قبل ثلاثة أيام من انتهاء فترة تسجيل التحالفات السياسية وأسماء المرشحين للانتخابات المبكرة المرتقبة في العراق، أعلن تيار "المرحلة"، وهو كيان سياسي جديد شكّلته مجموعة من الناشطين السياسيين والصحافيين المقربين من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، تجميد أعماله، وعدم خوضه تجربة الانتخابات المرتقبة، والمقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
ونقلت وسائل إعلام محلية، عن القيادي في تيار "المرحلة"، عبد الرحمن الجبوري، اليوم الثلاثاء، قوله إن "التيار ينسحب من السباق الانتخابي المقبل"، مبيناً أنه "تمَّ تجميد التيار (المرحلة) كتنظيم وعمل سياسي وأداة تغيير مجتمعي". وأضاف الجبوري: "نتطلع إلى دور قوي وفعّال في دعم وإسناد الشخصيات المستقلة والتيارات الوطنية المشاركة في الانتخابات"، وأن "عملنا التنظيمي مستمر، لكن ضيق الوقت وعدم توافقنا على الائتلافات حالا دون المشاركة".
لكن مصدراً مقرباً من الكاظمي، وعضواً فعّالاً في التيار، أكد أن تيار "المرحلة" توقف تماماً، وقد لا يعود إلى العمل مطلقاً، على الرغم من استكماله جميع الإجراءات المرتبطة بتسجيله في مفوضية الانتخابات، وعمله "على التنسيق مع جماهيره الجدد في محافظات البلاد، وتحديداً بغداد وبعض مدن الجنوب"، معللاً ذلك بـ"ثلاثة أسباب".
مصدر مقرب من الكاظمي: تيار "المرحلة" توقف تماماً، وقد لا يعود إلى العمل مطلقاً
وشرح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "السبب الأول لتجميد التيار، يعود إلى الخلافات السياسية الحادة وتضارب وجهات النظر بين قادة التيار أنفسهم". أما السبب الثاني فـ"مرتبط بالدعم المالي للتيار، حيث لا يملك الكاظمي المصادر المالية الكافية لتمويل التيار الذي يحتاج خلال الفترات المقبلة إلى دعاية وإعلام وتنظيم إضافي وطرق مبتكرة لكسب الأصوات"، بحسب المصدر الذي أشار أيضاً إلى "رفض الكاظمي أموالاً عرضت عليه من قبل قوى سياسية وتجار، في سبيل دعمه".
وشرح المصدر أن السبب الثالث وراء تجميد عمل تيار "المرحلة"، هو أن "شخصيات سياسية وزعماء أحزاب طلبوا من الكاظمي إلغاء عمل التيار، ونصحوه بعدم التوغل في العمل السياسي، كي يبقى الأخير مرشح التسوية في الحكومة المقبلة، كما أن بإمكانه البقاء مديراً لجهاز الاستخبارات في السنوات المقبلة، كشخصية مستقلة". وفي هذا الصدد، أوضح المصدر أن "من أبرز الشخصيات التي دعت الكاظمي إلى ترك العمل السياسي، هم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس تحالف النصر، (رئيس الحكومة الأسبق) حيدر العبادي، إضافة إلى رئيس تيار الحكمة، عمّار الحكيم".
قبل ذلك، نقل موقع "ناس"، المقرب من الكاظمي، عن مصدر سياسي، نيّة رئيس الحكومة عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المبكرة. وذكر المصدر أن "الكاظمي لن يشارك في الانتخابات المقبلة، كما لن يشارك أيّ من أعضاء فريقه والمقربين منه تحت أي مسمى أو عنوان أو حزب، ولن يدعموا أي حزب أو طرف أو جهة سياسية على حساب الأحزاب الأخرى"، مبيناً أن "الكاظمي وفريقه نذروا أنفسهم لخدمة شعب العراق في مرحلة انتقالية صعبة، ودورهم هو الوصول بالبلد إلى برّ الأمان وحمايته من المغامرات السياسية والأمنية والتحديات الاقتصادية والصحية، وصولاً إلى انتخابات نزيهة مبكرة تكون فيها الحكومة راعيةً لمصالح الجميع، لا منافساً سياسياً".
