قال رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، إن "الرئيس سعيد بانقلاب 25 جويلية (يوليو/تموز) أفقد تونس رصيدها من الثورة وسمعتها في الخارج"، لافتاً إلى أن استعادة هذا الرصيد تحتاج "نضالاً كبيراً (...) وما قيام جبهة الإنقاذ إلا من أجل إعادة هذا الرصيد الذي أفقده الانقلاب".
وعقد الغنوشي اجتماعاً في مقر حركته، إحياءً "للذكرى الحادية والثلاثين لاستشهاد أبناء الحركة الطلابية على يد نظام بن علي يوم 8 مايو (أيار) 1991".
وقال الغنوشي: "تونس عائدة إلى الدستور والحرية، وما يميز تونس أنه مازالت فيها روح الحرية مادمتم على نهج الشهداء".
وتابع "الانقلاب لن يكون سوى مرحلة تعيسة وسوداء وسينساها التونسيون، فبورقيبة وبن علي لم يكن استبدادهما بحجم الانقلاب، فقد كان هناك برلمان رغم أنه صوري".
وأضاف الغنوشي، أن "التهديدات التي يوجهها جماعة الحشد (أنصار الرئيس سعيد) للنهضة متوعدين بنهايتها، فإن النهضة باقية، ولكن نحن لا نبشّر بموت خصومنا، بل نبشر بحياة كريمة للناس جميعا، والديمقراطية والحرية والعدالة التي ننادي بها تسع الجميع".
وتساءل الغنوشي: "يتحدثون عن محاسبة النهضة، فهل سيحاسبونها على شهدائها أو على محافظتها على الحرية والاستقرار طيلة 10 سنوات، نحن لم نقم بمحاكمات جماعية ولم نحل البرلمان أو الحكومة أو ملاحقة الصحافيين أو منع حزب أو جريدة".
واستدرك الغنوشي "نحن لا نخشى القضاء، بل هم من يخشونه، لذلك قاموا بانقلاب، انقلبوا على القضاء وعلى الحكومة وعلى المجلس، لأنهم يريدون أن يحكموا وحدهم".
وذكر أن "جماعة الحشد بعد كل الأموال والتحشيد لم يستطيعوا جمع عدد كبير، ونحن لا نخشى المنافسة، لأنهم هم من حلّوا المؤسسات وركّعوا الإعلام وأعادوا الإعلام البنفسجي، وهم من أعادونا إلى الوراء إلى عهد بن علي ودستور 1959"، متسائلا "من هم الرجعيون؟ هم قمة الرجعية، وهؤلاء يندرجون في إطار الثورة المضادة".
وأشار رئيس حركة النهضة، "نحن في استقرار منذ الثورة، لولا أصبنا بمصيبة 25 جويلية بسبب التنكر من قبل هؤلاء الذين أصبحوا مختصين في وصف مواطنيهم بأنهم خونة وجرذان وحشرات ومخمورون".
وبين الغنوشي "هؤلاء ظلمة يريدون تونس لهم وحدهم، وحتى الفريق من حوله يتقاتلون والنار تأكل بعضها ونحن ندعو للهدوء".
ولفت إلى أن "تونس اليوم في الظلام، بقي منها قليل من نور الثورة، ونحن نجتمع اليوم في هذا المقر ولا نعلم إن كنا سنجتمع فيه غدا أم لا".
وشدد بالقول "نحن اليوم أحرار، ليس بفضل السيد قيس، بل بفضل الشعب الذي أعطانا الحرية وشهادة الميلاد وانتخبنا أكثر من مرة، فيستطيعون أن ينزعوا منا هذا المقر ولكن لا يستطيعون منع الإيمان بتونس والحرية والعدل والإسلام الصحيح من قلوبنا".
وتوجه لمن ينادون بالمحاسبة بقوله: "تفضلوا فأنتم تحكمون منذ 10 أشهر، وقد سجنتم نور الدين البحيري، وبعد شهرين لم يجدوا أي ملف واضطروا لإطلاق سراحه"، منوها إلى أن "الاستشارة كشفت عن حجم الثورة المضادة المحدود، ووزير الداخلية يمشي خلال تظاهرة الثورة المضادة اليوم" (في إشارة لزيارة وزيرالداخلية توفيق شرف الدين بشارع بورقيبة اليوم خلال مظاهرة أنصار الرئيس).
وقال: "نظام قيس الانقلابي معزول في العالم، وأوضاعنا الاقتصادية في ترد فلم يعرف التونسيون خلال 10 سنوات ما عرفوه خلال هذه الفترة، فقد فشل الانقلاب في كل شيء ولا ينتظر منه خير ولا يرجى من الديكتاتورية خير، ولا ينتظر من الديكتاتور إلا وضع حد له وأن نعود إلى حكم الدستور".
وفي يوليو الماضي، أعلن سعيد تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة واحتكار السلطات في البلاد، ثم وضع لاحقاً روزنامة سياسية بدأت منتصف يناير/كانون الثاني الفائت باستشارة إلكترونية وطنية تنتهي باستفتاء شعبي على الدستور في يوليو/تموز المقبل، على أن تنظم انتخابات تشريعية نهاية العام الحالي.
وتعتبر أحزاب المعارضة ما قام به سعيّد "انقلاباً على الدستور".
وفي فبراير/شباط، حلّ سعيّد أيضاً المجلس الأعلى للقضاء الذي حلت مكانه هيئة مؤقتة اختار أعضاءها، وهو إجراء وصفه منتقدوه بخطوة "استبدادية جديدة" ما أثار مخاوف بشأن استقلال القضاء.
وإضافة إلى المأزق السياسي، تشهد تونس أزمة اجتماعية اقتصادية وتجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي على أمل الحصول على قرض جديد.