية تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران، ما دفع الصدر أخيراً إلى اعتماد لغة تصعيدية إزاء السلطة القضائية، مؤكداً بعد طلبه حل البرلمان أن القضاء "على المحك"، معرباً عن أمله أن يراعي القضاء مصلحة الشعب، وألا يهاب الضغوطات التي تمارس عليه، وملوحاً بالتصعيد بخلاف ذلك.

المساهمون