ورأى المصدر السياسي المقرب من الكاظمي أن "الحكومة الحالية نتاج لأزمة اجتماعية، وهي ليست منافساً انتخابياً، وأن رئيس الوزراء سيكون أميناً دائماً لمطالب الشعب، بإجراء انتخابات حرّة نزيهة وعادلة تعيد الأمور الى نصابها، بما يستحقه شعبنا وبما يرضاه". وبيَّن أن "الحوارات التي أجراها الفريق الحكومي مع الفرقاء السياسيين، كانت تستهدف تقريب وجهات النظر بين المختلفين، بهدف تهدئة الأجواء وضمان الأمن الانتخابي".
وفي تأكيد على المعلومات الواردة من مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بشأن عدم ترشحه، نقلت وكالة الأنباء العراقية مقتطفات من حديث الكاظمي على هامش اجتماع مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء، جاء فيها قوله إن "الحكومة الحالية هي حكومة خدمات، ولا تسعى للتنافس الانتخابي لتحقيق أهداف سياسية، وعلى الوزراء أن يتذكروا أنهم جاؤوا لأسباب خدماتية، وليس لأهداف سياسية"، مضيفاً أنه "ينبغي على الوزراء عدم استغلال وزاراتهم للانتخابات". وقال الكاظمي: "أرفض رفضاً قاطعاً أي استغلال لإمكانيات الدولة من قبل المرشحين للانتخابات، ولن أسمح بأن تتحول المواقع الوزارية إلى ماكينات انتخابية".
نصحت شخصيات سياسية وزعماء أحزاب الكاظمي بعدم التوغل في العمل السياسي
من جهته، وجد المتظاهر والناشط السياسي، أيهم رشاد، أن "الانسحاب كان متوقعاً لتيار المرحلة، لأن غالبية القياديين فيه، باتوا من الشخصيات المختلف عليهم في ساحات التظاهر والأوساط المدنية، إذ كانوا من أشدّ الداعمين للتظاهرات، لكنهم اصطفوا مع السلطة عقب حصولهم على مناصب ومواقع استشارية في حكومة الكاظمي". وأوضح رشاد، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "تيار المرحلة واجه خلال الأسابيع الماضية مشكلة في الأسماء التي أراد طرحها للترشيح في الانتخابات المقبلة، كما أنه يُتهم بتوظيف موارد الدولة خلال مرحلة تسجيله لدى مفوضية الانتخابات".
بدوره، رأى الباحث والمحلل السياسي عبد الله الركابي، أن إيقاف عمل تيار "المرحلة" بهذه السرعة، يعني أن المشروع لم يكن سياسياً، بل هو جسم انتخابي، وليس أكثر من ذلك، كما أنه يعتمد على الرمز المتمثل بمصطفى الكاظمي، ولذلك ما أن أعلن الأخير عن انسحابه من السباق الانتخابي، حتى فشل المشروع"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الكاظمي يعلم أن حظوظ تياره السياسي غير موفقة، وأنه لو استمر لن يحصل سوى على مقعد أو مقعدين في البرلمان العراقي، وبالتالي فقد اختار عدم دعم الكيانات الخاسرة".
وتستعد مفوضية الانتخابات العراقية، مطلع شهر مايو/أيار المقبل، إلى غلق أبواب تسجيل التحالفات وقوائم المرشحين. وذكر مجلس المفوضين، في بيان، أن "موعد إجراء انتخاب مجلس النواب العراقي في 10 أكتوبر 2021، هو حتمي ولا تراجع عنه"، داعياً "التحالفات السياسية والأحزاب والمرشحين، إلى الاستفادة مما تبقى من الفترة المتاحة لاستقبال تسجيل التحالفات السياسية وقوائم المرشحين في موعدها الأخير" أي في الأول من مايو المقبل.
وتيّار "المرحلة" هو كيان سياسي ولد عقب خفوت الاحتجاجات الشعبية في العراق، والتي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وتصدر مصطفى الكاظمي الذي كان يشغل منصب مدير جهاز الاستخبارات العراقية، لرئاسة الحكومة، عقب استقالة عادل عبد المهدي. ويصف تيار "المرحلة" نفسه بأنه انبثق من ساحات الاحتجاج في عموم المحافظات العراقية. وفي فبراير/ شباط الماضي، حصل "المرحلة" على إجازة للعمل السياسي من مفوضية الانتخابات العراقية.