الغنوشي يمثل أمام التحقيق في قضية جمعية "نماء": تهمٌ باطلة

19 يوليو 2022
حضر عدد من أنصار الغنوشي تضامناً معه (العربي الجديد)
+ الخط -

يمثل رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، أمام قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس العاصمة، في قضية جمعية "نماء"، وسط تعزيزات أمنية كبيرة، وحضور لعدد من أنصار الغنوشي رفعوا شعار "يسقط الانقلاب"، و"قضاء مستقل".

ووضع الغنوشي هذه ‏التهم اليوم، في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي ‏المطلق، واصفاً إياها بالباطلة والكيدية.

وفي كلمة مكتوبة للرأي العام، قال الغنوشي: "أحضر اليوم هنا للمثول أمام القضاء التونسي احتراماً له، ودعماً لوجود سلطة قضائية ‏مستقلة - لا وظيفة كما يريد لها من يستنقص دورها وموقعها - وأحضر أيضاً انتصاراً ‏لنضال القضاة الشرفاء، من أجل استقلال القضاء، واحترام هياكله، ورفض كل مساعي ‏الضغط عليه، وتوظيفه، ومعاقبة القضاة بعزلهم أو تشويههم. وكل هذا مع الأسف يحصل ‏اليوم من السيد قيس (سعيّد)، ووزارته، وأنصاره المنفلتين".‏

‏وتابع الغنوشي: "منذ انقلاب 25 يوليو، وهم يتربصون بي، ويعملون على تشويهي وعائلتي، وتلفيق ‏التهم الباطلة لي، تُهَمٌ كيدية لا أساس لها من الصحة في الحقيقة والواقع، وتندرج هذه ‏التهم اليوم في إطار تمرير مشروع دستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي ‏المطلق، وضرب قيم الجمهورية ومكاسبها، ومزيد من الزج بالبلاد في أزمة شاملة وعميقة ‏وعزلة في العالم".‏

‏وأشار الغنوشي إلى أن "المحاولات تستمرّ وتتنوع الأساليب لاستهداف حركة النهضة ورموزها، في محاولات ‏دؤوبة لا تفتر لربطها بالإرهاب والتآمر على البلاد، ولتحولها من حالة سياسية يتعاطى ‏معها بالديمقراطية، إلى ملف أمني وقضائي. وهذه اليوم إحداها".

‏وذكّر الغنوشي بأنه "حوكم بتهم سياسية، وسجن في عهدي بورقيبة وبن علي، وحُكم عليه بالإعدام من ‏أجل قيادته لحزب سياسي رفضوا الاعتراف بحقه في الوجود، وأصروا على اعتباره ‏وغيره من الأحزاب قضية أمنية، لا قضية سياسية كما هي الحقيقة".

‏وعبّر رئيس حركة النهضة عن خشيته على تونس ومكاسبها، وعلى حقوق المواطن السياسية الاقتصادية ‏والاجتماعية فيها، قائلاً في المقابل: "‏لا أخشى ما يبيتونه لي، كما لا أخشى على حركة النهضة ما دامت تدافع عن قضايا ‏وطنية صحيحة ومنحازة للقيم، والحرية، والديمقراطية، والإسلام المعتدل، ومصالح البلاد، ‏وما دامت تسعى للتجدد والإصلاح والتطوير".

محاكمة سياسية

وأكدت النائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب المنحل سميرة الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المحاكمة سياسية، وهم هنا لمساندة رئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي"، مبينة أن "سلطة الانقلاب تواصل تمسكها بهذا النهج، وتستهدف القيادات السياسية كما استهدفت العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، والنائب الثاني للحركة نور الدين البحيري، وتبين فيما بعد أنها قضايا واهية".

وأوضحت أن "المحاكمة والاستماع اليوم للغنوشي يندرجان في إطار المحاكمات السياسية، والتهم واهية".

