رفضت ما تُسمى "المقاومة الإسلامية في العراق"، التي تضمّ عدداً من الفصائل المسلحة المقربة من طهران، إيقاف هجماتها على الوجود الأميركي في البلاد، على الرغم من المفاوضات التي تعتزم بغداد وواشنطن إجراءها لوضع جدول زمني لإنهاء عمل التحالف الدولي.
وكانت الخارجية العراقية قد أعلنت أمس الأول الخميس، التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، يقضي بتشكيل لجنة من أجل تقييم تهديد "داعش" الإرهابي وخطره بهدف صياغة جدول زمني محدد لمدة وجود التحالف الدولي في العراق، والمباشرة بخفض تدريجي مدروس على الأراضي العراقية، وصولاً إلى إنهاء المهمة العسكرية للتحالف ضد "داعش".
ووفقاً لبيان لفصائل المقاومة، صدر مساء أمس الجمعة، فإن "دعوات المقاومة الإسلامية وقرار مجلس النواب والتأييد الشعبي لإخراج القوات الأجنبية، هذه كلها لم تجد طريقاً إلى التنفيذ منذ سنوات بسبب التحايل الأميركي لتنفيذ أجندته الخبيثة في العراق والمنطقة، وأما الإذعان الأميركي لطلب الحكومة العراقية بتشكيل لجنة لترتيب وضع قواتهم، فما كان ليكون لولا ضربات المقاومة، وبركات دماء الشهداء، وهذا يثبت أن الأميركي لا يفهم غير لغة القوة".
وأضافت أنه "لم نعهد من العدو الأميركي المجرم، وبحسب ما خبرناه طيلة سنوات المنازلة، إلا الغدر والطغيان، وما هذه المحاولة إلا لخلط الأوراق، وقلب الطاولة على المقاومة، وكسب الوقت، لتنفيذ المزيد من الجرائم والمخططات الشيطانية لإيذاء شعبنا وأمتنا"، مؤكداً أنّ "رد المقاومة الإسلامية على هذا الادّعاء، هو الاستمرار بالعمليات الجهادية ضد الوجود الأجنبي، ويُفضل أن لا يكون الحوار بشأن هذا الانسحاب المزعوم حتى تتبين حقيقة نياتهم ومدى جدية التزامهم بإخراج قواتهم الغازية من العراق، ومغادرة طيرانهم المسُيّر والحربي وغيره أجواء البلاد بالكامل، وتسليم قيادة العمليات المشتركة للجانب العراقي".
وشددت على أنه "في الوقت الذي نعرب عن تقديرنا لمواقف الإخوة الرافضين للهيمنة الأجنبية، نحذر من مغبة منح الحصانة لأي قوة أجنبية وبأي ذريعة كانت، فضلاً عن أي التزام من جانب الحكومة أو أجهزتها الأمنية لحماية هؤلاء الغزاة القتلة، فلو وقع هذا، فهو خيانة تاريخية للعراق ودماء شهدائه".
إلى ذلك، قال مسؤول في الحكومة العراقية، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أجرى اتصالات مهمة أمس الجمعة بممثلين عن عدد من الفصائل المسلحة من أجل إيقاف العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية، وإعطاء مجال للحكومة لإخراجها بعد بدء الحوار بذلك مع الجانب الأميركي".
وأكد أن "محاولة السوداني قوبلت بالرفض من أغلب تلك الفصائل، واعتبروا أن عملياتهم مرتبطة بالحرب على غزة، وليس بملف العراق فقط، بينما حذّر السوداني الفصائل من مخاطر استمرار الضربات الأميركية على العراق، لما يؤثر في مجمل الأوضاع وخطورة تحويل الضربات الأميركية إلى عملية اغتيال ضد قيادات فصائلية، مع صعوبة منع الأميركان من عمليات الرد على الفصائل".
وأضاف أن "رئيس الوزراء طلب من بعض قادة الإطار التنسيقي التدخل والضغط على تلك الفصائل لإيقاف العمليات خلال المرحلة، ومنع تحويل العراق إلى ساحة اقتتال عسكرية ما بين الطرفين".
من جهته، قال المتحدث باسم جماعة "كتائب سيد الشهداء" كاظم الفرطوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل المقاومة ستبقى مستمرة في عملياتها ضد الأميركان لحين خروج آخر جندي أميركي من الأراضي العراقية كافة"، مشدداً على أنه "ليست هناك أي هدنة مع القوات المحتلة، ونرفض أي هدنة تحت أي حجة وذريعة كانت".
وأضاف أن "فصائل المقاومة أعطت وقتاً كافياً في الأشهر الماضية للحكومة من أجل العمل على إخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية كافة، وأن الحوار مع الأميركان ليس بجديد، فالحكومات السابقة عملت على ذلك، وكان هناك زيادة لعدد القوات، وليس إخراجها"، مؤكداً أن "الجانب الأميركي يريد من هذا الحوار التسويف والمماطلة بإخراج القوات المحتلة، لأجل تعزيز هذا الوجود والبقاء لفترة أطول بحجة الحوار واللجان، ولهذا فإن الفصائل ستبقى تضغط بعملياتها العسكرية، ولا توجد أي نية لإيقاف تلك العمليات لحين تحرير العراق بالكامل من القوات الأجنبية".
مقابل ذلك، قال الباحث في الشأن الأمني، أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "بدء الحوار بين بغداد وواشنطن بشأن الوجود الأجنبي وعمل التحالف الدولي، لا يعني أن القوات الأميركية ستخرج في فترة قصيرة كما يريد أن يروّج البعض لذلك، لتحقيق إنجازات إعلامية ليس إلا"، مبيناً أن "الحوار ما بين العراق والولايات المتحدة الأميركية قد يطول إلى سنة أو أكثر من ذلك، لكن بحسب كل المواقف الأميركية، فإن واشنطن لا تنوي سحب قواتها من العراق، كما أن هناك أطرافاً سياسية مع هذا البقاء لضمان استقرار العملية السياسية، وهناك قوى سياسية عراقية تعتبر هذا البقاء ضماناً لاستقرار العراق وتطوير علاقاته الخارجية".
وأضاف الشريفي أن "الموقف الأمني والعسكري يؤكد حاجة العراق إلى التحالف الدولي بقضايا التدريب والاستشارة وتطوير القدرات، ونتوقع أن عمل التحالف سيبقى مستمراً لفترة أطول في المرحلة المقبلة، ولا نعتقد أن الحوار العراقي الأميركي الأخير سينتج منه أي جديد بشأن الوجود الأجنبي، خصوصاً أن حكومة مصطفى الكاظمي السابقة أجرت أكثر من ثلاث جولات حوار، لكن لا شيء حقيقياً بهذه الجولات الحوارية التي عُقدت في العاصمة بغداد، وكذلك واشنطن".
واختارت فصائل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"سيد الشهداء"، والأوفياء"، و"الإمام علي"، الانضواء في جبهة واحدة، أطلقت عليها يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي "المقاومة الإسلامية في العراق"، وتبنت إلى غاية الآن أكثر من 120 عملية ضد الوجود الأميركي في العراق والأراضي السورية المجاورة.