أكد وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، اليوم السبت، استمرار أزمة المياه مع إيران، والتي تسببت في جفاف "غير مسبوق" في عدد من المحافظات العراقية، من دون أن يكشف عن أي حلول للأزمة، فيما أشار مسؤولون إلى تراجع الوزارة عن التحرك الدولي للحصول على الحقوق المائية.
وكان الوزير قد لوّح، في يوليو/تموز الماضي، باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران، وفقا لاتفاقيات تقاسم المياه.
وخلال الفترة السابقة، أجرى الوزير ومسؤولون عراقيون، حوارات مع الجانب الإيراني، كان آخرها على هامش زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لطهران، في الـ12 من الشهر الجاري، وقد رفض الجانب الإيراني الطروحات العراقية، والتي من بينها تقاسم الضرر.
وخلال مؤتمر "الأمن المائي" الذي عقد، اليوم السبت، في بغداد، قال الحمداني إن "الوزارة تمكنت من تفعيل مذكرة التفاهم مع تركيا، والتي تم توقيعها في عام 2009 وعدلت عام 2014، وهي تتيح للعراق الحصول على حصة مائية كاملة"، مبينا أن "هناك لجنة مشتركة مع تركيا مقرها في العراق للتنسيق في مسألة المياه".
وأشار إلى استمرار أزمة المياه مع إيران، مؤكدا أن "المياه الواردة من إيران تصل نسبتها إلى 15 بالمائة فقط من حصة العراق". وبين أن "هذه النسبة تؤثر بشكل كبير على محافظة ديالى، لأن تغذية المحافظة يتم بشكل كامل بالاعتماد على المياه الواردة من إيران".
وأضاف أن "أزمة المياه ليست أزمة وزارة، وإنما هي أزمة بلد بشكل كامل، ونأمل أن يستمر الاهتمام بملف المياه لدى الجميع"، مؤكداً أن "هناك إجراءات تنفيذية وبروتوكولاً صوّت عليها مجلس الوزراء من أجل تحديد حصة المياه المالية".
وأشار إلى أن "دول المنبع استغلت الوضع العراقي ما بعد عام 2003، وأنشأت الكثير من المشاريع، خاصة أن أكثر من 90 بالمائة من الموارد المائية منابعها خارج العراق"، معتبرا أن "التطور الكبير والزيادة في النمو السكاني حمّل أعباء إضافية للوزارة بتأمين مياه الشرب والزراعة".
وشدد الحمداني على أن "الأمن والمياه مرتبطان بشكل كبير، وأن التعامل مع ملف المياه حساس جدا، وقد وضعت الوزارة دراسة استراتيجية بالاشتراك مع جميع مؤسسات الدولة ولغاية 2035، إلا أن هذه الدراسة تحتاج إلى أموال كثيرة، والوضع المالي للدولة لا يتحمل ذلك".
من جهته، أكد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، أن العراق "لن يتنازل" عن حقوقه المائية.
وقال الأعرجي، في كلمته خلال المؤتمر ذاته، إن "وزارة الموارد المائية تعمل بشكل جدي من أجل موارد العراق المائية، لأنها تدخل في جميع شؤونه الحياتية"، مؤكدا أنه "لا يمكن التنازل عن حقوق الشعب، وأن المطالبة بالحقوق يجب أن تكون ثقافة".
وأضاف "كما يجب أن تكون هناك ثقافة مجتمعية للحرص على المياه، والعمل على ترشيد الاستهلاك"، مؤكدا أن "مستشارية الأمن القومي داعمة لجهود وزارة الموارد المائية، ويجب الدفاع عن الاستحقاق الوطني للعراق".
ويؤكد مسؤولون أن الحكومة العراقية مترددة في تقديم شكوى دولية ضد إيران، للحصول على حصتها المائية. وقال مسؤول في وزارة الموارد المائية، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوار مع إيران انتهى بالفشل، ولم نستطع الحصول منها على زيادة الإطلاقات المائية".
وأوضح، شريطة عدم ذكر اسمه، أن "هناك ضغوطا على الحكومة للتوجه بتقديم شكوى دولية لإجبار إيران على الالتزام بالحصص المائية المقررة، إلا أن الحكومة مترددة في السير نحو هذا الاتجاه"، مضيفا أن "العراق سيواجه أزمة مياه خانقة الصيف المقبل، في حال لم يتم حل الملف خلال هذه الفترة".
وتعاني عدة محافظات عراقية من موجة جفاف غير مسبوقة، بسبب قطع إيران روافد نهر دجلة، وتعد المحافظات القريبة من إيران والمعتمدة على تلك الروافد الأكثر ضررا من غيرها.