الصورة
وقفة تضامنية مغ الغنوشي في تونس-العربي الجديد

"تغطية على الفشل"

بدوره، قال البحيري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس حركة النّهضة ليس فوق القانون، ولكن الانقلاب الذي فشل في توفير أبسط ضروريات التونسيين وسلطة الانقلاب التي تستعد لاستفتاء مدلس ومعلوم النتائج مهما كان التصويت، لا حل لها سوى التغطية على الفشل"، مؤكداً أن "هذه السلطة الفاشلة لا حل لها سوى إلهاء الشعب".

وبيّن البحيري أن "الغنوشي حضر للتحقيق، وسيمثل للقانون، وسيدافع عن نفسه، وليس لديه ما يخشاه"، مشيراً إلى أن قائمة التهم طويلة وكبيرة، وهي مجرد محاولة للتغطية على الفشل، وهو يأمل أن يكون لسلطة الانقلاب ولوزيرة العدل الشجاعة للمثول أمام القانون إذا دعيا لذلك، معتبراً أنه ليس هناك أثقل من التهم الموجهة لهم، من اختطاف قسري ومحاولة اغتيال (يقصد توقيفه هو شخصياً)".

ويرى القيادي في حركة النّهضة محمد القوماني، أن "دعوة الغنوشي للتحقيق أمام قطب مكافحة الإرهاب لا يفهم منها سوى أنها عملية سياسية لتوظيف القضاء ضد الخصوم السياسيين"، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الغنوشي، الذي قضى حياته يدافع عن السلم والمدنية، وشارك خلال العشرية الأخيرة في إرساء ثقافة التعايش، يقاد اليوم أمام قطب مكافحة الإرهاب في صورة سيئة للأجيال المقبلة، والمجتمع التونسي وللخارج". وأضاف أن "الغنوشي لا علاقة له بهذه القضايا، وهو ليس عضواً في جمعية نماء، وهم يتوقعون إطلاق سراحه مثلما تم إطلاق سراح الذين تم التحقيق معهم كحمادي الجبالي".

من جهته، أكد القيادي في حركة النّهضة بلقاسم حسن في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الانقلاب يريد أن يسجّل بطولة أمام أنصاره، ومن تخلوا عنه، لأنهم كانوا ينتظرون منه إزاحة النهضة"، مؤكداً أن "الانقلاب لا أمان له".

وبيّن أن "المنقلب يحاول الظهور بمظهر البطل الذي لا يقف أمامه أحد، ولكن الديمقراطية أمامه، وهو سيكون مجرد قوس وينتهي"، مؤكداً أن "أنصار الغنوشي جاؤوا من كل مكان، وهم اليوم يساندون قائدهم ".

تقارير عربية
التحديثات الحية

يذكر أن دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس قررت يوم الخميس 14 يوليو/تموز الحالي، إرجاع ملف القضية التحقيقية المتعلقة بجمعية "نماء تونس" إلى قاضي التحقيق لاستكمال التحقيقات، ومن بينها استنطاق رئيس حركة النهضة المشمول بالأبحاث في هذا الملف.

ويأتي هذا القرار وفق ما صرح به عضو هيئة الدفاع في ما يعرف بقضية جمعية "نماء تونس" المحامي مختار الجماعي، بعد رفض دائرة الاتهام لطعن النيابة العمومية شكلاً، واستئناف قرارها بالإبقاء على جميع المتهمين، وعددهم سبعة، بحالة سراح.

وكان الغنوشي قال أمس الإثنين، في حوار مع "العربي الجديد " إنه يتوقع كل شيء من الدكتاتورية، بما في ذلك إيقافه اليوم.

و"نماء" هي جمعية تنموية غير ربحية، تأسست منذ 15 مارس/ آذار 2011 في تونس، بحسب وثيقة تأسيسها، و"مهامها استقطاب المستثمرين والخبراء من الداخل والخارج"، ووُجهت إليها اتهامات من قبل القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بشأن "شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".